لمتابعة أهم الأخبار أولاً بأول تابعوا قناتنا على تيليجرام ( فجر نيوز )

انضم الآن

رباب جرار..روح الإبداع في خضوري



قصة :سارة أبو صالح- طالبة إعلام في جامعة فلسطين التقنية "خضوري"

 تسعة وأربعون ربيعا أتمتها في نهاية نيسان، تفتحت زهورها في وادي برقين قضاء جنين، تعمل بكل شغف في وظيفتها وتساعد الطلبة بحنان عاطفتها كأنها الأم التي بعثها القدر لهم .

 من عائلة تتكون من ثلاثة أبناء، تحتل عميدة كلية العلوم والآداب في جامعة فلسطين التقنية "خضوري" رباب جرار المركز الثالث، لتكون مدللة العائلة، وتعاني فقدان الأب عندما بلغت الأربع سنوات من عمرها، فتصبح والدتها الداعم الأول لها ومصدر القوة التي تتحلى بها. 

 أتمّت رباب الدراسة الأساسية في مدرسة قباطية تحت رعاية والدتها التي تشغل منصب مديرة المدرسة، لتكمل فيما بعد دراستها الإعدادية والثانوية في مدارس جنين حاصدة المراكز الأولى على مدار السنين، وتكون نهاية طريقها المدرسي كما يقال كالمسك فتنهي الثانوية العامة بمعدل "95.1" بالمائة وتكون من ضمن العشر الأوائل على الضفتين آنذاك عام 1988م.

 عقل والدتها المتفتح وإدراكها أن العلم سلاح الفتاة في حياتها لم يجعلها تقف أمام المنحة التي حصلت عليها رباب في الجامعة الأردنية، فسافرت إلى الأردن لتلتحق بمنحة الطب المخصصة لها.

  ولكن حبها لعالم الفيزياء والرياضيات جعلها تتخذ قراراً يغير مسار طريقها على الإطلاق،  وبكل حزم وثقة في أول أيام الدوام تتجه إلى مرشد السنة الأولى وتقدم طلب تحويل من كلية الطب إلى كلية العلوم وتختار الفيزياء وجهة التميز الجديدة.

 ولأنها سعت للتشبث بهذا التميز طوال حياتها، أنهت رباب دراستها الجامعية في ثلاث سنوات ونصف، وكانت الرقم الأول في الكلية، لتلبث مدة زمنية قصيرة في أرض الوطن وتعاود إكمال دراستها بدرجة الماجستير مرة أخرى في الأردن.

 "شعور جميل اجتاحني حين أصبحت زميلة لمعلماتي في مدرسة جنين الثانوية، فكنت المدللة بينهم ومصدر الفخر أمامهم ولكن إحساس الطالبة كان ما زال موجودا لدي"، كلمات استذكرت بها رباب عملها معلمة في مدرستها الثانوية بجانب معلماتها في جنين بعد أن قضت سنة في مدرسة سيلة الظهر.

   كانت وجهتها الجديدة في النمسا لتكمل الدكتوراة كمنحة قدمت لها، لكن قلب أمها شعر أن المرض سينقض عليها، فحاولت الوقوف في وجهها على غير عادتها وقالت لها: "بكفي دراسة".

  وما هي إلا أيام قليلة حتى تمرض والدتها لتكون رباب بجانبها عكازة تتكئ عليها بكل حب حتى توفيت. فتعيش رباب الفقدان مرة أخرى وبصعوبة كبرى لأن حياتها بنيت بسواعد والدتها قبل أن تبنى بسواعدها.

 تميزها وصِيتها الجميل جعلها تتبوأ منصب مشرفة في مديرية قباطية،  لتختار القاهرة وجهة  لإكمال الدكتوراة أثناء عملها، فتضطر لأخذ سنتين إجازة بلا راتب لتعطي دراستها حقها وتنفذ تجاربها في المختبرات بكل حرية.

 عادت لأرض الوطن بعد أن اجتازت شهادة الدكتوراة عام 2007م، وقدمت طلب توظيف  لجامعات الوطن لتلاقي الرفض لعدم وجود شواغر، فتسلل اليـأس إلى قلبها وأصاب الحزن روحها قليلا، لتتجاوز هذه العقبة بالتقدم لمنحة أبحاث في الولايات الأمريكية مع 150 متقدم وكما اجتازت عقباتها اجتازت من معها وحصلت على المنحة.

  مع بدء موسم تصحيح امتحانات الثانوية العامة واستمرار عمل رباب منصب مشرفة تربوية، كانت مدرسة العدوية نقطة تحول في حياتها عند سماعها أحد الزملاء يتحدث عن وظائف جديدة في جامعة  خضوري بعد أن كانت كلية تقنية، فاستغلت الفرصة وتوجهت لتحصل على فرصة التدريس وتأسيس قسم فيزياء من الصفر بمساعدة سواعد زملائها حتى أصبح القسم قائما بكل نجاح وتميز عن باقي الجامعات الأخرى. 

  قضت سنتين في رئاسة القسم وأثبتت  جدارتها لتنصب عمادة  كلية العلوم والآداب في الجامعة التي تضم ما يقارب 1000 طالب، وتخدم فوق ٢٥٠٠ طالب من باقي الكليات.

  من ثنايا نجاحات تلك المرأة تختم حكايتها بكلمات توجهها للأجيال القادمة بأن يتركوا بصمة لهم أينما ذهبوا، وأن يبتعدوا عن اليأس الذي لا فائدة منه، فالشخص هو الذي يصنع مستقبله بيده لأجله ولأجل من يحب كما فعلت رباب "فنجاحي كله كان حافزاً داخلياً، كما وأردت من خلاله رد المعروف لوالدتي ولو بالقليل" حسبما روت.

 في الطابق الأول من مبنى كلية العلوم والآداب في جامعة فلسطين التقنية "خضوري"، ترى أثناء زيارتك له مكتب عميدة الكلية يكتظ بالزائرين من أساتذة وطلاب، فحبها الذي ملأ المكان وطريقة تعاملها اللطيفة جذبت من حولها، ولكل سائل لديها جواب.

الرابط المختصر: