لمتابعة أهم الأخبار أولاً بأول تابعوا قناتنا على تيليجرام ( فجر نيوز )

انضم الآن

ميس شديد..تميّزها لم يكن بالحسبان



قصة صحفية: مها سمارة- طالبة إعلام في جامعة فلسطين التقنية "خضوري"

  اختلاف المسار الذي اختارته عن المسار الذي أراده والدها، جعلها تتخلى عن دراسة الطب فوالدها أراد أن تكون طبيبة نسائية وتوليد أو أسنان، وهي تطمح لدراسة جراحة الأعصاب، لتبدأ رحلة جديدة لم تكن في الحسبان عنوانها الإبداع والتميز.

  ميس شديد (29 عاما) أينعت في زوايا بلدة علار شمال طولكرم، لتترك بصمتها منذ الصغر في نشاطات المدرسة المنهجية واللامنهجية، وبين حبها للتطوع وولعها الكبير في الاختلاف عن أقرانها قضت ميس سنوات مراهقتها فاستلمت منذ أن كانت طالبة في الصف السابع الأساسي أمانة المكتبة المدرسية لوحدها، لتكتب المسرحيات وتنظم صفوف الدبكة، ولعل التزامها في دار تحفيظ القرآن الكريم بث فيها نفحة من نفحات الرضا الرباني لتتفوق في حياتها القادمة.

  حبها في الخروج إلى حياة جامعية خارج نطاق محافظة طولكرم، جعلها تتعب جدًا في مرحلة الثانوية العامة لكن على عكس زملائها كانت تركز بدرجة كبيرة في الحصص الدراسية ولا تتعب نفسها في الدراسة عند عودتها إلى البيت كما هو مألوف لدى طلاب تلك المرحلة، ليتفاجأ الجميع بمعدلها الذي تجاوز التسعين بخمس درجات وعُشريين في الفرع العلمي.

مسيرة جامعيّة…

  وبعد مشاورات كثيرة وبدافع حبها الكبير لمعلمة الكيمياء وبالتالي للمادة نفسها، اختارت ميس تخصص الهندسة الكيميائية في جامعة النجاح الوطنية على الرغم من الكلام المحبط كله الذي سمعته كونه تخصصًا لا مجال له سوى التدريس، والخطر الذي ربما تتعرض له لأنها التحقت به في فترة امتازت بالتوتر على الناحية السياسية.

  وما أن التحقت بالجامعة حتى قطعت رواتب الموظفيين، فشعرت ميس بصعوبة الظرف الذي وضعت أهلها به، بسبب ارتفاع قسطها الجامعي ووصوله إلى (500) دينار أردني، ليصبح الحافز بداخلها حافزين، أولهما إثبات نفسها للجميع ، والآخر هو مساعدة أهلها مادياً، لتسهر الليالي و تحصل على معدل ( 91.3 ) بالمائة، وخصم 50%، وتتابع هذا النهج طوال حياتها الجامعية وتحصد المركز الأول في دفعتها عند التخرج بمعدل (91.5) بالمائة.

 وعلى عكس المدرسة لم تكن الجامعة مكانا لميس تفرغ فيه نشاطها بالأنشطة اللامنهجية، فآثار الانتفاضة الثانية كانت لا زالت منعكسة على وضع الجامعة، لتشغل نفسها بدخول كلية الشرف التي تتطلب منها (15) ساعة إضافية فوق عدد ساعات تخصصها، لتبحر في مساقات تطوير الذات والقيادة وتلمح القليل من القانون والفن، معززة تلك المساقات بدورات خارجية.

  شغفها الكبير في دراستها، جعلها لا تتوقف ثانية عن التفكير في استكمال دراستها العليا ولكن عقلية أهلها المحافظة منعها من التفكير بالدراسة في دولة أجنبية، ولحسن حظها وفي آخر فصل دراسي وجدت ميس منحة ألمانية (DAAD) تسمح للفتاة بإكمال تعليمها في الأردن أو ألمانيا، وبعد الاطلاع على كافة الشروط تقدمت لها، لتنتظر الموافقة سنة كاملة قضتها في العمل مساعدة بحث وتدريس في جامعة النجاح الوطنية في نابلس.

 ثلاثة أشخاص هم من خرجوا من فلسطين بمنحة  DAAD)، وقسم مجمد في جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية فتح لأجل ميس، لتكون هي وزميلة واحدة طلابا في قسم ماجستير الهندسة الكيميائية المتقدمة، فينعكس حبها على دراستها وتتميز بمعدل (92,3)  بالمئة وتحصد المركز الأول بلا منازع .

جهاز تجفيف شمسي…

 عادت إلى أرض الوطن لتعيّن محاضِرة في جامعة النجاح، وهناك فكرة ما زالت عالقة في دماغها، مخلفات مشروع تنقية المياه الذي عملت فيه أثناء دارسة الماجستير احتل الجزء الأكبر من اهتماماتها، تلك المخلفات (الحماة) أو كما تعرف بالذهب الأسود لم يكن هنالك مكان يستقبلها، ففكرت ميس في إيجاد حل للاستفادة منها وتحويلها إلى طاقة عن طريق تجفيفها.

97 بالمائة من الماء التي تحتويها الحماة هي التي تقف أمام تحويلها إلى طاقة، وعدم وجود أجهزة على قدر عالٍ من الكفاءة، هي أسباب حفزت عقل ميس لتخترع جهاز تجفيف شمسي يقوم على مبدأ الاستمرارية بالتجفيف ليكون الأول من نوعه من ناحية الفكرة و النتائج، فتتمكن من تحويل مخلفات بالية إلى كتلة حيوية تستخدم ديزلاً أو سمادًا في بعض الأحيان.

 إنجاز كبير كهذا جعل مُحاضرها في الجامعة الأردنية عوني العتوم يقترح عليها أن تقدم لجائزة الملك عبدالله للإبداع  لتنتزع بكل قوة الجائزة وعلى إثرها ثبتّت بشكل رسمي في جامعة النجاح لتعبر ميس عن تجربتها بالتدريس قائلة: "الحمدلله أنني مدرسة، جميل هو شعور التدريس لتحقق ما لم تستطع تحقيقه من خلال طلابك، ولتكون لك بصمة كبرى في حياة الكثير من خلال أسلوبك المميز بالشغف، والأجمل من هذا كله هو أن تسمع كلمة من أحد طلابك وهو يقول لك (أنتي قدوتي في الحياة)"

 وعن شعور الفخر الذي انتابها عند فوزها بالجائزة هو شيء آخر تماما، زاده حلاوة موقف أهل بلدها وفخرهم بها ليشعروها بأنها ابنة كل بيت موجود في بلدتها، ليدفعها الفخر لاستحضار فكرة آخرى وهي جهاز تحلية مياه تسعى لتسجيله براءة اختراع.

الرابط المختصر: