لمتابعة أهم الأخبار أولاً بأول تابعوا قناتنا على تيليجرام ( فجر نيوز )

انضم الآن

سر الرقم “313” قاعدة ايرانية في سوريا، تحت بصر إسرائيل



تلفزيون الفجر الجديد | نشر موقع "واي نت" الإخباري مقالا للكاتب يارون فريدمان، قدم فيه تحليلا لقيام إيران بإنشاء قاعدة عسكرية على الأراضي السورية، وعلى بعد (30) كم فقط من حدود إسرائيل، شارحا كيف أن إيران تقوم بذلك من خلال تجنيد السكان المحليين من الطائفة الشيعية لإنشاء الكتيبة رقم (313)، والتي يشرف عليها مباشرة الحرس الثوري الإيراني، حيث يدعمها بالمعدات والتدريب ودفع الرواتب والتغطيات المالية الأخرى، بالإضافة إلى مساعدات إضافية متنوعة تتلقاها الكتيبة من عناصر حزب الله اللبناني، وفق الكاتب:

تداولت وسائل الاعلام بشكل مكثف خلال الأشهر الأخيرة احتمال نشوء تهديد جديد لإسرائيل، وهو احتمال قيام إيران بإنشاء قواعد عسكرية دائمة لها في سوريا. كما تساءلت عن الموعد الفعلي المتوقع لقيام وتفعيل هذه القواعد. وقد تناولت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) هذا الموضوع مؤخرا، حيث ذكرت أن إيران بدأت فعلا ببناء قاعدة عسكرية دائمة لها في سوريا، بالقرب من العاصمة دمشق.
وعليه، فقد أصبح من المعروف أن إيران تقوم، وبسرية تامة وهدوء، ودون أية تصريحات علنية، بتجنيد الشباب السوري لإنشاء كتيبة لا تبعد في الحقيقة عن الحدود الإسرائيلية سوى (30) كم.

الكتيبة رقم (313): في انتظار "المسيح"

كشفت بعض المنظمات المعارضة في الجنوب السوري، وهو أحد المعاقل الأخيرة المتبقية بأيدي المعرضة، أن الحرس الثوري الإيراني أقام مقرا عسكريا في قرية "إزرا" المسيحية بمحافظة درعا، بالقرب من النقطة الحدودية الثلاثية الواصلة بين حدود سوريا-الأردن-إسرائيل، وذلك لتجنيد سكان محليين من الطائفة الشيعية، وغيرها من الأقليات الأخرى الموالية لإيران.

من الجدير بالذكر أن الرقم (313) معروف جيدا في أوساط القطاع الشيعي وخصوصا في إيران ولبنان، على اعتبار أنه رقم سحري بالنسبة لهم. فوفقا للتقاليد الشيعية، فإن الرقم (313) يمثل عدد المقاتلين الذين سيكونون برفقة المهدي (المسيح الشيعي، وفق مصطلح الكاتب) عند ظهوره. ومن الملاحظ أن مؤسسي اللواء (313)، والذي ما يزال كتيبة من حيث الحجم، قد أعطوه رقما واسما ذوا دلالات. فالرقم مسيحي، والاسم مسيحي كذلك، حيث أطلقوا على الكتيبة اسم "أنصار المهدي"، أي أنصار المسيح.

إن شعور الانتصار الذي تنتشي به الميليشيات الشيعية، التي تدعم الجيش العراقي والجيش السوري، في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) التي هي بمثابة "الشيطان السني"، يصل ذروته هذه الأيام. ولقد أوجد هذا الانتصار شعورا بالفخر لدى هذه الميليشيات، ورفع مستوى توقعاتها وتوقعات الأوساط الدينية الشيعية بقرب ظهور المسيح، أو المهدي المنتظر. ولا شك بأن غاية اهتمامات إيران الآن هي تحقيق الاستفادة القصوى من النشوة والصحوة الشيعية في العراق وسوريا على حد سواء، وذلك من أجل الحشد "للمعركة الأكبر" ضد "العدو الصهيوني".

من الواضح أن معظم المعلومات عن الكتيبة الجديدة لم تصل إلى وسائل الاعلام حتى الان. ولكن، يمكن العثور على بعض المعلومات من خلال حسابات "فيسبوك" و "تويتر" ترجع إلى بعض النشطاء المحليين، وذلك من منطلق مخاوفهم على مصير الأغلبية السنية في محافظة درعا. ووفقا لتقارير هؤلاء النشطاء، فإن الحرس الثوري الإيراني يقوم بتجنيد الكثير من أفراد الأقليات في تلك المنطقة، ولا سيما من القرى ذات الأغلبية الشيعية (مثل بُصرى الحرير، ونمار، وخربة غزالة، والشيخ مسكين). وبعد اختيار العناصر وتجنيدهم، يقوم الحرس الثوري الإيراني بتجهيزهم تجهيزا عسكريا جيدا، ويزودهم بالزي العسكري، بعد تدريبهم تدريبا قتاليا وتثقيفيا على مستوى عالي. ولا يخلو الأمر من مساعدة حزب الله اللبناني، حيث يقوم عناصره الناشطين في بلدتي إزرا والشيخ مسكين القريبتين بتقدم الكثير من المساهمات والمساعدات.

تنافس في التجنيد مع الجيش السوري والروس

تهدف جهود التجنيد المباشر التي تقوم بها إيران وحرسها الثوري في الجنوب السوري إلى التنافس في التجنيد مع الجيش السوري ورعاته الروس. حيث يواصل الإيرانيون، وهم يعملون في المنطقة باطلاع مباشر من اللواء رقم (12) في الجيش السوري، التوغل بين أوساط السكان المحليين لتجنيد الشباب. فيقومون بإقناعهم بالانضمام إلى الكتيبة (313) الجديدة، من خلال تقديم رواتب أعلى من المتوسط المعهود (وهو حوالي 200 دولار شهريا)، وكذلك أعلى من الرواتب التي يدفعها الجيش السوري والروس أيضا. ويفضل هؤلاء الشباب الانضمام إلى الكتيبة الجديدة (أي الكتيبة 313) من أجل التملص من الخدمة العسكرية العادية والاحتياطية في جيش بشار الأسد، وبالتالي، تجنب القتال على الجبهات المتقدمة التي ينشط فيها الجيش السوري. بمعنى اخر، يعتقد الشبان بأنهم اختاروا الأفضل، فهم يكسبون مالا أكثر، كما يتجنبون التضحية بحياتهم في جيش الأسد الموجود في مهام قتالية متواصلة.
من الجدير بالذكر أن تدريبات الكتيبة (313) تتم غالبا في ذات المنطقة، أي قريبا من أماكن سكن وبيوت الشبان الملتحقين بها. ولهذا فهي عامل تشجيع اخر لانضمام الشبان إلى الكتيبة، فضلا عن منحهم وثائق وشهادات التجنيد الرسمية التي تحمل شعار الحرس الثوري الإيراني. وتعتبر هذه الوثائق بمثابة بطاقات الشخصيات الهامة (في أي بي) حيث أنها تسهل لمجندي الفرقة التنقل والمرور عبر الحواجز ونقاط التفتيش سيئة السمعة، حيث يقوم جنود الجيش السوري بتهديد السائقين وابتزازهم.

تشير بعض المصادر إلى أن مقرا خاصا للتجنيد، التابع للكتيبة (313)، أقيم في منطقة جنوب عزرا، وأن أكثر من (200) شخصا قد دخلوا الكتيبة وأضحوا جندوا فيها بالفعل. تلفت المصادر النظر إلى أن الكثير من المجندين كانوا في منظمات ومؤسسات تدعم جيش النظام السوري، وتركوها في محاولة لتحسين ظروفهم.

تعتبر هذه هي المرة الأولى التي تقوم فيها إيران بتجنيد مواطنين سوريين بشكل مباشر. حيث كانت تقتصر في تجنيدها على الميليشيات الإيرانية، وبعض الميليشيات التي تضم عناصر أجنبية، وخصوصا من حزب الله اللبناني، ومن ميليشيات "فاطميون" الأفغانية، و"النجباء" العراقية.

إن الفكرة الإيرانية الكامنة وراء مبادرة إنشاء الفرقة (313)، هي تمهيد الطريق لإنشاء "حزب الله السوري". ففي حال قبلت روسيا مبدأ إخراج كل القوات الأجنبية من الأراضي السورية، وهو أحد الشروط الأساسية للمعارضة السورية، فستكون إيران قد استبقت كل هذه الترتيبات، وستكون بالتالي قادرة على تحريك قوة شيعية على الأرض السورية، عن طريق "الريموت كونترول"، أي التحكم عن بعد.
وقال أبو توفيق الديري، المنسق العام للجيش السوري الحر في المنطقة، في مقابلة مع إحدى الصحف الأردنية، بأنه يعتقد أن الهدف من إنشاء الكتيبة (313) هو أن تكون جناحا إيرانيا جديدا يتعاون مع حزب الله ضد إسرائيل.

مخاوف أردنية
تتزايد المخاوف في الأردن بشأن الوجود الإيراني في الجنوب السوري، والذي يمكن أن يشكل تهديدا للمملكة أيضا. وتعقيبا على ذلك، يقول محمد صبرا، المستشار القانوني للمعارضة السورية الذي يشارك في محادثات جنيف، في مقابلة مع صحيفة أردنية: "إن الوجود الإيراني في الجنوب السوري يشكل انتهاكا واضحا لاتفاق خفض التوتر في منطقة درعا، والذي تم التوصل إليه بتاريخ 7/7/2017، في اتفاق ثلاثي شمل الأردن، والولايات المتحدة، وروسيا.
وعلاوة على ذلك، فإن إنشاء القاعدة الإيرانية الجديدة يتناقض مع "اتفاق هامبورغ"، بين الولايات المتحدة وروسيا. فقد نص على عدم اقتراب أية قوة أو مجندين مسافة تقل عن (35) كم عن الحدود الأردنية، وعن الحدود الإسرائيلية. فالموقف الرسمي الأردني في هذا السياق متطابق مع الموقف الإسرائيلي، وهو: أن المملكة الأردنية الهاشمية لن تقبل أي وجود لميليشيات إيرانية بالقرب من حدودها.

مشروع الفرقة (313): استمرار لعمليات سابقة
لقد باءت الكثير من محاولات حزب الله السابقة، من أجل خلق جبهة ضد إسرائيل في مرتفعات الجولان بالفشل. وقد بدا العام 2015 وكأنه نهاية المشروع الإيراني في الجنوب السوري ككل. وقد بدأ مسلسل الانهيار للمشروع الإيراني، وفق الكاتب، في شهر كانون الثاني/2015، باغتيال جهاد مغنية، الذي كان مسؤولا عن فتح جبهة لحزب الله ضد إسرائيل في الجولان. وقد اختتم ذلك المسلسل باغتيال سمير القنطار، الذي كان مسؤولا عن تجنيد دروز السويداء في حزب الله.
لكن إيران نجحت في استثمار التدخل الروسي الذي بدأ منذ عامين لصالحها. حيث يعتبر تشكيل الكتيبة الإيرانية (313)، بمثابة مرحلة جديدة فيما يسميه السوريون ب "مثلث الموت الشيعي". ففي العام 2016، تولى نحو (500) من مقاتلي حزب الله اللبناني في الجنوب السوري مهمة السيطرة على المثلث الهام الواصل بين: جنوب دمشق، والقنيطرة، ودرعا. وقد قام حزب الله بارتكاب عملية كبيرة للتطهير العرقي شملت نحو (40) ألف من سكان تلك المنطقة، أغلبهم من الطائفة السنية. وقد انضم معظمهم للقتال مع المعارضة، إلا أن حزب الله لا يسمح لهم بالعودة إلى منطقتهم بحجة أنها "منطقة عسكرية مغلقة"، فتصبح هذه ذريعته لتطهير المنطقة منهم، وفق الكاتب.

تغييرات ديموغرافية لصالح الشيعة
لقد أدى هروب الملايين من اللاجئين من سوريا، ومقتل مئات الالاف الاخرين إلى إحداث "انقلاب" في البنية الديموغرافية للبلاد. فحتى العام 2011، كانت نسبة العلويين تشكل (11%) من مجموع السكان في سوريا، أما الشيعة فكانوا (2%) فقط، فيما شكل المسيحيون (10%)، والدروز (3%)، كما كان الأكراد المسلمون (10%)، وشكل العرب السنة الأغلبية العظمى فوصلت نسبتهم إلى (64%) من سكان سوريا، في العام 2011.
كانت معظم المعارضة السورية، وداعميها ومؤيديها، تتشكل من العرب السنة. وكان بعض الأثرياء السنة يؤيدون نظام الأسد بسبب المكتسبات المادية، والاحتكارات الاقتصادية التي حظوا بها من النظام في دمشق.
وعلى اعتبار أن الغالبية العظمى من اللاجئين السوريين (أكثر من 5 ملايين)، وقتلى الحرب (أكثر من نصف مليون) هم من أبناء الطائفة السنية، فإن عدد العرب السنة في البلاد سجل تراجعا كبيرا فوصل تعدادهم إلى أقل من (50%). ولا شك بأن تغيرا دراماتيكيا مثل هذا يعطي النظام السوري وإيران قاعدة أكبر من التحكم بمجمل الوضع في سوريا. يضاف إلى ذلك الأعداد الهائلة من الشيعة "المستوردين" الذين تدفقوا على الأراضي السورية (ضمن الحرس الثوري على الأرض، والميليشيات الأفغانية، والعراقية، وحزب الله، وفق الكاتب). وهو ما سمح لإيران بتغيير البنية الديموغرافية والتوسع الى أكبر حد ممكن في الغرب السوري.

الانتشار الشيعي في سوريا
وفقا لمصادر مفتوحة (أي مصادر شبكات التواصل الاجتماعي)، فإن لإيران ثلاث قواعد عسكرية في سوريا اليوم: واحدة تقع في الجنوب السوري وتحديدا في مطار دمشق وهي القاعدة الرئيسية، وواحدة تقع في منطقة السيدة زينب بريف دمشق، والثالثة تقع في الشمال وتحديدا في جبل عزان بالقرب من مدينة حلب.
كما أن لدى حزب الله أربع قواعد تقع على طول الحدود السورية مع لبنان، وهي: واحدة في منطقة القصير، وواحدة في الزبداني، وواحدة في جبال القلمون، والرابعة تقع جنوب سرغايا.
ورغم وجود هذه القواعد الشيعية السبع تحت سيطرتها، تحاول إيران هذه الأيام التوصل مع الروس إلى اتفاق لإنشاء قاعدة بحرية في شمال غرب سوريا، بالإضافة إلى بناء قواعد جوية في مناطق أخرى في البلاد.
يخلص الكاتب إلى القول: "يمكن أن تشكل القواعد الإيرانية الواقعة في دمشق، على بعد (70) كم فقط من مرتفعات الجولان، تهديدا خطيرا لأمن دولة إسرائيل في المستقبل القريب. أما الكتيبة رقم (313)، والتي يتم انشاؤها على بعد (30) كم فقط من حدود إسرائيل، فهي تعتبر خطرا قريبا ووشيكا، ويجب التعامل معه".

ترجمة: ناصر العيسة، عن: موقع "واي نت"

الرابط المختصر: