لمتابعة أهم الأخبار أولاً بأول تابعوا قناتنا على تيليجرام ( فجر نيوز )

انضم الآن

ثلاث سنين تضّحي بها دنيا واكد في سجون الاحتلال



قصة صحفية: بيسان خلف- طالبة إعلام في جامعة فلسطين التقنية "خضوري"

 ما يقارب الثانية صباحا من السابع والعشرين من شهر أيار من عام 2013م، اعتقلت الثلاثينية دنيا واكد من بيت والدها في مدينة طولكرم بعد مداهمة قوة كبيرة من جيش الاحتلال الإسرائيلي لهم، وسرقة مبلغ من المال المخصص للأسرى، ومهر اختها وأجهزتها الخاصة.

  فيما كانت والدتها في رحلة سفر، وعادت ليلة اعتقال دنيا، دقت ساعة وداعها لأهلها وخاصة أمها التي لم تراها منذ فترة، واعتادت يومياً على احتضانها بقول، وكأنما تقول: "لا تخافي فأنا اقوى منهم جميعا ولا يخيفني اعتقالهم".

 همّ الجندي على وضع (الكلبشات) الحديدية بيديها لكنها صرخت بوجهه: "ليس أمام لأمي"، ألقت النظرات الأخيرة على أمها وأخوتها والدموع في عينيهم، وتركتهم حزينة.

عذاب السجن…

 أغلقوا عينيها ووضعوا يديها وراء ظهرها، طوال طريقها لم ترى إلا الظلام شديد السواد، وصلت دنيا إلى مكان لم تعرفه أبدا، وفي الصباح الباكر استيقظت على صوت "آاااااه" من تعذيب الشباب.

 احضروا لها بدلة الاعتقال بنية اللون، التي رأتها سوداء، وضعوها في غرفة لم يتجاوز طولها المتر، وباب حمام تلك الغرفة مقابل لباب الزنزانة مباشرة، وفرشة لا تصلح لشيء. ولأن هدف الاحتلال هو تدمير الاعصاب وضعوا لها مغسلة تصدر صوتا كلما سقطت قطرة من المياه.

  في اليوم الأول بقيت دنيا بزنزانتها، أما عن اليوم الثاني فكانت غرفة التحقيق باستقبالها وهي مغمضة العينين ومكبلة اليدين والرجلين، وعند وصول المحقق أزالوا السواد عن عينيها وجرى التحقيق حتى ساعات متأخرة من الليل.

 أما عن اليوم الثالث والأصعب، ولزيادة ضغط الاعصاب هددوها بإحضار خطيبها محمد الذي اعتقل بعدها، ولا زال يوجد داخل سجون الاحتلال، وسبب لها ضغط الاعصاب والتعب الذي عانت منه دنيا مرض السكري والضغط.،

 "الزيارة ممنوعة" أكثر الكلمات التي قيلت لعائلة دنيا التي بقيت في الزنزانة 27 يوماً من دون أن ترى أي أحد من أهلها إلا محامية انتزعت تصريح الزيارة منهم بالقوة.

 نقلت بعدها إلى سجن هاشرون، الواقع جنوب الخط الممتد بين مدينتي طولكرم ونتانيا، ووضعوها بغرفة لوحدها بعيدة عن باقي الأسيرات التي بلغن 11 أسيرة ومن بينهم أسيرة صحفية اعتقلت لإعدادها فيلما وثائقيا.

العلاج سيء…

 (الله أكبر الله أكبر)، كلمات من الآذان الذي كان يردده الشباب في السجن في موعد الصلاة بصوت يشبه صوت الرعد حتى يقيم الصلاة كل أسير وأسيرة يعيشون خلف قضبان من الحديد القوي.

 بدأت أعداد الأسرى يزيد خاصة الأسيرات، ومعظمهن جريحات وفي سياسة الاحتلال الجريح لا يتلقى العلاج بشكل كامل، فقط  يخرجون الرصاصة من جسده القوي الصلب الذي لم يرضى بذل الاحتلال وإعطاءه مسكناً وهكذا ينتهي العلاج.

 في الخامسة صباحا، جاءت إحدى الأسيرات القاصرات وهي تنزف ووضعت بغرفة مع القاصرات التي مثلها، صرخت إحداهن "تنزف" دخلت هذه الكلمة إلى مسامع دنيا وكأنما سكينة حديدة صلبة دخلت لجسدها.

 مرارة فرقة الأهل كانت تحاول دنيا تعويضه للقاصرات عن طريق القراءة والتطريز واليوم المفتوح الذي تنظمه الأسيرات يوماً بالسنة، حيث يلبسن الفتيات لباس المهرج ويرسمن البسمة على وجوه الأسيرات، ويطبخن سوياً ويعلمن غيرهن.

 أنشات دنيا والأسيرات مجلة، جاءت فكرتها من خلال دورة التنمية التي تجبر كل فتاة على مناقشة كتاب، ووضعت جوائز لمن تناقش أي كتاب وكانت تطلب منهن أن يكتبن على ورقه بيضاء عن أمنياتهن في المستقبل.

 أما عن قنوات التلفاز فكانت محددة وهي العربية، ومعا، وكلما كلما زادت الاحداث كانوا يزيلون القنوات حتى لا يعرف الأسرى ما يجري بالخارج، بالإضافة لقناتين إسرائيليتين.

  "لا بد للقيد أن ينكسر" كلمات كانت ترددها دنيا حتى نالت حريتها في عام 2016م، وتعمل حالياً مذيعة لنقل رسالة وجع الشعب الفلسطيني.

الرابط المختصر: