لمتابعة أهم الأخبار أولاً بأول تابعوا قناتنا على تيليجرام ( فجر نيوز )

انضم الآن

البخاري بمرمى النيران مجددا.. لماذا يهاجمون إمام الحديث النبوي؟



لا يكاد يتوقف الهجوم على البخاري أهم علماء الحديث في التاريخ الإسلامي حتى يتجدد في مناسبة أخرى، والملفت للنظر أن الهجوم المتكرر يضم شخصيات اجتماعية وثقافية وسياسية وإعلامية مختلفة لكن يجمعها موقف سياسي متقارب يدور في فلك مدعوم من دولة بعينها.

ومؤخرا شنت رئيسة مركز "رواق عوشة بنت حسين الثقافي" الأكاديمية الإماراتية موزة غباش هجوما عنيفا على "صحيح البخاري" بحضور وزير الدولة للتسامح نهيان بن مبارك آل نهيان، وقالت "إن البعد الاجتماعي العربي لا يزال متخلفا لإيمانه بما يسمى كتاب البخاري".

ويأتي هذا الهجوم الجديد على صحيح البخاري بعد أيام من هجوم مماثل عليه من قبل الداعية الإماراتي وسيم يوسف (من أصول أردنية فلسطينية) الذي أكد أنه لا يؤمن بالبخاري ولا السنة النبوية بشكل مطلق، مشيرا إلى أن إيمانه فقط يقوم على القرآن الكريم.

وسبق للداعية المثير للجدل عدنان إبراهيم أن اتخذ موقفا تشكيكيا مشابها من الإمام البخاري.

وغير بعيد عن هذه الأجواء وفي 27 أكتوبر/تشرين الأول 2018 قضت المحكمة الإدارية المصرية العليا بقبول طعن قدمه المحامي أحمد عبده ماهر يتهم فيه الأزهر "بالإهمال والمماطلة في تنقية صحيح البخاري من الأحاديث المدسوسة والمنسوبة للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم)".

وجاء قرار المحكمة في أعقاب دعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مرات عدة لمراجعة كتب التراث وتجديد الخطاب الديني، ودعا السيسي أيضا من أسماهم "الأساتذة المستنيرين" للقيام بثورة دينية لتجديد الخطاب الديني الذي ظل رهينة تراث محدود بمعطيات الماضي وأبعاده.

لماذا البخاري الآن؟
يقود البحث عن نشاط المؤسسات الثقافية الإماراتية وكتاب صحيح البخاري مباشرة لمؤسسة "مؤمنون بلا حدود" التي تعتبر أهم حلقات ما يسمى الجناح التنويري في المؤسسات الثقافية الإماراتية.

ويضم الجناح الآخر شبكة من المؤسسات الدينية الصوفية وأهمها "مجلس حكماء المسلمين" ومؤسسة طابة ومنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة وغيرها من المؤسسات، التي تتبنى رؤية صوفية تقليدية تتناقض ظاهريا مع "الجناح التنويري" لكنها تتفق معه في الموقف من الإسلام السياسي والربيع العربي والعديد من المواقف الإقليمية الأخرى.

تسعى الإمارات من خلال شبكة مؤسساتها "التنويرية" والصوفية على حد سواء إلى مواجهة الإسلام السياسي ثقافيا، وتفكيك الخلفية الثقافية المرتبطة بالإسلام السياسي والربيع العربي على حد سواء.

ولكن بخلاف دعم الثورات المضادة والتدخل ضد الحراك الشعبي في البلدان العربية، تستخدم المؤسسات الإماراتية خطابا ثقافيا غير مباشر يستهدف السرديات والبنية الفكرية للتيارات الإسلامية وحركات التغيير العربية.

وارتبطت بداية "مؤمنون بلا حدود" وتوسعة نشاطها في البلدان العربية المختلفة زمنيا بموجة الثورات المضادة والخريف العربي الذي ضرب المنطقة في 2013، وكان واضحا اهتمامها المبكر بموضوعات من قبيل نقد الموروث الديني والتراث والتنوير والتحديث وبشكل خاص التركيز على موضوعات مثل تاريخية النص ونقد الحديث النبوي.

وبدا واضحا منذ بداية نشاطها الذي شمل العديد من المؤتمرات والمنشورات، اهتمام المؤسسة بتناول السنة النبوية والحديث الشريف ورواته من منظور نقدي وتشكيكي، ففي كتابه "صورة عثمان وعليّ في "صحيحي" البخاري ومسلم" استند المؤلف لأعمال المستشرقين لنقد وتفكيك سيرة عثمان وعلي ومواجهة "النزعة الاحتفالية" على كتابة سيرة عثمان الواردة في "الصحيحين"، ويلاحظ استخدام علامتي التنصيص دائما لوصف صحيحي البخاري ومسلم وما أسماه المؤلف "تعمدهما إخفاء جوانب مشينة من سيرتي الرجلين".

ولا يتوقف اختلاط السياسي الراهن بالعلمي والبحثي في تناول المؤسسات الثقافية الإماراتية، فقضايا التراث الإسلامي وتناولها العلمي تبدو متأثرة بالموقف من التيارات الإسلامية المعاصرة والحركات السياسية الحديثة، ففي دراسة أخرى للمؤسسة ذاتها اعتبر أكاديمي تونسي أن "الرّواة والمحدّثين ملؤوا الثقافة الإسلامية بالخرافات وأساطير أهل الكتاب"، وهي مواقف تشكيكية تأتي متسقة مع خطابات إعلامية مماثلة برزت على الساحة مؤخرا.

ولا يعرف على وجه الدقة موقف الشخصيات الإسلامية القريبة من مؤسسات الإمارات الصوفية من هذه الدراسات البحثية والخطابات الإعلامية، فالشيوخ مثل عبد الله بن الشيخ المحفوظ بن بيّه والحبيب الجفري وحتى شيخ الأزهر معروفون برفضهم التشكيك في السنة النبوية وكتب الصحاح وأهمها صحيح البخاري.

وسبق لإعلاميين مصريين أن شنوا هجوما متزامنا على صحيح البخاري في صحف وقنوات مصرية، وشملت الحملة إسلام البحيري ومحمد عبد الله نصر الشهير بالشيخ ميزو وإبراهيم عيسى، وجاءت في وقت متزامن كذلك مع دعوة السيسي لتنقيح التراث وتجديد الخطاب الديني.

البخاري إمام الحديث الأكبر
ويعد محمد بن إسماعيل البخاري أهم علماء الحديث في التاريخ الإسلامي، واشتهر بكتابه الجامع الصحيح المعروف بـ"صحيح البخاري"، الذي قضى 16 عاما في جمعه وتصنيفه، وبلغت أحاديثه بما فيها المكرر الآلاف. وقبل تأليفه لصحيحه، كتب حول الحديث وأصنافه ورواته ورجاله.

وولد الإمام البخاري يتيما في مدينة بخارى، وطاف أرجاء العالم الإسلامي لطلب الحديث، ومع ذلك لم يعرف عنه مذهب فقهي محدد، ولم يكن له كذلك هوى سياسي معين.

وبحسب الباحث في الدراسات الإسلامية شريف جابر، لم يكد البخاري ينفرد بشيء من أحاديثه، وهذا يبين أنه ليس لديه تحيزات فكرية أو سياسية.

ويضيف جابر أن منهجية البخاري في التصحيح كانت صارمة ولم يكتف بالمعاصرة بل يستلزم اللقاء، وهذه المنهجية هي التي جعلته يضعّف الكثير من الأحاديث.

ويضيف جابر أنه من المهم مراجعة سيرة البخاري التاريخية، فالبخاري مات ولم يتسن له وضع اللمسات الأخيرة على كتابه كما هو معلوم وكان مضطهدا ومطارداً من السلطة والمقربين منها.

الرابط المختصر: