لمتابعة أهم الأخبار أولاً بأول تابعوا قناتنا على تيليجرام ( فجر نيوز )

انضم الآن

نضال عمير..مشتله ورد لحكايةِ جمالٍ



قصة صحفية: يوسف نزال- طالب إعلام في جامعة فلسطين التقنية "خضوري"

 كان الورد يطل على زائري بستان نضال عمير، تستقبلهم رائحتها الزكية، وألوانها السارة، بين جنباته يسير المعجبون، ينتقون ما يزين بيوتهم، لا يعنيهم سوى الاستمتاع ببستان "نضال" الفسيح الذي لطالما حلم بإنشائه.

 نضال عمير ابن الأربعين عاماَ من بلدة بلعا، يعمل في بستانه الكائن في بلدة شويكة الشامخة التي تتحدى جدار الفصل العنصري، مصمماً على إنجاح مشروعه،  يده بيد زوجته التي أبت إلا أن تضيف لنفسها عملا يثقل كاهلها لتساعد زوجها رغم معاناتها بالإعتناء بابنها صاحب الإعاقة الجسدية، غير قادرة على تركه وحيدا في المنزل، مردردة عبارة "إنه قطعة من جسدي ولن اتركه" .

عبق الأمل..

  خبرة نضال التي تجاوزت عشرين عاما في التعامل مع الورود بكل براعة والتي اكتسبها في أراضي الداخل المحتل، وأمله الذي يتقاسمه مع زوجته بعلاج ابنهم "يزن" صاحب الإعاقة كما تقاسم كل شيء طوال أيام حياته، هو ما دفعه للتفكير بإنشاء بستان الورود التي نشرت عبق التفاؤل والأمل في حياته وحياة عائلته.

 أزهر ربيع "نضال" وعائلته في عام 2014م بعد أن تبلورت فكرته بإنشاء بستان يعج بورود اختزلت فيها معاني الجمال، وشكلت لوحة فنية عجزت عن وصفها الألسن من شدة الإنبهار، لينجح نضال بإظهار خبرته في مساحات لا تتجاوز ثلاثة دونمات بعد أن استطاع توفير أكثر من (80) ألف شيكل للدونم الواحد بجهد شخصي دون أن يلتفت له أحد.

عثرات وتحديات كثيرة واجهت نضال وعائلته منذ إقامة المشروع الفريد من نوعه والوحيد على مستوى الضفة الغربية، من قسوة الطريق المؤدية للمزرعة ووعورتها إلى افتقارها للخدمات الضرورية والكهرباء، إلا أن اليأس لم يتسلل إلى قلوبهم، ولم يمنعهم من بذل كل جهد ممكن لضمان نجاح الفكرة واستمرارها، ليرسلوا من خلال أوراق الورود الناعمة رسالة تواجه أشواك الاحتلال وتعزز الصمود من أجل ديمومة المنتج الوطني.

طموحٌ بالعالمية ..

بعد أن أصبحت وردات نضال تكسب قلوب من اشتم رائحتها، ومن لمست يداه قطرات الندى المزينة لأوراق القرنفل والجوري والجربيرا والزنابق الذي يجلس بكل عنفوان في أزقة البستان، لتشاركهم في مناسبتهم الجميلة وتزيد الجمال بيت آخر، فتكون أولى الحاضرين في حفلات التخرج والزفاف، وتعتلي منصات حفلات التكريم والتقدير.

 طموح نضال استمر في الينوع والإزهار، فبعد قطف إكليل نجاحه المحلي، أخذ يزرع بذور نجاح آخر كان قد حلم به، ولطالما ردده على لسانه: "بحب أسوق وأصدر منتجي من الورود للعالم العربي والخارجي"، ليصبح الحلم اليوم حقيقة.

 "فلكل مجتهد نصيب"، واجتهاد نضال في تطوير بستانه وتوسيعه، وإضافة أشتال جديدة نادرة الوجود في المنطقة، مكّنته من تجاوز حدود الوطن وتسويقه في الخارج باعثا من خلال رائحة الزهور رسالة حب وسلام للعالم من أرض فلسطين.

كلما أحببتها عشقتك..

 في صباح كل يوم، يخرج نضال في سيارته المتواضعة يردد عبارة: "توكلت على الله، ربي ارزقني كل خير" ليبيع الورد، ويحصل على قوت يومه ويوفر لعائلته احتياجاتهم الأساسية، تاركاً زوجته تكابد الحرارة المرتفعة في البيوت البلاستيكية، تئنّ من آلام جسدها المتعب الذي تريحه فوق ذاك التراب الطاهر، وتداويه بشذى الزهرات اليانعة لتشعر أنها زهرة بين تلك الزهرات، التي كلما رأتها ازدادت بسمة وجمالاً وكأن الورد يعرف من يرويه بحنانه ويعتني بأوراقه.

 لم ينسى نضال فضل أرضه عليه، فأمسك التراب بيديه وقبَّله وقلبُه يشتعل إيماناً أن قيمة التراب أغلى من الذهب، كما كان يقول دائما: "وإن الأرض إن أحببتها عشقتك ومنحتك الخير الوفير".

الرابط المختصر: