طالبة من “خضوري” تخلق إبداعًا فنيًا بالأوريغامي

تقرير: قسم تكنولوجيا الإعلام: خضوري/ تحرير: مجدولين أبو موسى

أمسكت بين يدها قصاصاتٍ من الورق الملون، وبدأت ببناء شكلٍ كانت قد رسمتهُ في مخيلتها، لتكفَّ برهةً عن العمل، وتتذكر ذاك اليوم الصيفي قبل سنتين، عندما كانت تقلب قنوات التلفاز، ليجذبها برنامج يتحدث عن فن طي الورق" "3d origamiياباني الأصل، فيدفعها فضولها إلى البحث عنه عبر شبكة الإنترنت.

شهرٌ واحد من التعلم عبر الفيديوهات المتوفرة على الإنترنت، وتقلّيد بعض الأشكال، جعل طالبة هندسة أنظمة الحاسوب في جامعة فلسطين التقنية "خضوري"، منار يحيى (22عامًا) من بلدة  كفر راعي قضاء مدينة جنين، قادرةً على ابتكار وبناء أيّ شكلٍ تريده من قصاصات الورق.

بجعةٌ ورقية هي أولى محاولات منار في فنّ طي الورق، لتستغرق ما يقارب يومين من قصٍ وطي وتركيب في إعدادها، فتكون النتيجة استحسان من حولها لبجعتها الورقية، واستغرابهم أيضًا كونها مصنوعةٌ من الورق فقط، فالقليل يعرف فن "الأوريغامي" ثلاثي الأبعاد.

إصرار منار والدعم الكبير من المحيطين بها، دفعها للاستمرار في فن طي الورق وتنمية موهبتها، وتقول منار:" يتميز هذا الفن بالسهولة والنمطية، إذ كنت قادرة على التعلم بنفسي من خلال الاطلاع على تجاربٍ لأشخاصٍ آخرين، فكل ما نحتاجه هو قطعة ورقية مستطيلة الشكل  "A4"لنقوم بطيّها، ونكونَ الوحدة البنائية الأساسية، ومن ثم نركب مجموعة من هذه القطع، لنبني الشكل الذي نريده".

لم تواجه منار صعوبةً في الموازنة بين الوقت الذي تحتاجه في بناء الأشكال بدقة وإتقان، ومتابعة دراستها بشكل مستمر كونها طالبة جامعية في كلية الهندسة والتكنولوجيا، بل عملت على تقسيم الوقت جيدًا بين دراستها وهوايتها، لتلجأ إلى قصاصات الورق في أوقات فراغها، وتكون الأولوية لدراستها في فترة الامتحانات.

لكنّها واجهت صعوبةً في الحفاظ على الأشكال ثابتةً بعد التركيب، وحمايتها من التلف بسبب العوامل المحيطة كالغبار والماء، لتتمكن من حل المشكلة عبر طلاء الأشكال بالصمغ أو الغراء الأبيض لتثبيتها، ورشّها بمثبت شفاف لزيادة متانتها ومقاومتها للماء وإضفاء لمعانٍ عليها، فيسهل تنظيفها، وتبدو للناظر وكأنها قطعٌ بلاستيكية.

إيمانُ منارِ العميق بموهبتها، شجعها على تقديمها إلى المجتمع بشكلٍ أوسع من خلال مشاركتها في معارضٍ أُقيمت في حرم جامعةخضوري، منها: معرضmath nerds at your service" "، ومعرض قبس الثقافي السادس، وآخرها معرض الرياضيات في علوم الفيزياء والحاسوب.

جمال الأشكال التي صنعتها منار بكل شغف وابتكار، دفعت البعض إلى اقتنائها، لتصبح موهبتها مصدرًا تكسب المال منه عن طريق بيع بعض القطع، وساهم في ذلك صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" التي تعرض من خلالها عملها.

أوريغامي في فلسطين…

بدأ انتشار فن الأوريغامي في فلسطين منتصف عام 2013م، من خلال فريق "أوريغامي فلسطين"، والذي أسّسه الشاب قصي الصيفي، ليأخذ على عاتقه نشر هذا الفن بشكل مُمنهج، لعدم انتشاره حينها.

كما عمل فريق "أوريغامي فلسطين" على تعريف المجتمع الفلسطيني بتاريخ هذا الفن ، ومن ثم تعليمهم عبر مجموعة من البرامج وورشات العمل، التي تعقد مع المؤسسات التعليمية والثقافية الفلسطينية، بالإضافة إلى إنشاء معارض، والاشتراك في احتفالات ثقافية وبازارات متخصصة في مجال الحرف والفنون.

في ظل غياب دعم كافٍ يرقى للمستوى المطلوب لفريق "أوريغامي فلسطين" من مؤسسات المجتمع المدني والحكومي، سلطت وسائل الإعلام الفلسطينية الضوء على الأوريغامي في فلسطين بشكلٍ كبير، وساهمت في نشر رسالة الفريق على نطاقٍ أوسع.

فئاتٌ عمرية كثيرة، ومن مختلف المحافظات اليوم، تبدع في الأوريغامي، وتتميز في منتجاتها التي تسوق على مستوى محلي وعالمي، إذ أضاف فريق "أوريغامي فلسطين" لمسة جميلة عبر دمج التطريز الفلسطيني والأوريغامي، لإنتاج وحدات التطريز على شكل تصاميم ورقية، بالإضافة إلى صنع حقائب مطوية بطريقة الأوريغامي.

ويسعى فريق "أوريغامي فلسطين" أن يصبح هذا الفن جزءًا أصيلًا من المؤسسة التعليمية الفلسطينية في المدارس والجامعات، والمؤسسات العاملة في الحقول الثقافية والتعليمية، من خلال أنشطتها المستمرة.