Site icon تلفزيون الفجر

مشكلة شهادة “Euro 1” في استيراد السلع من تركيا: تداعيات وحلول مقترحة

في هذا الزمن الذي يَنبُتُ فيه ما لَا يُرَىٰ، نثمن عالياً الدعم التركي للفلسطينيينفي مختلف المجالات سواءً الثقافية أو السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية،وصولاً إلى الفنون والتعليم، إلا أن التعديلات الأخيرة التي أجرتها وزارة التجارة التركية على شهادة *“Euro 1” والتي استبدلت فيها جهة البلد المستورد من “Israel” إلى “Occupied Palestinian Territories”، أدت إلى رفض الجمارك الإسرائيلية الاعتراف بها. ونتيجة لذلك، فرضت السلطات الإسرائيليةرسوم جمركية على سلع تركية معفاة رغم امتثالها لشروط المنشأ التفضيلية ضمن اتفاقيات الاتحاد الأوروبي. هذا التغيير قد يترتب عليه تداعيات اقتصادية ملموسة، بما في ذلك تراجع القوة الشرائية للمستهلك الفلسطيني، الذي يعتمدبشكل كبير على المنتجات التركية لجودتها العالية وأسعارها التنافسية. في ظل استمرار هذا الوضع، بات من الضروري تسليط الضوء على أبرز التداعيات الاقتصادية المحتملة لهذا القرار، إلى جانب محاولة البحث عن حلول عملية للتخفيف من آثاره السلبية:

1. فقدان الامتيازات الجمركية: أدى رفض إسرائيل الاعتراف بالتعديلاتالأخيرة على شهادة “Euro 1” إلى فرض رسوم جمركية جديدة على بعضالمواد والمنتجات التركية. مما أدى إلى زيادة تكاليف الإنتاج، نظرا لاعتماد العديد من القطاعات الصناعية الفلسطينية على المواد الخام والسلع الوسيطة المستوردة من تركيا. وقد اضطرت بعض الشركات الفلسطينية إلى تعديل بعض صفقاتها التجارية أو حتى الغائها.

2. ضعف القدرة التنافسية: أدت التعرفة الجمركية التي فرضتها السلطات الاسرائيلية إلى ارتفاع أسعار المنتجات التركية مقارنة بالسلع المستوردة من دول أخرى التي لا تخضع لنفس القيود الجمركية، وقد انعكس على الأسعار النهائية للمستهلك، مما أدى الى انخفاض الطلب على بعض المنتجات التركية في السوق الفلسطيني.

لمواجهة هذه التحديات وضمان استمرارية تدفق السلع والمواد التركية إلى السوق الفلسطيني في إطار اتفاقية “Euro 1”، يمكن اتخاذ عدد من الإجراءات على المستوى الفلسطيني، والتركي، والاتحاد الأوروبي، ومنها:

1. الإجراءات الفلسطينية: 

A. استرداد الرسوم الجمركية: يمكن لمجلس الوزراء الفلسطيني إصدار قرار يسمح للشركات الفلسطينية باسترداد الرسوم الجمركية المدفوعة على السلع التركية أو خصمها من ضريبة القيمة المضافة لدى وزارة المالية الفلسطينية، يأتي ذلك نظرا ً لأن هذه الرسوم فُرضت بسبب رفض الجمارك الإسرائيلية الاعتراف بالتعديلات الأخيرة على “Euro 1”.

B. إيجاد بدائل قانونية وتجارية لنظام الكوتا مع تركيا: فحصإمكانية التفاوض مع منظمة التجارة الدولية (WTO) والجانب التركي لعقدالاتفاقيات الخاصة بالسلع المستوردة من تركيا على نظام الكوتا لتكون معفية من الجمارك، وذلك ضمن امتيازات منظمة التجارة العالمية (WTO) للاستغناء عن استخدام “Euro 1” من الاتحاد الأوروبي.

2. الإجراءات التركية: يمكن لوزارة التجارة التركية تعديل النظام الجمركي التركي بحيث يسمح للمصدرين الأتراك بإضافة العبارة التالية باللغة الإنجليزية على الفواتير التجارية التركية، كبديل عن إصدار شهادة “Euro 1” أسوةً بمايفعله المصدرين في دول الاتحاد الأوروبي، وذلك لضمان الإستفادة من التفضيلات الجمركية عند دخول السلع التركية فلسطين:

​“The exporter of the products covered by this document (Custom Authorization No. xxxxx) declares that, except where otherwise clearly indicated, these products are of European Union preferential origin.”

3. مسؤولية الاتحاد الأوروبي: في إطار إلتزام الاتحاد الأوروبي بدعم العدالة، وتعزيز التقارب بين الشعوب، والمساهمة في استقرار المنطقة، يمكن لكل من تركيا والسلطة الوطنية الفلسطينية، عبر وزاراتهما المختصة، التشاور مع المفوضية الأوروبية لحثها على اتخاذ الخطوات اللازمة لإلزام إسرائيل بالاعتراف بشهادة “Euro 1” المعدلة، وفقًا لقواعد المنشأ الأوروبية المتوسطية (Pan-Euro-Med Rules of Origin) للسلع المستوردة من تركيا. ويشمل ذلك اعتماد جهة المنشأ “Palestine” أو أي صيغة أخرى سبق استخدامها، مثل “Palestinian Authority”، بما يتماشى مع الالتزامات المقررة ضمنالمعايير الجمركية الأوروبية والترتيبات التجارية التفضيلية المنصوص عليها في الاتفاقيات الأوروبية.

أدعو الحكومة الفلسطينية إلى تشكيل وفد فني من الوزارات ذات الاختصاص: مثل وزارة الاقتصاد ووزارة المالية، للتشاور مع الجانب التركي لإيجاد بدائل قانونية وتجارية عملية للمحافظة على تدفق السلع التركية إلى الأسواق الفلسطيني بأسعار تنافسية وتمكين فلسطين من الاستفادة من الامتيازاتالجمركية الممنوحة بموجب اتفاقية “Euro 1” بما يخدم المصالح المشتركة لكلا الشعبين. إن إيجاد حل لهذه المشكلة لم يعد خياراً، بل ضرورة لحماية المواطن من تحمل أعباءً إضافية. فحماية المستهلك في السياق الفلسطيني ليست مجرد مسألة اقتصادية، بل هي ركيزة للصمود الوطني وأولوية سيادية لا تحتملالتهاون.

شهادة *“Euro 1”: وثيقة تمنح السلع المستوردة إعفاءً جمركياً بموجب اتفاقية الشراكة الأوروبية المتوسطية، التي تتيح للدول المشاركة، بما في ذلك تركيا، الاستفادة من التفضيلات الجمركية عند التصدير إلى أسواق محددة، ومنها فلسطين. وقد تجسد هذا التعاون في اتفاقية التجارة الحرة التي وقعتها الحكومتان التركية والفلسطينية في شباط 2004، التي أكدت على أهمية مرور السلع والخدمات بين البلدين من دون عوائق.

“شكراً لمن يحمي لنا غدنا، وشكراً للأصدقاء البعيدين، كأنهم لا يرون، ولكنهم يفعلون كثيراً” محمود درويش 

حسين حجاز  

10-3-2025 

Exit mobile version