لمتابعة أهم الأخبار أولاً بأول تابعوا قناتنا على تيليجرام ( فجر نيوز )

انضم الآن

رمضان موسكو .. جهاد للنفس وخمور على مائدة الإفطار



تلفزيون الفجر الجديد- عقارب الساعة تشير إلى العاشرةمساء بتوقيت موسكو، أنظر إلى السماء حيث يبدأ قرص الشمس رحلته إلى الغرب، إنه أولأيام الشهر الفضيل عند المسلمين، أما عند أغلب الروس فهو يوم روتيني.

هنا لن تشعر بأجواء رمضان التي اعتدت عليها، فلاموظفين يغادرون أعمالهم ظهرا بسبب شعورهم بالعطش والاجهاد، ولا أناس يتسابقونويتصارعون للرجوع إلى بيوتهم مبكرا لتناول وجبات الافطار الدسمة.

أحاول ان أسابق الزمن للوصول إلى المنزل لتحضيروجبة سريعة تهدئ من معركة أمعائي الخاوية منذ أكثر من 16 ساعة، في طريقي أصادفمجموعة من الفتيات الروسيات المتجهات إلى أحد النوادي الليلية القريبة، يتردد فيذهني مقولات استمعت إليها في الماضي "كف البصر" "حافظ علىصيامك" "النظرة الأولى لك أما الثانية فعليك" للأسف تفشل المواعظداخل عقلي في تحويل نظري عن الجمال الروسي، ربما ليقيني بانه لا يفل شهوة الطعامسوى شهوة أخرى.

ينتزعني من أفكاري صوت رنين الهاتف. أرد لأجدأحد الأصدقاء. أشعر براحة لسماع صوته فربما يختلس حديثنا بضع دقائق إضافية منشعوري بالجوع في أول ايام رمضان.

يبدأ الصديق حديثه بوصف صلاة الجمعة التي حضرهافي الجامع الكبير بمنطقة "بروسبكت ميرا" ومعاناته الاسبوعية المعتادةأثناء الصلاة بسبب عدم فهمه للخطبة التي تلقي باللغة الروسية، أو جراء ضيق المكانوعدم تنظيم صفوف المصلين داخل المسجد وخارجه، أرد عليه بكلمات معتادة عن ثمنالغربة والمعاناة خارج الوطن، يقاطعني بسؤال مفاجئ عن قيمة حضور خطبة غير مفهومة ؟ومغزي صلاة الجمعة  بدون الخطبة؟، أترددثواني وأجاوبه في النهاية أن كثيرين في بلادي يذهبون إلى الجمعة في الدقائق الخمسالأخيرة من خطبتها، بل إن بعضهم يفضل الانتظار خارج المسجد حتى آذان الاقامة، كيلا يستمع إلى الخطبة التي لا تخرج عادة عن مواعظ وقصص تاريخيه. يأخذنا الحديث إلىموضوعات شتى متعلقة بالعمل والحياة لأجد نفسي داخل المنزل.

اعتذر سريعا لصديقي عن ضرورةإنهاء المكاملة بسبب ضيق الوقت قبل موعد الافطار، يبدي استغربه ويؤكد أن التقويمالذي حصل عليه في المسجد يؤشر إلى أن موعد آذان المغرب بعد نصف ساعة، أنظر إلىالسماء فلا أرى الشمس وإن بقي نورها في الأفق. أحزم أمري بأني لن استطيع البقاء فيالبيت لاكثر من ذلك، سأقبل دعوة تلقيتها من مجموعة من اصدقائي الروس لتناول العشاءمعا، فالمطعم قريب كما أن بعضهم من المسلمين وربما يكونون صائمين فلا أشعر بالوحدةالمعتادة لتناول الإفطار.

وصلت إلى المكان لأجد تجمعا كبيرا من الروسوالعرب المقيمين في البلاد لفترة طويلة، بعد عبارات المجاملة المعتادة يلفتانتباهي للمرة الأولى أن أسم المطعم الذي نجلس فيه يحمل معنى عربيا، شك سرعان ماتحول إلى يقين مع رؤيتي لقائمة الطعام التي ضمت "فلافل"و"متبل" و"حمص" وغيرها من مختلف اصناف المأكولات الشامية، إذنفعلى الأغلب صاحب المطعم هو رجل أعمال عربي مقيم في روسيا منذ فترة طويلة، شعرتبسعادة حقيقية لاني لن احتاج إلى التمحيص في قوائم الطعام كما يحدث عادة عندزيارتي للمطاعم في موسكو بهدف تجنب أنواع معينة من اللحوم والمأكولات، بعد مروردقائق وصل الطعام ومعه أنواع مختلفة من الكحوليات لعدد منالجالسين، دارت في ذهني أسئلة مختلفة عن حكم جلوسي أثناء الأفطار مع أشخاص يحتسونالخمور، لكن عقلي سرعان ما جاء بالرد.. وما المشكلة في ذلك إنها ليست المرة الأولىالتي أجلس فيها مع أشخاص يشربون الكحوليات كما ان الجميع هنا يحتسون المشروباتالروحية فهي كالشاي عند العرب، وبينما يصارع ذهني مثل هذه الاسئلة وجدت ساعتي تؤشرإلى موعد آذان المغرب .

الجميع كان يرفع الكؤوس في نخب أحد الأصدقاء أماأنا فتناولت كوبا من الماء ورسمت ابتسامة عريضة لصاحب النخب، بينما يردد عقلي"اللهم إني لك صمت وعلى رزقك أفطرت" قبل أن يتناول الجميع ما في كؤوسهم.

الرابط المختصر: