لمتابعة أهم الأخبار أولاً بأول تابعوا قناتنا على تيليجرام ( فجر نيوز )

انضم الآن

سهى الجمل..حكاية شابّة طموحة تبدع في مجالاتٍ مختلفة



 أسماء عبد الباقي-  عند التاسعة صباحاً باتصال هاتفي، "السلام عليكم، مرحبا سهى كيفك؟ بحكي معك الدكتور حسين الشنك عميد شؤون الطلبة، سهى أنتِ الاولى على الجامعة"، صدمة تتشبث بوجهها، صوتٌ يهزُ مسامعِ أذُنِها بحصولها على المرتبة الأولى على جامعة فلسطين التقنية- خضوري، فرحةٌ لا تَسِعُ قلبها وقلب عائلتها.

 نظرات الحشود المنبهرة لها، وخوفِها ورجفتِها كانتا تملأن قلبها من شدة الفرح، خطوات تشدها إلى المنصة لِتُلقي كلِمتها، "لما بلشت أحكي عن أمي كمية الهدوء اللي سمعتها ما سمعتها في كل الحفلة".

  كلماتُ سهى أحاطت قلوب الحاضرين وجذبتهم، فأصبحت قدوة لغيرها، لتعود إلى المنصة ذاتها، ولكن بثوب آخر، زادها فخرًا وتألقًا، حماسًا ودافعية كبرى، فمن كلمة الأولى على جامعة فلسطين التقنية "خضوري" لعام 2017م حتى عرافة حفل تخريج طلبة الجامعة لعام 2018م إلى جانب مسؤول الموقع الإلكتروني والسوشيال ميديا في جامعة خضوري الأستاذ حسام حلمي.

  بتألقٍ أشادَ به الجميع، وفخرٍ بان كثيرًا من بين أعينها، سطّرت سهى الجمل، وهي الأولى على جامعة فلسطين التقنية "خضوري" لعام 2017م فخرًا جديدًا إضافة لسلة إنجازات عدّة لتروي حكاية نجاح عنوانها: "أنا خلقت لكي أبدع هنا".

  تصفُ مساعدة البحث والتدريس في الجامعة سهى الجمل لحظات عرافتها لحفل التخريج، ببريق عينين يتألقان فخرًا بما صنعته: "تعالت دقات قلبي مسرعةً لبرهة، استرجعتُ ما حدث العام المنصرم، كنت قد وقفتُ هنا بنفس المكان وأنا أرتدي قبعة التخرج، وأحمل بين يدي كلمة الأولى على الجامعة، وبقلبي خوفي من المستقبل وما سيحمل لي بين طياته، وبالطبع شيءٌ من القلق كيف سأمنع صوتي من الارتجاف أمام الحشود وكيف سأخفي عن أعينهم قلقي وخوفي، لكن الحال الآن مختلف لستُ طالبة، إنّما موظفة في جامعة الدولة".

  تتابع سهى قائلة: "لستُ كأيّ مدعوٍ إلى الحفل، إنّما عريفة الحفل، يقع على عاتقي مسؤولية ليست بسيطة، أرى الحشود تنظر إليّ وعلامات الاستغراب بادية على وجوههم، كيف لــ "شابّة صغيرة" أن تنجح بالعرافة! حتمًا ستفشل، كلُ ذلك قرأته على محياهم، أغمضت عيني قليلًا قبل أن أبدأ بأول كلمة سأقولها، تلوتُ بعض الأدعية وآيات القرآن، قلتُ باسم الله بسرّي ثم بدأت".

  تردف سهى، وتقاسيم وجهها مليئة بالفرح: "سعادتي لا يمكن لكلمات أن تصفها، كلماتُ الشكر والفخر التي سمعتها ما زالت ترن في أذني، أبتسم تلقائيًا عندما تمرّ ببالي، "كنتِ متألقة، أبدعتِ، أبهرتي الحضور بأدائك، وغيرها كان لها الوقع الكبير عليّ".

مبادرة الشبكة العنكبوتية…

على مدار فصل دراسيّ، بحثت سهى الجمل مع عدد من المؤسسات والمدارس ضمن مبادرة "الشبكة العنكبوتية" على عدد هائل من المواقع الهادفة، والكتب والقنوات التعليمية، والفيديوهات، والتطبيقات العديدة التي تتمحور حول الاستخدام الآمن للأجهزة الذكية والإنترنت لتوفير أعلى درجات الأمن المعلوماتي للمستخدمين، ونقلها للطلبة لإفادتهم بها.

واختيرت سهى من الجامعة كونها نشيطة، وقريبة من فئة الشباب والطلبة وتدرك تفكيرهم وأكثر اطلاعا على المواقع المفيدة التي تخدم مراحلهم العمرية جميعها، ليتم تكريمها لاحقًا في حفل حضره العديد في حرم جامعة خضوري.

عرافة أولمبياد الرياضيات…

وتألقت سهى أيضًا في عرافة الحفل التكريمي للطلبة الفائزين في أولمبياد الرياضيات الفلسطيني من مختلف مديريات التربية والتعليم في المحافظات الشمالية في حرم جامعة خضوري.

حكاية طموح…

هي كانت تحلُم أن تكون رائدة فضاء، بالرغم من رفض المحيط  لحُلمها، "لدرجة أني كنت أحط سلة الغسيل على راسي وأعتبرها قُبعة رائد الفضاء"، هذا ما روته  العشرينية سهى الجمل في مرحلتها الأولى من مدرستها، ليكون ذلك الحلم الأول لها.

  سعت سهى جاهدةً ألا تكف عن أحلامها، وفي الصفّ الخامس كانت قد طلبت منهم المعلمة تعبيراً عن الصداقة، حينها كتبت سهى تعبيرها، ولكن كانت خائفة من ردة معلمتها، وكانت هنا الصدمة!

 "أنتِ يلي كتبتي فالمدرسة متأكدة إنك إنتِ يلي كتبتي!"، مردِدَة معلمتها لها، فأجابتها سهى: "آه والله أنا يلي كتبته"، فانبهرت المعلمة من إنجاز سهى، طالِبَةً من التلاميذ التصفيق لها.

  في ذلك الوقت، استغنت سهى أن تكون رائدة فضاء حالِمة أن يكون عملها في الصحافة أو في مجال الكتابة، قائلة: "في صفي الثامن قررت أن أكتب رواية وحتى صرت أحكي للكل شو اسم الرواية، الرواية اسمها المصارعون في وجه الريح".

  كانت تلك الروية من أحلامِها، في حين حقّقت حُلمها ستبقى على ذلك الاسم. شغفُ سهى كان بدراسة الصَحافة أو القانون، لكن كانت تلك الفكرة مرفوضةً من عائلتها، فكانت مُخيرة أن تدرس اللغة العربية أو التكنولوجيا.

  دراسة سهى لتخصص التكنولوجيا كان نابعاً من فكرة أمها التي أقنعتها بأن تدرس هذا التخصص، في حين كانت تريد سهى دراسة اللغة العربية، "اتفقت أنا وأمي المادة يلي بجيب فيها أعلى رح أدرسها"، وتفوقت سهى بمادة التكنولوجيا.

 طموح سهى حين دخلت تخصص التربية التكنولوجية في جامعة فلسطين التقنية "خضوري" هو حصولها على المنحة، ولكن نظرات سهى إلى لوحة الشرف التي كانت مُلِمة بمرتبة الأوائل على كل تخصص تحولت إلى طموح، حينَ رأت أن الطالبة الأولى على تَخَصُصِها كان معدلها ما يقارب اثنين وتسعين.

تألق جامعيّ…

  سعت سهى أن يتحول طموحها من منحة الى اثنين و تسعين وعُشر كي يكون اسمها على لوحة الشرف متمنية أن تحصل على عُشرٍ واحِدٍ فقط، ليستطيع ذلك العُشر الإمساك باسمها ووضعِه على لوحة الشرف.

  حصلت سهى في معدلها التراكمي على خمسة وتسعين وثمانية أعشار خلال فصلها الأول من السنة الأولى، "لما غَيروا لوحة الشرف وحطوا أسماء جديدة كنت الثالثة على الكلية مش بس على تخصصي" راوِية سهى بِتقاسيم وجهها الضاحكة.

 ظروفٌ صعبة مرت على سهى، فتدنّت علامتها، "ديروا بالكم على المحيط يلي حولِكم يا برفعكم لَفوق يا بنزلكم لَتحت"، بكلماتٍ عبرت فيها سهى عن جزء من ظروفها. لم تتحمل تلك الفترة، فأرادت أن تأخذ قسطاً من الراحة لتسترجع بها قوتها وطموحها نَحو الأعلى.

 برِفقتها كأس من النسكافيه، جالسة على الدرج، تبدأ بِكتابة نقاط ضعفها على ورقة واضعةً حلولا لها فَهي عادة لديها وما زالت تفعلها. ولم تكف عن طموحِها بل عادت بثباتها وقوتها من خلال اجتهادها بدراستها ورفع علامتها في موادها الدراسية.

  في فصلها الثاني من السنة الثانية بتخصصها، كانت نقطة التحول الجوهرية في حياة سهى، فكان معدلها الفصلي سبعة وتسعين وستة أعشار، وكان هدف سهى حصولها على خمسة وتسعين ونصف لمعدلها التراكمي.

  حددت هدفها، واستطاعت أن تصوبه لتحصل على خمسة وتسعين ونصف في مرحلتها النهائية في الجامعة، شاكرة إدارة الجامعة ممثلة برئيسها أ.د.مروان عورتاني، والهيئة التدريسية والإدارية، وعمادة كلية العلوم والآداب، والدكتور حسين الشنك، وكلّ من آمن بموهبتها كي تخلق الفرصة التي تستحقها.  

تلحظ من بين عينيها شغفها  الكبير وحبّها للعمل، وأنت في طريقك لمكتب عمادة كلية العلوم والآداب في الجهة المحاذية لها، مختبرٌ جلست به سهى الجمل قرابة سنةٍ مشرفةً له، ومساعدة بحثٍ وتدريس، تساعد ذاك وتبحث عن تطبيقٍ آخر تفيد به غيرها، فهل ستعود سهى أدراجها إلى البيت، أم أنّ هناك فرصة أخرى ستلوح بالأفق لها كي تكمل ذاك الشغف اللامتناهي؟

الرابط المختصر: