لمتابعة أهم الأخبار أولاً بأول تابعوا قناتنا على تيليجرام ( فجر نيوز )

انضم الآن

حسام القاسم..محاضرٌ في خضوري بمسيرة مبدعة



قصة صحفية: إبراهيم كتانة- طالب إعلام في جامعة فلسطين التقنية "خضوري"

   تستبشر بوجهه خيرا، يجرّ عربته المتحركة بكل عزيمة وإصرار، وينشر الطاقة الإيجابية أينما حل، ويداعب ذاك ويسأل عن أحوال تلك، ليلفت انتباهك ويدفعك لتستفسر عنه فتعلم أنه المحاضر في جامعة فلسطين التقنية "خضوري" حسام القاسم ( 55 عاما) الذي أحبّه الجميع وانتشر عبقه في أروقة الجامعة، ليتسابق الطلاب من أجل الالتحاق بمحاضراته.

  في بيت بسيط من إحدى أحياء محافظة طولكرم، تشارك حسام  مع سبعة أشقاء وأربع شقيقات في نسج أحلامهم وتحقيق طموحهم، فكانوا السند والمدد لبعضهم البعض في ظل وضعهم المادي البسيط.

  سعى والده من خلال عمله موظفًا في المحكمة لسدّ رمق أبنائه وتوفير احتياجتهم لكن "العين بصيرة واليد قصيرة"، ليقدّر أبناؤه وضع والدهم وينخرطوا في مجال العمل إلى جانب دراستهم، فكان منهم الصيدلاني وطبيب الأطفال والمحاضر الجامعي الذين لم يتوانوا لحظة في مدّ يد المساعدة وانتشال من ضاقت عليه الدنيا منهم.

شغفٌ بالرياضة…

  منذ صغره عُرف بولعه الشديد في الرياضة، ليدفعه ذلك لقضاء ساعات عديدة في الملاعب الرياضية يتنقل بين كرة القدم واليد بكل تميز ومهاراة، ساعيًا لتطوير مهاراته وجعل اسمه يلمع في عالم الرياضة، فكان خير خيارٍ ليشغل حارس المرمى في فريق مدرسته الفاضلية الثانوية.

  كلما زادت سنين عمره وكبر حبه وتعلقه، وتفتحت زهور ربيعه، فأحبّ الرياضة وأصبحت جزءًا يجري في شرايينه،  لكن الظروف المادية حالت أن يكمل دارسته الجامعية ببرنامج بكالوريوس الرياضة، فاختار العمل في جمعية زراعية وأكمل دبلوم الرياضة في جامعة فلسطين التقنية "خضوري" ليطفئ نار حبه ولو بالقليل موازنا بين العمل والدراسة على مدار سنتين.

  لربما دعاء النزلاء له في جمعية دار اليتيم العربي الذي عمل معهم متطوعًا لمدة ثمانية شهور بجانب كده واجتهاده، مكّنه من حصد المركز الأول على تخصصه في جامعة خضوري بكلّ جدارة، وإخلاصه في عمله ومبادرته لفعل الخير دفعت إدارة الجمعية لتوقيع عقد معه لمدة 5 سنوات لتنفتح طاقة الفرج على حسام ويلتحق بجامعة القدس المفتوحة ويكمل دراسة البكالوريوس في العلوم التربوية. 

 وليكتمل الخير في حياته، فعمل موظفًا في مديرية الشباب والرياضة في طولكرم مع قدوم السلطة الفلسطينية، بعدها بقليل وصله قرار من الرئيس ياسر عرفات بتعيينه مديرًا لمديرية الشباب والرياضة في محافظة قلقيلية لمدة عام ونصف، وكان لا يزال على مقاعد الدراسة في جامعة القدس المفتوحة.

محطات إنجاز…

  مسؤوليته الكبيرة لم تجعله يقف هنا، فطموحه ومسيرته المتميزة  كانت حافزًا ليكمل مسيرته التعليمية بكل شغف ومثابرة ساعيًا للحصول على درجة الماجستير في جامعة النجاح الوطنية عام 2001م، مكللا عام 2003م بإنجازات جميلة، فقد أنهى دراسته للماجستير بحصوله على المركز الأول في أربعة تخصصات تندرج تحت العلوم التربوية.

  وعلى إثر هذا النجاح الباهر ترقّى من مدير بدرجة "c" إلى درجة "a",، وبدأ بالعمل محاضرًا  في جامعة القدس المفتوحة.

  ستة شهور احتاجها قاسم لاتخاذ قرار بإكمال درجة الدكتوراة فكانت جامعة عين شمس في مصر وجهته الجديدة ومكان تميّزه الجديد، ولكن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن أحيانًا، فقد اختار موضوع تقييم الأداء المؤسسي لجامعة فلسطينية لكن رئيس الجامعة رفض الموضوع معتبره شيئا سلبيا، فدافع قاسم قائلا: "هذا بحث علمي ويجب دعمه" إلا أنه أصرّ على موقفه، مشترطا الموافقة إذا شمل التقييم بقية الجامعات الفلسطينية، لكن هذه المرة كان الرفض من جامعة عين شمس.

  لجأ قاسم لرئيس الوزراء الدكتور رامي الحمد الله، ليتواصل معه عبر الهاتف يخبره عما يحيط به من مشاكل تعيق إكمال دراسته، فطلب الحمد الله منه الحضور إلى الجامعة للتناقش وإيجاد حل، فاقترح عليه أن تكون دراسته عن جامعة النجاح.

  لم يترك حسام الوقت يمرّ فأسرع بالتحدث مع رئيس القسم في جامعة عين شمس ليكون الرد إيجابيًّ، بشرط  مناقشة الفكرة من جديد في الجامعة ما جعله يستدين المال من أجل سفره إلى مصر، ولكن الذي خفف عليه  أن أساسيات بحثه كانت موجودة فما عليه سوى تغيير بعض الأمور، ليكون قد أنهى رسالة الدكتوراة في ثلاث سنوات ونصف بعد تجاوز عقبات كثيرة. 

نقطة تحول…

  وبعد أن أنهى درجة الدكتوراة وعاد إلى الوطن، ترقّى إلى درجة مدير عام بأمر من وزير الشباب والرياضة متنقلا بين سلفيت ورام الله عام 2012م.

  وفي ليلة من الليالي، شعر حسام ب"خدران" في قدميه، ليتكرر الأمر عدة مرات ما جعله يقلق على صحته ويتوجه لاستشارة طبيب، وبعد إجراء فحوصات عدة تبين أنّ هناك نقطة دموية في قناة النخاع والتي بدورها أثرت على سريان الدم إلى الجزء السفلي من جسمه.

  تفاقم الوضع الصحي لدى القاسم وزادت خطورة النقطة الدموية التي فصلت الجزء العلوي عن السفلي من جسده، ما أدى إلى إصابته بضمور في عضلات القدمين، فاستلزم إجراءه عملية جراحية للتخفيف من وضعه لكن 24 يومًا كان كفيلا بأن يقلب الحال "انا دخلت المستشفى على رجلي وخرجت بدون إحساس بالرجلين" كلمات سردها حسام وهو يستذكر ما جرى.

  وبعد حديثه مع الدكتور المشرف على صحته، تبين أن هناك خطأ طبيّا، وتعينت له عملية في الليلة نفسها، واستطاع إزالة كمية كبيرة من الدماء من منطقة الظهر، والتقرير الموجود عنده لا يظهر وجود قطع بالعصب بل بقعة دموية يمكن الجسم أن يمتصها ولكن تحتاج إلى وقت،  فتصبح الكرسي المتحرك ملازمته أينما حل وارتحل.

  انتهت مسيرة حسام محاضرًا في جامعة القدس المفتوحة التي استمرت تسعة أعوام،  وعلى إثر المشكلة الصحية التي ألمت به وأصبحت نقطة تحول في حياته نقل اعتماده إلى جامعة خضوري ليشغل ثلاث مناصب عدة متنقلا بين التدريس وإجراء الأبحاث والعلاقات مع المؤسسات متحديا بذلك وضعه الجديد.

  وليثبت لنفسه أنه هو من يصنع النجاح لا الظروف التي تحيط به، ثلاثة أبحاث هي من تشغل حسام اليوم بين جامعة القدس المفتوحة، وبحث ثان لجامعة كويتية ، وثالث يفكر في تقديمه لجامعة النجاح الوطنية.

 "يجب أن يتسلح الشخص بالإرادة، فالإنسان الصادق هو الذي بإمكانه الوصول إلى هدفه، وبالكذب والمراوغة يستطيع أن يخدع الناس مرة أو مرتين، ولكن في النهاية سيكون إنسانا فاشلا لأن الشمس لا يمكن تغطيتها بغربال"، هي خلاصة تجربة حسام القاسم مع حياة كانت مليئة بالعقبات وما زالت مستمرة بالإنجازات.

الرابط المختصر: