
مجلس الأمن القومي الإيراني يمهل المتعاونين مع الاحتلال حتى الأحد لتسليم أنفسهم قبل تطبيق “أقصى العقوبات”
أصدر المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، مساء السبت، بياناً حازماً دعا فيه جميع الأفراد المتعاونين مع الاحتلال داخل البلاد إلى تسليم أنفسهم للسلطات المختصة في موعد أقصاه يوم الأحد 22 يونيو/حزيران الجاري، محذرًا من أن كل من يتخلف عن ذلك سيواجه “أقصى درجات العقوبة” بوصفه متعاونًا مع العدو في ظروف الحرب.
وأكد البيان، الذي نقلته وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية، أن الفرصة الأخيرة متاحة حتى نهاية يوم الأول من شهر “تير” وفق التقويم الفارسي، وأن كل من يسارع بالإبلاغ طوعًا عن علاقاته المباشرة أو غير المباشرة مع “الكيان الصهيوني” قد يُمنح فرصة للعفو الإسلامي استنادًا إلى القوانين السارية.
وأوضح المجلس أن الأفراد الذين يتجاهلون هذه المهلة سيُعتبرون رسميًا جزءًا من “الطابور الخامس”، وهو تصنيف قانوني في القوانين العسكرية الإيرانية يشير إلى من يتعاون مع العدو زمن الحرب، ما يعرّضهم لتهم خطيرة مثل التجسس أو تقديم دعم عسكري، وهي جرائم تصل عقوبتها إلى الإعدام أو السجن المؤبد.
وأكد البيان بلهجة شديدة أن كل من يضبط بحوزته معدات عسكرية مثل طائرات مسيّرة أو أجهزة اتصالات أو أسلحة أو متفجرات، سيواجه إجراءات قانونية صارمة وفورية وفق قوانين الأمن القومي.
وجاء هذا التحذير بعد إعلان السلطات الأمنية في طهران عن تفكيك شبكات تجسس مرتبطة بــ”إسرائيل” داخل البلاد.
وفي السياق ذاته، قال المتحدث باسم قيادة قوى الأمن الداخلي الإيراني، العميد سعيد منتظر المهدي، إن وحدات تفكيك المتفجرات نجحت في إحباط محاولة تفجير بعبوة إلكترونية زنة نصف رطل غرب طهران، كانت قد زُرعت من قبل عناصر مرتبطة بإسرائيل، بحسب التحقيقات الأولية.
وأضاف أن إحباط العملية جاء بفضل يقظة المواطنين وسرعة تدخل الفرق المتخصصة، وتم نقل العبوة إلى منطقة آمنة وتفكيكها دون تسجيل أي إصابات أو أضرار.
ويأتي تصاعد هذه الإجراءات الأمنية وسط استمرار الحرب المفتوحة بين الاحتلال وإيران، حيث تشهد المنطقة تصعيدًا غير مسبوق على المستويين العسكري والاستخباراتي.
وتؤكد الأجهزة الأمنية الإيرانية أن “العدو الصهيوني” يكثف محاولاته لزرع خلايا تخريبية داخل العمق الإيراني، بهدف تقويض الجبهة الداخلية وزعزعة الاستقرار.
وكان مسؤولون إيرانيون قد حذروا مرارًا في الأيام الماضية من أن أي تورط مع الاحتلال، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، سيُعتبر خيانة وطنية، في وقت تتصاعد فيه الحرب الإقليمية بين الطرفين على عدة جبهات، من البحر الأحمر والخليج إلى العراق وسوريا ولبنان.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة تمثل تصعيدًا خطيرًا في السياسة الأمنية الداخلية لإيران، وتفتح الباب أمام حملة اعتقالات واسعة قد تطال مئات الأشخاص المشتبه بعلاقتهم بــ”إسرائيل”، خاصة بعد إعلان الأجهزة الأمنية الإيرانية رصد “تحركات غير اعتيادية” في عدة محافظات خلال الأسابيع الأخيرة.
كما تثير هذه الإجراءات تساؤلات في الأوساط الدولية حول مدى تأثير التصعيد الأمني في الداخل الإيراني على المفاوضات الجارية في جنيف بين طهران والقوى الأوروبية بشأن إحياء الاتفاق النووي، والتي لم تحقق تقدمًا ملموسًا حتى الآن.
ويأتي بيان المجلس الأعلى للأمن القومي في وقت حساس للغاية، بعد سلسلة اغتيالات استهدفت مسؤولين أمنيين وعسكريين إيرانيين، والتي اتهمت طهران مباشرة “إسرائيل” بالوقوف خلفها، في إطار حرب الظل المستمرة بين الطرفين منذ سنوات، والتي خرجت مؤخرًا إلى العلن مع اندلاع المواجهة العسكرية المباشرة.
في هذا السياق، يقول محللون في طهران إن هذه المهلة المعلنة قد تكون تمهيدًا لحملة أمنية شاملة ضد أي نشاط استخباراتي معادٍ، خاصة بعد تزايد القلق الرسمي من محاولات “إسرائيل” استهداف المنشآت النووية الإيرانية من الداخل، سواء عبر التخريب الإلكتروني أو الهجمات الميدانية المباشرة.
ويشير مراقبون إلى أن البيان الإيراني ينذر بمرحلة جديدة من الصراع المفتوح مع “إسرائيل”، ليس فقط على جبهات القتال الخارجية، بل داخل العمق الإيراني نفسه، حيث تسعى طهران لإغلاق كل الثغرات الأمنية التي قد تستغلها “تل أبيب” لضرب أهداف حساسة في البلاد.