الأمم المتحدة: مشاريع القوانين الإسرائيلية بشأن الأونروا تقوض أسس القانون الدولي وستكون لها عواقب وخيمة
حذرت الأمم المتحدة من أن مشاريع القوانين الثلاثة التي أقرتها “الكنيست” الإسرائيلية المتعلقة بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، تقوض أسس القانون الدولي والمعايير متعددة الأطراف وستكون لها عواقب وخيمة وفورية وستعرض جميع موظفي الأونروا وولاية الجمعية العامة للخطر المباشر.
جاء ذلك خلال اجتماع عقده مجلس الأمن الدولي اليوم الجمعة، حول “الوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية”، بطلب من الجزائر والصين وروسيا لمناقشة الوضع الإنساني في غزة.
وقالت نائبة المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا” أنتونيا ماري دي ميو، إن المعاناة في قطاع غزة آخذة في التصاعد، رغم تبني مجلس الأمن الدولي عدة قرارات تهدف إلى إنهاء الحرب.
وأكدت في كلمة لها، عبر الفيديو، أن إيصال المساعدات الإنسانية لا يزال مهمة مستحيلة في ظل استمرار العمليات العسكرية وانعدام الأمن والخروج على القانون، ووسط بنية تحتية مدمرة أو متضررة، ونقص الوقود، والقيود المفروضة على التنقل والاتصالات.
وتابعت: “بينما أتحدث اليوم، تم رفض منح العديد من موظفي الأمم المتحدة، فضلا عن موظفي المنظمات غير الحكومية، تأشيرات لدخول إسرائيل. وانتهت صلاحية تأشيرة المفوض العام للأونروا منذ أكثر من شهر ولم يتم تجديدها بعد. وبالنسبة لموظفي الأمم المتحدة الذين مُنحوا تأشيرات، فإن معظم هذه التأشيرات لا تدوم سوى شهرين أو ثلاثة أشهر، الأمر الذي يتطلب عمليات بيروقراطية متكررة وطويلة”.
وأضافت دي ميو: “في غزة، أصبح التجاهل الصارخ للقانون الإنساني الدولي أمراً شائعاً، فيما يستمر الأطفال والنساء والصحفيون والعاملون في المجال الإنساني في دفع ثمن باهظ، والأونروا ليست استثناء، إذ قُتل حتى الآن 199 زميلاً، غالبيتهم العظمى مع عائلاتهم، وقد تعرض حوالي 190 مبنى (ما يقارب من ثلثي مباني الوكالة) للقصف، وتم هدم العديد من المدارس التابعة لها، منها 8 مدارس كانت تؤوي نازحين خلال الأسبوعين الماضيين، فيما قضى أكثر من 560 نازحاً، بينهم العديد من النساء والأطفال، أثناء لجوئهم إلى مقار تابعة الأمم المتحدة، وفي الأسبوع الماضي تم إطلاق النار على قافلتين تابعتين للأمم المتحدة كانتا في طريقهما إلى شمال قطاع غزة، بالرغم من التنسيق والتفويض من الجيش الإسرائيلي”.
وشددت نائبة المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين، على أن لا مكان آمناً في غزة ولا أحد في مأمن، بما في ذلك عمال الإغاثة الإنسانية.
وتطرقت أنتونيا ماري دي ميو في كلمتها إلى استمرار جهود الاحتلال لتفكيك “الأونروا”، مشيرة إلى رفض إسرائيل منح تأشيرات دخول للعديد من موظفي الأمم المتحدة، وامتناعها عن تجديد تأشيرة المفوض العام للأونروا منذ أكثر من شهر، وإخضاع عملية استصدار التأشيرات لعمليات بيروقراطية متكررة وطويلة.
وذكرت في ذات السياق، أن المعلومات الخاطئة والمضللة حول “الأونروا” تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، وتتجاوز في بعض الأحيان خط التحريض على العنف، بما يعرض العاملين في الوكالة لخطر جسيم، وخاصة في الأرض الفلسطينية المحتلة.
ونوهت في ذات السياق إلى أن الكنيست الإسرائيلية صادقت يوم الاثنين الماضي بالقراءة التمهيدية على ثلاثة مشاريع قوانين تشريعية تتعلق بـ”الأونروا”، أحدها يهدف إلى حظر عمليات الوكالة في القدس الشرقية المحتلة؛ والثاني يسعى إلى إلغاء امتيازات الأمم المتحدة وحصاناتها الممنوحة للأونروا منذ عام 1949؛ والثالث يصنف “الأونروا” على أنها منظمة إرهابية.
وقالت: “إذا تم إقرار مشاريع القوانين هذه، فإن العواقب ستكون وخيمة وفورية، فهي تعرض جميع موظفي الأونروا وتفويض الجمعية العامة للوكالة لخطر مباشر. لا يمكن أن نتحمل أن يصبح هذا معيارًا جديدًا للعمليات الإنسانية المستقبلية في مناطق الصراع حول العالم”.
وأكدت أنه يتوجب التصدي للدعوات المطالبة بتفكيك وكالة “الأونروا”، بسبب دورها في حماية حقوق لاجئي فلسطين، ولأنها تجسد التزام المجتمع الدولي بحل سياسي عادل ودائم.
بدوره، أكد نائب المنسق الخاص والمنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية بمكتب منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط مهند هادي، على ضرورة الاستجابة لمطالب وقف إطلاق النار وتمكين المؤسسات من تقديم المساعدات للفلسطينيين في غزة، بما يتماشى مع المبادئ الإنسانية.
وذكر أن الآلاف من الأطفال في القطاع تعرضوا لإصابات مروعة، مثل الحروق من الدرجة الثالثة وبتر الأطراف والصدمات النفسية العميقة، في ظل مخاطر أخرى تحدق بهم تتعلق بالذخائر الإسرائيلية التي لم تنفجر، واحتمال إصابتهم بأمراض خطيرة، مثل شلل الأطفال، بسبب تراكم أكوام القمامة وتدفق مياه الصرف الصحي في مخيمات النزوح.
وقال إن لا أحد يشعر بالأمان في غزة، ولا تزال البيئة الآمنة لتقديم المساعدات الإنسانية غير متاحة بعد مرور ما يقرب من 10 أشهر على الحرب، مشيراً إلى أن الحملة الإسرائيلية ضد وكالة “الأونروا” والهجمات التي تستهدف مبانيها وجهود إعلانها منظمة إرهابية لإنهاء عملياتها، غير مقبولة على الإطلاق وتعرض العمليات الإنسانية للخطر.
وشدد أن الإجراءات الحالية المعمول بها لإيصال المساعدات وشحنات الوقود من المعابر إلى المحتاجين مرهقة وخطيرة ومكلفة، داعياً إلى فتح كل المعابر مع قطاع غزة بما فيها رفح، وتسهيل إجراءات مرور البضائع والمعونات من مصر والأردن.
وأضاف هادي أن الأثر الإنساني للحرب على غزة لن يقتصر على سنوات، بل سيطال أجيالاً قادمة، بما يحتم الإعلان فوراً عن وقف إطلاق النار.
من جانبه، طالب مندوب روسيا في مجلس الأمن فاسيلي نيبينزيا، رئيس مجلس الأمن لهذا الشهر، إسرائيل بالالتزام بالقانون الإنساني الدولي وتحمل المسؤولية والتوقف عن عرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، مشيراً إلى أن قرارات مجلس الأمن بشأن الصراع في الشرق الأوسط لا يجب أن تبقى حبرا على ورق.
وأكد أن الوضع الإنساني في قطاع غزة لا يزال كارثياً بعد نحو 300 يوم من الحرب الإسرائيلية فيما وصل عدد الضحايا من المدنيين وصل إلى أرقام مذهلة، غالبيتهم من النساء والأطفال.
وأشار إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي قصف قطاع غزة بأكثر من 50 ألف قذيفة، واستهدف بها البنى التحتية والأعيان المدنية بما فيها المستشفيات والمدارس، بينما تتواصل معاناة أهل غزة جراء النزوح بحثاً عن مكان آمن، وبسبب نقص مياه الشرب والغذاء والأدوية ومستلزمات النظافة الشخصية.
وأضاف: “الكثير من موظفي المنظمات الإنسانية أكدوا أنهم طيلة حياتهم لم يشهدوا أهوالاً ومعاناة كتلك التي يعيشها أهالي قطاع غزة، وحتى الآن ما من أمل في إنهاء المعاناة في المستقبل القريب، والأسوأ من ذلك شهادة طبيب أمريكي مكث في غزة 8 أشهر وشاهد قناصة إسرائيليين يستهدفون الأطفال تحديداً”.
وتطرق مندوب روسيا كذلك إلى الحملة المضللة التي تشن ضد “الأونروا” استناداً إلى مزاعم مشينة قدمتها إسرائيل حول موظفي الوكالة لم تثبت صحتها، بما يحتم على أعضاء مجلس الأمن الوقوف في وجه مساعي تشويه سمعة إحدى مؤسسات الأمم المتحدة والنيل من مصداقيتها.
وأكد أن مشروع القرار في “الكنيست” لحظر نشاط “الأونروا” واعتبارها وكالة إرهابية، تمثل صفعة لكل جهود تحقيق الاستقرار والسلام، مؤكداً على وجوب أن تتقيد كافة الأطراف بأحكام القانون الدولي، وأن تقوم القوة القائمة بالاحتلال بالاضطلاع بمسؤولياتها تجاه الشعب الرازح تحت الاحتلال.
من ناحيته، قال ممثل الجزائر في مجلس الأمن، إنه لا يمكن تجاهل تحذيرات منظمة الصحة العالمية بشأن تفشي الأمراض بين السكان النازحين، لأن الأمراض التي يمكن الوقاية منها ستودي بحياة المزيد من الناس بسبب نقص المعدات الطبية الأساسية المقيدة ظلماً تحت ذرائع الاستخدام المزدوج.
وطالب بفتح جميع المعابر الحدودية مع قطاع غزة، بما في ذلك معبر رفح، وتمكين “الأونروا” وغيرها من الجهات الفاعلة الإنسانية من توزيع المساعدات في جميع أنحاء غزة.
ودعا إلى إطلاق حملة تطعيم واسعة النطاق تقوم عليها منظمة الصحة العالمية، لمنع انتشار الفيروس المسبب لشلل الأطفال.
وأضاف أن كل التدابير آنفة الذكر ستكون عديمة الفائدة دون إعلان وقف إطلاق النار.
أما مندوب الصين فقال إن المأساة المتكشفة في قطاع غزة تختبر الضمير الأخلاقي للإنسانية وتهز أسس العدالة الدولية، مؤكداً أنه تم تجاوز الخطوط الحمراء للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي مرارًا وتكرارًا.
وأكد أن ما يجري سيُذكر على أنه “وصمة عار في تاريخ البشرية يصعب محوها، مذكرا بمرور نحو شهرين على اعتماد مجلس الأمن القرار 2735 الداعي إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وطالب مندوب الصين، الولايات المتحدة بممارسة ضغوط أكبر على إسرائيل للمساعدة في تحقيق وقف إطلاق نار فوري، داعياً إلى عقد مؤتمر سلام دولي لوضع جدول زمني وخريطة طريق لتنفيذ حل الدولتين.
وأعرب مندوب الإكوادور في مجلس الأمن عن قلقه إزاء الوضع الإنساني الكارثي في غزة، وقال إن الظروف الصحية كارثية والظروف المعيشية لسكان غزة تتدهور بشكل أكبر.
وأكد أنه لا ينبغي استهداف السكان المدنيين والعاملين في المجال الإنساني، وناشد الأطراف إظهار الإرادة السياسية والمرونة لإبرام اتفاق من شأنه أن يوقف العنف ويضمن حلاً عادلاً وسلمياً.