لمتابعة أهم الأخبار أولاً بأول تابعوا قناتنا على تيليجرام ( فجر نيوز )

انضم الآن

قتيبة يودّع الحياة شهيداً بعمر صغيرٍ



قصة صحفية: نور شديد- طالبة إعلام في جامعة فلسطين التقنية "خضوري"

الطيبون يختارهم القدر بدقة، والشهادة كانت حلمه، والحجر وسيلة للدفاع عن كرامته، الشجاعة صفته التي يتسم بها، حب الوطن كان تهمته، فهو الشاب قتيبة زهران والذي ارتقى شهيداً على حاجز زعترة في الثالث عشر من شهر أيلول لعام 2017م.

 "يا ريتني أنا ولا إنت، وعدتني السنة الجاي تقدم توجيهي وأنا وعدتك اني ادرسك بس الجنة أحلا يا شهيدنا البطل والله وحده بعلم قديش اشتقتلك"، هذا ما روته أخت الشهيد آلاء زهران.

 تسلسلت حياته بحلقات دراسية عدة، وصولاً للصف العاشر الأساسي، ثم توقف عند محطة تدعى حب امتلاك المهنة، بكلمات جدية أقنع والديه برغبته التامة للتوقف عن الدراسة، والتسلُّح بمهنة يرغبها وهي مهنة "الدهان"، وكدور تحفيزي شجعه والداه على الاستمرارية بالمُنحنى الذي يرغبه.

  بدأ قتيبة التغلغل في مهنته باعتناق دورات عدة، وفي يوم من الأيام، وكأن هاجس الشهادة أرسل له رسالة أن تنبّه، فالشهادة قريبة منك.

 استيقظ قتيبة متوجّهاً نحو بلدة زيتا شمال طولكرم حيث كانت والدته في بيت جده، وفي ظنٍ من الموجودين بأنه يودعهم قبل ذهابه للعمل بالدهان، وقف تلك الوقفة المنتصبة مودعاً إياهم بلمعة عينيه الضاحكة، وبقلبه المُتيَّم بالعشق للشهادة، بنظراتٍ تتسارق عناقاً لأهله.

  تاهت حروفه أمام شغفه لحضن والديه قائلاً للجميع: "متل ما وصيتكم، ديروا بالكم ع إمي وأبوي"، تلك الوصية التي غرقت دمعاً في بحر وداعه الأخير لوالديه، لم يُدرك الجميع أن هذه الكلمات الاخيرة التي خرجت من حنجرته قبل نطقها بالشهادة.

 في تمام الساعة الخامسة عصراً، دقت عقارب الساعة وحلّت ثواني الشهادة، تصدرت وصية قتيبة صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، واعتادت علاقاته لاجتماعية على مزاحه الذي لا ينتهي، فظنوا أن هذه الوصية الإلكترونية مجرد مزحة، لكن لم يُدركوا أن بوصلة القدر توجهت نحو شهادته.

وسط تلك الأجواء المتباينة ما بين الجد والهزل، بدأت هواتف عائلته لرنين له، لكن هل من مجيب؟

 تطارقت إشعارات الرسائل الإلكترونية على حسابه الشخصي محمّله بلهفة الاطمئنان عنه، لكن هل من مُطمئن عنه؟

 وفجأة تصدَّر مواقع التواصل الاجتماعي خبر عملية طعن على حاجز زعترة نفذها شاب عمره (17 عاماً).

 وسرعان ما نُشِر اسم المنفذ وصورته، قتيبة الشاب العاشق للشهاده ارتقى شهيداً، وفي عصفٍ ذهني أيقن اصدقاؤه أنه يوم ارتقائه شهيداً ودعهم بطريقة مقنّعة غير مباشرة مردداً على لسانه كلمة "سامحوني" وبغرابة شديدة كان يرد أصدقاؤه: "على ماذا؟" بعد تلك الفاجعة أيقنوا لماذا؟

 وقبل تنفيذه العملية، وعند توجهه بسيارة التكسي في طريقه للشهادة طلب من سائق التكسي أن يجعل راديو السيارة يغرد بتراتيل القرآن، وكأنها آخر ما يتراود في أذنيه، وبمجرد وصوله للحاجز طلب من السائق أن يُنزله هناك.

 نصحه سائق التكسي بعدم النزول، لكن وبإصرارٍ شديد طلب قتيبة من السائق ان يُنزله، وأصاب قتيبه الهدف ونفذ عمليته، وحقق أمنيته وارتقى شهيداً يتخلل جسده اكثر من (٢١) رصاصة من مسافة صفر حسب تحليل الطب الشرعي.

"الشهادة فرحة"، هكذا اسماها قتيبة، ونال فرحته والتي لا ينالها أي شخص، معانقاً سماء الحرية، ومكللا برائحة المسك الوردية، فلم يخشى دبابة أو بندقية، بل دافع عن أرضه بروحٍ وطنية، وسار على درب من سبقوه بخطىً قوية، مردداً بخروج روحه الشهادة الإلهية.

الرابط المختصر: