لمتابعة أهم الأخبار أولاً بأول تابعوا قناتنا على تيليجرام ( فجر نيوز )

انضم الآن

عشقه لمهنته جعله من كبار الأعمال



قصة صحفية: ندين رداد- طالبة إعلام في جامعة فلسطين التقنية "خضوري"

 

  ثمّةُ قميصٍ لفت نظر طفلٍ بالغٍ من العمر 14 ربيعاً لمواطن في بلدته، فما كان على طفولته وبراءته سوى أن تعانق سماء طموحه الذي حاول جاهداً أن يكون خارج نطاق البساطة، فلم يكن راضٍ عن عمله في الأرض، بل انتقلت أحلامه عبر طائرة الأمل، ومحطة القوة لتقلع من أرض فلسطين، وتصل لأرض الأردن لمجرد أنه أُعجب بقميص يرتديه أحد مواطني بلدة صيدا الواقعة في الشمال الشرقي من طولكرم.

 

  لم يكن في جعبته الغنية سوى ثلاثة دنانير وقميصه وبنطاله، تلك هي حقائب السفر الوهمية التي انتقل بها فهمي أشقر في خطوات تحتضن الأمل ليصل بها إلى الأردن.

 

  بدأ عاملاً بسيطاً في مطعم في عمان، لم يكن هذا ما يسعى إليه، كان يسعى إلى أن يجعل من إصراره ريشة يلوّن بها أحلامه التي يطمح رسمها بمخيلته،  وفي يومٍ من أيامه الروتينية، وهو يعلو رأسه باتجاه السماء متأملاً، لمعت عيناه على لافتةٍ كان قد خُطَ عليها "ورشة تبريد وتكييف"، توجه إليها بخطوات واثقة، وأيقن أن هدفه الذي جاء من أجله بدأ بالتحقق من هذا المكان.

 

  دخل بقلب شغِف، مطالباً صاحب تلك الورشة بأن يعلمه ما في جعبته من هذه المهنة، لكن قطار أمنيته توقف على سكته الحديدية عند هذه المحطة، راوده شعور أن ذلك القطار سيقف حائراً، ويسير تائهاً في سكته الطويلة.

 

  وإذ بيدٍ بيضاء تعيد له الأمل من جديد، تلك اليد التي رأت به شخصاً طموحاً واستهواها بريق عينيه الذي عرف من خلاله أنه شاب ذكي، بدأ مشوار الحلم، وأصبح يتقن مهنته شيئاً فشيئاً، حينئذٍ تنبأ ذاك الرجل الخليجي له بمستقبل باهر، فقرر أن يأخذه معه إلى الكويت، ارتفع على درجةٍ أخرى من سلم أحلامه، وبدأ العمل بمصنع للتبريد والتكييف.

 

   وفي يوم مليء بالحظ، وغائمٍ بالخير، تغيرت حياة فهمي رأساً على عقب، وشاءت الأقدار لتتعطل أجهزة التكييف في بيت أمير الكويت الذي كان مسافراً، فما كان لهذا العطل الكبير إلا شخصاً متمكناً يستطيع حله، واتجهت بوصلة الاختيار صوب فهمي.

 

 انطبقت عليه عبارة الرجل المناسب في المكان المناسب، واستطاع أن يصلح هذا العطل بوقتٍ قصير، وعندما عاد الأمير إلى قصره، شعر ببرودة قد أنعشت روحه، فاندهش الأمير من هذا العمل، وطلب منه أن يأتي لكي يتعرف عليه.

 

 بدأت الافكار تتخبط برأس فهمي، ما هو سبب طلب الأمير للقائه؟ شعر برهبة فظهرت علامات التساؤل على وجهه،  وحرصاً منه على الأدب والأخلاق، نوّه له صاحبه كيف يمكنه أن يسلّم عليه، فقط يصافحه ويقبّل كتفه.

 وعند لقائه بالأمير فعل ذلك، سأله الأمير عن تعليمه، واكتشف أنه لم يتعلم إلا بورشة قصيرة، فما كل هذا الإبداع الذي ظهر ورشة بسيطة؟ فقد أدرك الأمير أنه يستحق فُرص أفضل لكي يصل إلى مراتب أعلى.

 

 لم يكتفِ فهمي بمهنته، أصبح يجدد المكيفات والأجهزة الكهربائية بنفسه، لم يعتمد على أحد من المهنيين فاعتمد على نفسه بشكل كلي. عندها قرر أن ينتقل لدولة الإمارات، حاول أن يقدم وظيفة للالتحاق بالجيش لكن لم يحالفه الحظ.

 

  قرر أن ينجز المناقصات مع الجيش الإماراتي لأجهزة التبريد والتكييف والكهربائية، ومن هنا قد وصل إلى آخر درجة من سلم أحلامه، إلى ما يريد وأكثر، العقبات التي واجهته كانت حافزا لأن يعلو ويستمر، لأن يكون رجلاً كما كان يحلم، لأن تكون أحلامه واقعاً، لأن يصل إلى ما يريد.

 

  لم يكن فهمي مجرد عاشقٍ لمهنته، بل حامداً لله الذي وهبه من نعيمه وخيراته، نظر إلى الحياة بعين الرحمة والعطف، وجعل من أمواله رؤوس مال للكثير من المؤسسات الخيرية، شكٍل مملكته الخاصة به بعطائه وكرمه، ليكفل اليتامى، ورضي بأقل القليل، حتى أنعم الله عليه ومنحه الكثير.

 

  أصبح فهمي وبمحض الإرادة الكونية  من كبار رجال الأعمال، ولديه الكثير من العمارات السكنية داخل البلاد وخارجها، امتدت أمواله لتشكل شبكة خيرية ناطقة باسم الخير، كرمه واحتضانه للغير منحه الكثير من البركة. "ولئن شكرتم لأزيدنّكم"، كان هذا شعار فهمي بالحياة.

الرابط المختصر: