يوم باع ملك عربي سيارته الأميركية لطفل عمره 4 سنوات
تلفزيون الفجر | بعد اغتيال رئيس الوزراء الأردني، هزّاع المجالي، بتفجير استهدف مقر الحكومة صباح 29 أغسطس 1960 في عمّان، وجدت عائلته نفسها تقيم في كنف العائلة الملكية الأردنية، في دار مجاور لقصر زين الشرف، والدة العاهل الأردني في ذلك الوقت، الملك حسين. وذات مرّة، حين كان الملك يزور والدته، صودف أن التقى بحسين هزّاع المجالي، وكان لا يزال طفلاً في الرابعة من عمره.
أسرع الطفل إلى الملك وقال له: "سيارتك جميلة، بتبيعها"؟ اقترب العاهل منه وقال له: "كم معك؟" فردّ الصغير: "معي قرش ونص" (أي ما يوازي اليوم 15 فلسا بالعملة الأردنية) فوافق الملك على العرض، وأخذ منه ما كان في جيبه. ففوجئت أم الطفل بأحدهم يأتي في المساء، وافداً من القصر، ومعه سيارة Desoto أميركية، هدية من الملك إلى ابنها حسين، وعندما اتصلت بالقصر لتشكر للعاهل الأردني فيض كرمه، قال لها: "لا تشكريني، ابنك اشترى السيارة ودفع ثمنها"، فاستغربت الأم ما سمعت، وسألت ابنها عن تفاصيل "صفقة" أخفاها عنها، فأوضح لها أنه عرض على الملك شراءها، ووافق الأخير على بيعها، فغضبت وخلعت من رجلها "قبقاباً" من الفلين لتضربه به عقاباً على ما فعل، ولا تزال صورة حذاء والدته ماثلة في ذهنه إلى اليوم.
دار الزمان، وشبّ حسين المجالي، إلا أنه لم ينس السيارة وقصتها، وهو ما رواه بنفسه على شاشة "العربية"، قائلاً: "في ذلك اليوم كانت خسارتي كبيرة، لأني دفعت كل ما لديّ ثمناً لسيارة أخذتها مني والدتي، وفوق ذلك نلت نصيبي من العقاب"، بحسب ما يذكر الرجل، الذي انخرط بعدها في الجيش، وتدرّج في الرتب حتى أصبح المرافق الخاص للملك حسين، ثم قائداً لمجموعة حرسه، وقائداً بعدها للحرس الملكي مع الملك عبد الله الثاني.
لاحقاً تمّ تعيين حسين المجالي سفيراً لدى البحرين، ثم مديراً للأمن العام في الأردن، ثم وزيراً للشؤون القروية قبل تعيينه وزيراً للداخلية، ثم عضواً في مجلس الأعيان، وهو المنصب الذي لا يزال يشغله إلى اليوم.
هذه القفزات النوعيّة في مسيرة حسين المجالي، جعلته يختزن الكثير من "الأسرار" عن الملك حسين، في شبابه، ثم عند مرضه ولاسيما منها أيامه الأخيرة، إضافة إلى قراره في فبراير 1999 تبديل ولاية العهد، قبل أسبوع من وفاته. كما يتحدث عن ترتيبات جنازة الملك وتشييعه المهيب، ثم انتقال العرش إلى نجله الملك عبدالله الثاني.
في الفترة التي عمل فيها المجالي مديراً للأمن العام، ثم وزيراً للداخلية في عهد الملك الحالي، يكشف أن السلطات الأردنية أحبطت 65 عملية إرهابية، لم يتم الإعلان سوى عن 14 منها. لم ينس المجالي وهو اليوم في سن الـ59 الحديث أيضاً عن ما سمّوه "ثورة الخبز" في 1996 بمحافظة "معان" البعيدة في الجنوب الأردني، ثم عن التظاهرات في هذه المنطقة في 2013، ولا عما حدث أيضاً للطيار معاذ الكساسبة، بعد إسقاط طائرته الحربية فوق سوريا ووقوعه أسيراً لدى "داعش"، الذي أعدمه حرقاً وصوّر العملية وبثّها عبر مواقع التواصل. فيروي الكثير عن كواليس خلية أزمة تم تشكيلها لمعالجة الموضوع، ويلفت إلى أن "قوات كوماندوس أردنية دخلت مرتين إلى مكان احتجازه، لكنها لم تجده، لأن خاطفيه كانوا يغيّرون مكانه في كل يوم".
هذا وغيره الكثير من الأسرار، مما يمكن اعتباره مجهولاً، إلا لقلة من العارفين، كنجاة الملك حسين من التفجير الذي أودى بحياة والد حسين رئيس الوزراء هزاع المجالي، سيرويه ابنه لطاهر بركة، في 4 حلقات أسبوعية ضمن برنامج "الذاكرة السياسية"، بدءاً من يوم الجمعة المقبل 22 مارس، الساعة 19:30 بتوقيت غرينتش، 22:30 بتوقيت السعودية.