لمتابعة أهم الأخبار أولاً بأول تابعوا قناتنا على تيليجرام ( فجر نيوز )

انضم الآن

ليلة اعتقال تحوّل طارق أسيرًا



قصة صحفية: شهد معالي- طالبة إعلام في جامعة فلسطين التقنية "خضوري"

  الساعة الرابعة والنصف صباحاً يرن هاتف والدتي فأنهض من سريري مسرعة لأرى المتصل، فأجدها خالتي فأجيب على المكالمة، لأسمع صوتها تبكي: "الجيش أخذوا طارق يا خالتي"، أبدأ بالبكاء فتستيقظ أمي وتأتي نحوي لتكمل المكالمة مع خالتي، ثم تتوجه إلى غرفة أبي لتيقظه، ويتوجه الاثنان إلى منزل عمي الذي يبعد عشرات الأمتار عن منزلنا.

  طارق معالي، شاب في أوائل العشرينيات من عمره، تصغره أختاه ولاء ودينا، يعمل في صالة بلياردو في مدينة جنين، ويعود من عمله في حدود الساعة الثانية والنصف صباحاً من كل ليلة، وكما تذكر خالتي أن طارق ولأول مرة يعود للبيت في وقت أبكر من المعتاد حيث عاد عند الساعة الواحدة وعشرة دقائق، يقرع طارق جرس المنزل عند وصوله فلا تفتح والدته الباب إلا عندما يحدثها على الهاتف فتتأكد أن الذي يطرق الجرس هو طارق.

  الساعة الثانية والنصف صباحاً طارق يتوجه مسرعاً لوالدته: "يما اصحي أجوا الجيش"، يذهب طارق ليفتح الباب ولكن يسبقه جنود الاحتلال حيث تفاجأ بوجودهم في منتصف الصالة في المنزل، يمسك جنود الاحتلال طارق ويجلسونه على مقعد الأريكة في الصالة، في هذا الوقت كانت خالتي توقظ دينا الأخت الأصغر لطارق، طلب جنود الاحتلال هوية طارق لم تستطيع خالتي العثور عليها فتوجهت دينا لتجدها أسفل فرش سرير طارق.

 يرتدي طارق في عنقه سنسال وفيه قلادة كتب على أحد وجوهها Jerusalem والأخرى صورة للمسجد الأقصى، ينزعها الجندي من عنقه وبكل سخرية واستهزاء : " Jerusalem".

  دخل جنود الاحتلال الغرف بداية من غرفة طارق، خرج أحدهم وبيده هاتفه، سألوا من صاحب الهاتف فأجابهم طارق بأنه هاتفه، وطلب من دينا أن تعطيه هاتفها فأجابت :"معيش جوال" يرد الجندي :" إنتي معكيش جوال، طلعي طلعي جوالك ">

 أخرجت دينا هاتفها من جيبها وأخذه الجندي ليرن على هاتف طارق ويتأكد من الرقم، عاد أحد الجنود إلى الغرفة فعثر على هاتفه الآخر حينها بدأت ملامح القلق تسيطر على وجه طارق، وجد الجندي صورة طارق خلفية الهاتف وهو يحمل السلاح، وبسخرية مرة أخرى :"بدك تتصور بسلاح، إعطيني 5 ليرات بصورك بسلاحي".

  أحضر أحد الجنود طارق ليجلسه بجانب والدته على الأريكة، وأكملوا تفتيشهم بالغرف وعاثوا خراباً بالمحتويات، وأثناء ذلك انتزع أحدهم مقبس الكهرباء لينزل الأمان وتنقطع الكهرباء عن المنزل، ليسيطر الخوف على جنود الاحتلال بتلك اللحظة، فطلبوا من طارق رفع الأمان.

   توجه طارق إلى غرفة الضيوف لفعل ذلك وبرفقته الجنود ليعودوا إلى الصالة بعد تقييد يديه، أجلسوه على الدرج المتوجه إلى سطح المنزل، وطلبوا إحضار (جرابات) فتوجهت خالتي لإحضارها فمنعها الجندي الذي يقف أمام غرفة طارق من الدخول وبعد رفض خالتي الرد على الجندي، دخل برفقتها موجهاً السلاح صوبها.

  ذهبت خالتي لتلبس طارق حذائه وأحضرت معها ملابس كاملة له، أراد طارق توصيه والدته على العمل فمنعه الجندي وبدأ الصراخ عليه، لم تسكت خالتي فبدأت تصرخ هي أيضاً، فهددها الجندي إحضار الضابط، يأتي الضابط وتخبره خالتي ما جرى وببساطة وهو يضحك: "بسيطة بكرة بنتصل ع الصابر يوخد المفاتيح"، الصابر وهو مالك الصالة الذي يعمل فيها طارق.

 طلبت خالتي أن تحضر سترة لطارق ليرتديها لأن الجو كان بارداً نوعاً ما، فلم يقبل الجنود بذلك فتصارخت خالتي مع الجندي مرة أخرى، حتى أن الجندي همّ برفع يده ليضرب خالتي، وقال لها: "هيك بتستقبلوا ضيوفكم يعني"، ذهبت خالتي وأحضرت السترة لتكتشف بعد ذلك أن الجنود ألقوها على باب المنزل الخارجي.

 طلب الجنود منهم توديع طارق، تقول خالتي عن تلك اللحظة: "مسكته بدي أودعه حضنته هيك دبوسه وإلا هو بزيحني عنه بقله مالك بدي أودعه قلي خلص مرديتش عليه ورجعت حضنته وناديت ع دينا تودعه"، تقدمت دينا نحو شقيقها لتوديعه وعينيها تمتلئ بالدموع، فأبعدها طارق عنه قائلاً لها: "تعيطيش يختي"، وأخذوا طارق إلى الخارج.

 لم يتبقى أحد سوى خالتي ودينا في المنزل بعد أن أخذوه إلى الخارج، فطلب الجندي من خالتي أن تخرج ومعها دينا لتجلس خارج المنزل، فرفضت خالتي أن تطيع أوامرهم ولم ترضى أن تتحرك من مكانها، أثناء إكمالهم التفتيش وجد أحدهم إبرة دواء كانت دينا قد أعطتها لخالتي، لأنها كانت تعاني من آلام في الظهر في تلك الليلة، فخاف الجندي من الإبرة وطلب من خالتي أن تبعدها عن ناظريه.

  كان أحد الجنود يقف مجاوراً لهن ويوجه سلاحه نحوهن، وعندما تنظر خالتي إليه يقوم بإنزاله، حتى صرخت خالتي في وجهه: "مالك ول مشان الله لليش رافعه بوجهنا شو عاملات إحنا"، فيأتي الضابط ويجلس على مقعد الأريكة المقابل وأول ما يقوم بفعله هو نزع أسلاك الهاتف الأرضي من مكانها، ثم يبدأ بطرح أسئلته وبدايتها عن عمي والد طارق ومكان عمله، تقول خالتي: "كنت ضابة 600 شيكل تحت الأواعي بالخزانة، لما نفلوا الخزانة سرقوهن"، وتضيف أن طارق كان يحتفظ بملبغ من المال في خزانته فطلبت من الجندي أن تذهب وتحضرهم فتوجه معها، ثم قال لها: "كان معه كمان مصاري أعطاهم لأخته".

  خرج الجنود وأخيرا من المنزل، وبدأت خالتي تتفقد حال الغرف بعد ما قاموا به لتتفاجأ بالكم الهائل من الخراب الذي خلفه الجنود في المنزل، ما زال طارق حتى اللحظة رهن الاعتقال في سجون الاحتلال دون إصدار الحكم بحقه، وما زالت جلسات المحكمة تتأجل واحدة تلو الأخرى.

الرابط المختصر: