لمتابعة أهم الأخبار أولاً بأول تابعوا قناتنا على تيليجرام ( فجر نيوز )

انضم الآن

اعتقالاته المتكررة لم تقيّد شغفه بالفن



قصة صحفية: ساجدة قوزح- طالبة إعلام في جامعة فلسطين التقنية "خضوري"

  منذ عام 1986م، مارس الرسم والفنون التشكيلية والأعمال اليدوية، وشغف الفن منذ نعومة أظفاره وتألق في المدرسة من ناحية فنية حتى أن زملاءه كانوا يعتمدون عليه في كل تفصيل صغير، ولكن قيود الاحتلال الإسرائيلي كانت المعيق له سنوات عدة.

  الأربعيني إياد زيدان من بلدة دير الغضون شمال طولكرم، ويعمل رساماً ومتطوعاً في دار قنديل بطولكرم، بدأت حكايته بالرسم التشكيلي في أجواء جميلة ومشجعة على حب العمل وشغفه برفقة شقيقه الكبير، فتح معرضا وسجن بعدها مع الفنان الراحل رسل أبو صاع.

متميز منذ صغره…

 وفي مرحلة المدرسة، لفت انتباه أساتذته الذين شجعوه ودعموه، وكان طلبة صفه يعتمدون عليه، وإذا رأى أية لوحة يقلدها حتى في رسم الملصقات والرسومات التي تكون على غلاف كتب الشعراء.

 مرت فترة عندما أمسك إياد فيها القلم أبعد عن الرسم، وفي مرحلة الانتفاضة الأولى آنذاك كان عمره عشرة سنوات، كان واعياً، وللعلم الفلسطيني كان طابعاً مؤثراً.

 سرد إياد حكايته قائلا: "كنت أرسم الملثمين بالحطة والقناع فأثر بمخيلتي ما هو هذا الشيء وما معناه، بالمدرسة كنت أحب رسم صورة الملثم وحامل الحجر، وأثر بداخلي، وأصبحت أتبع الطابع التشكيلي (الفن المتزن)"  

 تعرضت أسرته للاعتقال وهو أيضاً في الانتفاضة الأولى، ما أثر على مخيلته في الرسم تحديدا في موضوع المقاومة والاعتقال ومداهمة الجيش ومسيرات الشهداء.

اعتقالات عدة…

 وعندما خف وهج الانتفاضة الأولى تبلور عند إياد فكرة الفن بعد اعتقاله في عام 1994م، بعمر 16 عاماً، وفي السجن تعرف على الأسرى واكتسب منهم الخبرة وثقافة المقاومة والفن وخدمة القضية ورسم رسومات بسيطة تعبر عن حالة الأسر.

 كان لدى إياد وعي أن الفن يقدم رسالة للمجتمع وليس مجرد جماليات ورسم شجرة أو جبل أو منظر طبيعي وشلال، وتوصل لوحاته رسالة تعبر عن القضية الإنسانية.

 طوّر من مهاراته، ونمى فكرة بداخله أن يرسم لوحات فاشترى الألوان الزيتية وبدأ يلون على الأقمشة المتوفرة بالمنزل، ويرسم لوحات تراثية ولوحات لها علاقة بالانتفاضة الأولى من مظاهر وأشكال وبعض رموز المقاومة وكانت الشمولية عليها أكتر.

  تعامل إياد مع الأمور الرمزية في إحدى الرسمات لملثم على الحصان وحامل "مقلاعية" وأن تكون بجانبه عجلات ووراءه قرية قديمة وفجر وشمس وطيور، وأخذ الطابع الرمزي منذ البداية ولوحات عن الرحيل وعن النكبة.

 عندما كان عمره ثمانية عشرة عاما، رسم خمسة عشر لوحة، وبعدها سجن سبعة أشهر، ورسم ستة عشر لوحة مع ابن خالته، وفتح أول معرض له عام 1998م في وزارة الثقافة بطولكرم، وشهد حضوراً كبيراً.

 بعد فترة، اعتقل إياد خلال عمله ضمن مشروع ضخم، وفي عام 2005م عمل متطوعا بمؤسسة شعاع لتنمية الشباب والمواهب وكان كادرا فيها ومسؤولا عن الدائرة الفنية، فبدأ يرسم بطريقة  هائلة عددا من اللوحات وصلت خلال أربعة شهور إلى 85 لوحة.

معارض عديدة…

 صدفة، تعرف إياد على مؤسسة ألمانية كان يريد أن يعمل من خلالها سلسلة معارض بألمانيا والنمسا وهولندا والسويد، ولكن قبل سفره بخمسة أيام اعتقل مدة سنتين ليكون دافعاً اكبر له للعمل بإصرار.

 وبعد خروجه من السجن عاد لمؤسسة شعاع فترة قصيرة يمارس من خلالها الفن، ليعمل لاحقا بموضوع تجاري بالتزامن مع المشروع الفني عنده والمستمر فيه باللوحات التشكيلية والمعارض، كالديكورات الخارجية والداخلية والفن التجاري واللوحات الطبيعية والرسومات الشخصية، ليكون مصدرا دخل له.

 منذ 12 سنة تقريبا، أخذ إياد ورش خاصة بمجال الديكورات، ليصبح دافعا له للتطوع في المؤسسات بشكل موسع، وشارك بالأعمال التطوعية بشكل فعال

 وفي الانتفاضة الثانية عام 2001م، كان أول معرض لإياد في جامعة القدس المفتوحة، احتوى ما يقارب 30 لوحة أغلبهن أخذ طابع الفن المتزن بكافة أشكاله ليس بالرمزيات فقط.

 في زمنه لم تكن وسائل التواصل الاجتماعي موجودة على نطاق واسع، فكان يشغف القراءة والمطالعة مدة ثلاث سنوات، ويستعين من مكتبة البلدية كل شي يخص الفن وحضارات الشعوب القديمة، مثل: الحضارات الموجودة بالبيرة والمكسيك والصين ومصر، وعلى الحضارات الكنعانية بشكل موسع والتاريخ الذي يخصها.

 عبّر إياد عن القضية الفلسطينية في الفن التشكيلي، من خلال المدارس الفنية وهي السريالية والتي تقوم فكرتها على دمج الواقع من اللاواقع، مثلا الشخص يتحدث عن موضوع ما.

 وتدمج القصة الأسطورية في الخيال لتعطي قيمة للحدث، عندما يستشهد مقاوم ما  ويقصف بصاروخ، لأن الحدث بحد ذاته يعجز العقل البشري على ترجمته.

 نظم إياد سلسلة من المعارض على مستوى جامعات الضفة الغربية مثل الجامعة الأمريكية وجامعة النجاح.

 وفي القدس ورام الله كان هناك جولة معارض في عام 2001م، في ظل ظروف الاجتياح وأحداث المقاومة وأحداث الانتفاضة الثانية، ففي حال أرادوا الانتقال إلى منطقة أخرى يضعون اللوحات على أيديهم، ويواجهون متاعب كثيرة.

 وكان الوضع الاقتصادي صعباً في أيام الاجتياح، وأول مؤسسة بدأت بين عامي 2002 و2003م في ظل الظروف الصعبة، ووزارة الثقافة لم يبقى لديها الإمكانات وكان أكثر ما تقدمه تنظيم معرض فقط دون دعم.

الفلكلور جزء من حياته….

 ركز إياد على الفلكلور، وخاصة الدبكة الشعبية والرقص الشعبي، وعمل في مؤسسات مثل مؤسسة تامر ومؤسسة صابرين للإنتاج الفني، وحاليا في دار قنديل بطولكرم في مشاريعها الكثيرة والمتواصلة.

 وعلى صعيد المشاركات والأعمال لدى إياد 150 لوحة فنية وتحف ومعارض كثيرة، وفي طولكرم رسم جداريات عديدة، ونصبا تذكريا خارجيا، وعمل مشاركات في إيطاليا، وآخرها معرضا في ألمانيا في برلين عام 2017م مع مؤسسة صوت فلسطين.

 "بتخربش"، أكثر كلمة سمعها إياد، حتى أن والدته أدركت بعد فترة أن الفن له نتيجة، وشكل عدم معرفة الناس أن الفن له دور في المقاومة والقضية الفلسطينية عقبة له، ليبدأوا بعد فترة بتقبل الفن.

 آمن إياد بطموحه، وأصر أن يكمل في طريق أحلامه ليحقق نتائج سواء على المستوى الشخصي أو المحيط حوله  ليقدم إحساسا حقيقياً من خلال رسوماته.

الرابط المختصر: