يسود قلق كبير بين اللاجئين الفلسطينيين بعد قرار وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إغلاق مركز الإيواء في مدرسة دير القاسي بمدينة صيدا. هذا القرار ترك مئات العائلات النازحة في مواجهة مصير غير واضح، ما دفع العديد منهم للتعبير عن رفضهم لنقلهم إلى مراكز أخرى.
أبو ياسر، أحد النازحين من مخيم البص في صور، عبّر عن استيائه وحالة اليأس التي يعيشها بعد إغلاق المركز، قائلاً: “في البداية، كانت الأونروا تهتم بنا وتوفر لنا الاحتياجات الأساسية، لكنهم سحبوا يدهم فجأة، الآن الوضع أصبح مزريًا، ولم أعد أستطيع تأمين مستلزمات أطفالي”.
وأضاف: “الجمعيات المحلية تقدم مساعدات بسيطة، لكنها لا تكفي، ونحن نفضل البقاء تحت رعاية الأونروا لأننا نشعر أننا تحت حماية دولية”.
وأكد أبو ياسر رفضه التام للانتقال إلى مركز “سبلين”، معبراً عن قلقه من المستقبل: “لا نعرف ما سيحدث لنا، ولن نذهب إلى أي مكان غير مناسب”.
من جانبها، عبّرت انتصار، نازحة أخرى من النبطية، عن موقف مشابه، حيث قالت: “أخبرونا أننا يجب أن نذهب إلى سبلين، لكننا رفضنا الوضع هناك أصعب، والأعداد كبيرة، بينما هنا في صيدا الأمور أفضل نسبياً، رغم أن الأونروا تخلت عنا”.
وأضافت أن الحياة في مدرسة دير القاسي رغم صعوبتها كانت توفر لها نوعًا من الاستقرار مقارنة بما ينتظرهم في سبلين.
أزمة مركبة وتداعيات إنسانية
بينما يتزايد النزوح بسبب الصراع، خاصة في المناطق الجنوبية من لبنان، فإن اللاجئين الفلسطينيين يجدون أنفسهم في موقف حرج نتيجة تراجع خدمات الأونروا، تقدّر الوكالة أن حوالي 75 ألف لاجئ فلسطيني قد نزحوا من جنوب البلاد إلى الشمال، بينهم 5 آلاف يقيمون في مراكز إيواء تشرف عليها الأونروا.
في بيان لها، أعلنت الأونروا إغلاق مركز الإيواء في مدرسة دير القاسي بسبب ما وصفته بانتهاك مبادئها الإنسانية، مشيرة إلى أن الظروف في هذا المركز لم تعد تلبي المعايير المطلوبة.
وجاء في البيان: “على الرغم من جهودنا للحفاظ على بيئة تحترم المبادئ الإنسانية، إلا أن ذلك لم يتحقق في مركز دير القاسي، مما اضطرنا لاتخاذ هذا القرار”.
وأضافت الوكالة أن نقل النازحين إلى مراكز بديلة، مثل مركز سبلين، قد يُخفف من الأزمة، لكنها تدرك أن هذه الحلول لا تُرضي الجميع.
ردود فعل ومخاوف اللاجئين
مدير “الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين”، علي هويدي، وصف قرار الأونروا بـ”المستغرب والمرفوض”، مؤكداً أن مدرسة دير القاسي كانت من ضمن المراكز المعلنة للإيواء وأن إغلاقها له تداعيات إنسانية خطيرة.
وأوضح هويدي: “هذه المدرسة كانت تأوي حوالي 90 عائلة فلسطينية نازحة، معظمهم من مخيمات منطقة صور. نقلهم إلى مراكز أخرى في الشمال يثير مخاوف من تهجيرهم بشكل أكبر، وهو أمر ترفضه العائلات والمؤسسات”.
وتابع هويدي مشيرًا إلى أن هناك مخاوف متزايدة من وجود مشروع تهجير أكبر للفلسطينيين من الجنوب إلى مناطق شمال نهر الأوّلي، حيث بدأت الوكالة في تقليص خدماتها في مخيمات منطقة صور، مما قد يكون تمهيدًا لمزيد من التراجعات في المستقبل.
الأوضاع في المراكز البديلة ومعاناة اللاجئين
على الرغم من أن الأونروا عرضت نقل اللاجئين إلى مراكز إيواء بديلة مثل مركز سبلين، إلا أن الوضع في هذه المراكز لا يبدو أفضل حالًا، اللاجئون يعانون من ظروف معيشية صعبة، حيث يعانون من نقص في الموارد الأساسية مثل الغذاء والمياه والنظافة.
ووفقًا لعلي هويدي، فإن الأونروا لم تتمكن حتى الآن من تأمين التمويل اللازم لتلبية احتياجات جميع النازحين، رغم أن النداء الذي أطلقته بقيمة 27 مليون دولار مخصص فقط لخدمة 10 آلاف نازح، مما يترك عشرات الآلاف في مواجهة الظروف القاسية.
وأشار هويدي إلى أن الوضع في المخيمات الفلسطينية الأخرى، مثل مخيمي نهر البارد والبداوي، ليس أفضل بكثير، حيث يعاني السكان من نقص الخدمات والرعاية، بينما تعيش بعض المخيمات الأخرى شبه فارغة، مثل مخيمي برج البراجنة وشاتيلا، مما يضيف المزيد من الضغوط على اللاجئين الذين بقوا.
في ختام حديثه، شدد هويدي على أن الحلول التي تقدمها الأونروا غير كافية، وأن الوضع يتطلب تدخلات عاجلة لتخفيف معاناة اللاجئين، مؤكدًا أن اللاجئين بحاجة إلى حلول مستدامة تحترم حقوقهم وتوفر لهم ظروف حياة كريمة.