هل العادات القديمة لم تعد تصلح لاعراس اليوم؟
واحيانا من حي إلى آخر … ورغم الإختلاف إلا أنها تبقى عادات للتعبير عن الفرح بزفاف شاب وشابة سيشقان طريقهما معا … فما هي العادات والتقاليد التي ما زال أبناء المجتمع العربي في بلادنا يتبعونها ويتشبثون بها في حفلات الزفاف والأعراس ؟ وهل ما زال هنالك متسع لإتباع تقاليد للإحتفال بهذه المناسبة ، مع ما يسمى ” عصر السرعة ” ودخول ” الدي جي ” وغيره ساحات أعراسنا ؟ …. أم أنها ورغم مرور السنين ما زالت حاضرة وبقوة في سهرات الحناء وزيانة العريس ؟ هذه دعوة مفتوحة لترافقونا في زيارة نطلع خلالها على اهم العادات والتقاليد التي تحرص أمهات العرسان على إتباعها بزفاف اولادهن ، وعلى أخرى استحدثت لتضيف جوا من الفرح والسرور على الأعراس والأفراح …
لكل شعب من شعوب هذه المعمورة عادات وطقوس يتبعها أفراده في الإحتفال بالزفاف .
وقد تبدو بعض هذه العادات مألوفة لأبناء شعب أو دولة أو مجتمع ، بينما تكون غريبة لغيرهم ، فمثلا في موريتانيا ترتدي العروس اللون الأسود ، وتغطي وجهها طوال فترة حفل الزفاف ولمدة ثلاثة أيام بعد الزفاف ولا تكشف وجهها إلا أمام زوجها . وفي السودان إعتادت النسوة تجهيز العطور والبخور على مدار شهر كامل قبل يوم الزفاف المحدد ، وقبل اسبوع من الزفاف تتبخر العروس على مدار 7 ايام متواصلة بالبخور والعطور . ومن العادات الجميلة في الشام توصي الفتيات العروس ، دوس رجل عريسها في اول لقاء لهما يوم الزفاف ، وذلك تيمنا بسماع كلمتها وطاعتها في المستقبل ، وفي مصر اعتادت الفتيات ” قرص ” أو لسع العروس وذلك لكسب الحظ في فرصة زواج قريبة . وقد إتخذت الشعوب طقوسا متعددة للإحتفال بالرباط المقدس ، وللشعوب العربية اذن حصة من هذه الطقوس ، فالحناء شكل من اشكال هذه الطقوس لاضفاء زينة للعروس قبيل زفافها ، وفي اعراسنا طقوس وعادات رافقتنا وما زالت ، بعضنا يعرف ما ترمز إليه هذه الطقوس ويمارسها تيمنا بما كانت ترمز اليه هذه ، وآخرون يمارسونها لانها ” العادة ” .
وبالعادة ما تنشغل أمهات العرسان بتفاصيل هذه الطقوس وبتنفيذها بدقة خلال مراسم العرس ، ومن ابرز هذه العادات تقليد ” لصق العجينة ” على باب منزل العروسين ، وهذا رمز لحياة زوجية دائمة ، ويقول البعض أنه اذا ما سقطت العجينة ولم تلتصق ، فهذا فال سيء للعروس ، وهناك من يضيف النقود للعجينة كرمز لكسب الرزق .
ومن العادات المتبعة في بلادنا شرب العريس والعروس العصير من فوهة الابريق ، وهناك من يسميها ” طاسة الرعبة ” أو كأس المحبة .
” هناك عادات قديمة لم تعد تصلح اليوم “
هذه هي الحاجة فاطمة الحميد من دير حنا ، التي بدت متحمسة حينما طلبنا منها أن تحدثنا عن العادات والتقاليد المتبعة في الأعراس ، وقالت والإبتسامة تعلو شفتيها : ” كانت لدينا الكثير من العادات ، أهمها الحناء قبل الزفة والتي كانت مشروع زينة فيما سبق ، فاليوم الحناء يتم بشكل رمزي على كف اليد ، وهناك عادات قديمة لم تعد تصلح اليوم ، مثل عادة ضرب العريس قبل دخوله الى عروسه ، وهذا تحفيز له لضرب العروس ولو ضربة واحدة كرمز لسطوته عليها ، ولكن هذه العادة اختفت من عاداتنا وبقيت عادات اخرى مثل لصق العجينة عند وصول العروس إلى منزل العريس في الزفة وهي رمز لحياة زوجية دائمة ، والنقود التي توضع بالعجينة رمز للرزق ، اليوم استبدلت ” طاسة الرعبة ” التي كنا نسقي العروس منها لكي لا تخاف قبل دخول العريس عليها بكأس المحبة وبقي ابريق الفخار المزين ، فنصب الماء في كأس يشرب منه العروسان ، وهذا رمز للمحبة والعشرة ، اما شباين ” وصيف ” العريس والعروس فيجب ان يكونوا عزابا ، وذلك لجلب حظ الزواج لهما ، وقد إعتادت الفتيات قرص العروس لجلب حظ الزواج ، وطبعا لا ننسى حمام العريس الذي استبدل اليوم بالزيانّة ، فكانت العادة ان يقوم الشبان بحمام العريس والحلاقة يوم الزفاف وسط الاغاني والرقص ، ولكن اليوم هذه العادة تغيرت قليلا فأصبح العريس بالماء وسط الغناء والرقص ، ويشارك كافة الاصدقاء في الزيانة وتلطيخ الوجوه بصابون الحلاقة “.
وإستطردت الحاجة فاطمة الحميد قائلة : ” من اهم طقوس طلعة العروس هي دخول العريس مع العراضة حيث يرافقه اصدقاؤه لحين وصوله الى العروس ، ولدى وصوله الى العروس يغادر الشبان المكان وعندها يقوم العريس برفع الطرحة عن وجه العروس وكأنه يراها لاول مرة ، هذه العادة كانت في السابق لان العريس لم يكن يرى عروسه قبل يوم الزفاف بثلاثة شهور ، وكان يمنع من رؤيتها بزينتها واليوم بقي من هذه العادة رفع طرحة العروس “.
” سأمارس هذه التقاليد بيوم زفافي “
من جانبها ، تقول ناريمان حليحل من عكبرة أنها تحب عادات وتقاليد العرس القديمة ، وأنها ستحرص على إتباعها بيوم زفافها رغم أنها تجهل إلى ماذا ترمز هذه الطقوس والعادات ، وتضيف قائلة : ” أنا بطبعي أحب العادات والتقاليد العربية القديمة ، وفي يوم زفافي سأمارس هذه التقاليد فهي جزء لا يتجزأ من أجواء الفرح والسرور في يوم الزفاف ، وربما أجهل معظم معاني هذه الطقوس ولكنها العادات التي عاش عليها آباؤنا واجدادنا ، ولا ارى بها ما يسيء ، فانا اسمع مثلا ان لصق العجينة فوق باب بيت الزوجية يجلب الحظ والرزق مستقبلا ، وطبعا لا بد من طقوس الحناء و” كأس المحبة ” ، فهذا جزء من التراث الجميل ربما بحلل جديدة اليوم ولكنه يضفي رونقا جميلا الى طقوس الزواج والزفاف “.
” طقوس ربما فقدت قيمتها ومعناها “
أما صفاء أبو صالح من سخنين فلها رأي مغاير ، وتقول أن هنالك بعض العادات بحفلات الزفاف مكلفة ومرهقة وأن هنالك بعض الطقوس التي لا تتناسب مع زماننا هذا ، وتوضح رأيها قائلة : ” ربما يكون فرحي متواضعا جدا ، ويكون عبارة عن إحتفال صغير يقتصر على عائلتي وعائلة العريس ، وسأختصر الكثير من طقوس الزفاف الشعبية الطويلة والمرهقة باعتقادي ، فهناك طقوس ربما فقدت قيمتها ومعناها ولا أراها تتناسب مع حياتنا اليوم ، بالمقابل هناك طقوس جميلة لا تزال تحافظ على رونقها وجمالها وهذه لا بد منها ، ولو انها اتخذت اليوم صورا مختلفة عما اعتاده اجدادنا ، فاليوم لا وجود لطاسة الرعبة وقد حل مكانها كأس المحبة ، ربما عادة لصق العجينة هي التقليد الوحيد الذي لم يتغير لا فيما يعنيه ويرمز اليه ولا في الممارسة ، وهذا احد المشاهد التي اعتدنا عليها وربما ستبقى لسنوات اخرى “.
” فقس البيض فوق رأس العروسين في سخنين ”
أما نضال ملالحة من سخنين ، فحدثتنا عن إستحداثها لعادة ” فقس البيض ” فوق رأس العروسين ، والبيض الذي تستخدمه لهذه المهمة هو بيض للزينة ، علما ان هذه العادة كما تقول ملالحة متبعة في بعض مناطق الضفة الغربية ، وتضيف قائلة : ” هذه طريقة مستحدثة لعادات قديمة في الضفة الغربية ، إذ يستبدل صفار البيض بالزينة ، مما يضفي منظرا وجمالا لطقوس لصق العجينة على بوابة بيت العريس ، وأنا أضيف الزينة على لون البيض ونكتب التهاني وأسماء العروسين على البيض ، فقد أصبحت هذه العادة العتيقة رائجة في سخنين “.
” تعليمات تمرر للعريس من قبل النسوة “
شادي ورشا دلاشة من البعينة واللذان إقترنا قبل نحو عامين حدثانا عن تجربتهما في ممارسة الطقوس والعادات المختلفة بحفل الزفاف .
ويقول شادي دلاشة : ” هذه الطقوس للعروس أكثر منها للعريس ، فالعريس يشارك في الحناء ليلة الزفاف ، وهي عادة قديمة ويحافظ على جمالها وبهجتها حتى اليوم ، ويتوجب على العريس المشاركة قبل الزفاف بالزيانة وهي اجواء بهيجة وسط حضور الشبان الذين يبدأون برشق المياه على كل من يشارك في مراسيم الزيانة وصابون الحلاقة كذلك ، وهذه الطقوس استبدلت طقوس الحمام التي كانت متبعة سابقا ، وهي طقوس شبابية اكثر منها تراثية ، اما شرب كأس المحبة ورفع الطرحة عن وجه العروس فهي تعليمات تمرر للعريس من قبل النسوة قبل دخوله الى العروس ، وقد نفذتها كما ينفذها غيري من دون التفكير بها اصلا ، فالأجواء الاحتفالية يوم الزفاف لا تتيح اصلا للعريس الكثير من حرية التصرف ، فهو ينهمك بتنفيذ التعليمات من قبل المحيطين به طوال يوم الزفاف “.
اما رشا دلاشة فأدلت بدلوها قائلة : ” ان اصعب الطقوس لصق العجينة ، فهذه طقوس لا بد منها ، وطوال فترة خروجي من الصالون مع ” فاردة”اهل العريس كنت افكر بكيفية لصق العجينة على البوابة ، وكيف سأصل للبوابة مع فستان الزفاف الكبير ، وماذا لو لم تلتصق العجينة فوق البوابة فما الذي سيحدث ؟ ولكنها مرت بسهولة أكثر مما كنت اتوقع وهي حمل صغير يرافق العروس في يوم الزفاف ، أما بقية الطقوس فهي اسهل بكثير فالعروس تنتظر وصول العريس لرفع الطرحة بعد ” الطلعة ” ، وتبدأ مراسم الاحتفال واغاني طلعة العروس ، وخلال ذلك يتم شرب كأس المحبة وتبديل المحبس من اليد اليمنى الى اليد اليسرى ، وهي امور تتعلمها العروس من مشاهدتها لاعراس سابقة وطبعا تكون هناك العديد من المرشدات اللواتي يذكّرن العروس متى يكون تبديل المحابس وغيره “.