«الأخوة».. غاب المنطق وعَمّت الفوضى
تلفزيون الفجر الجديد- بين منطقٍ غائب، وفوضى عارمة، ومطٍّ وتطويلٍ لا حاجة لهما، والجرأة التي تعكسها الإيحاءات غير المباشرة، يتحرك عدد كبير من الممثلين كالدمى، يؤدون أدوارهم في مسلسل «الأخوة» الذي تعرضه شبكة قنوات « OSN»، في رحلتهم في الجزء الثاني من المسلسل، الذي بدأ من حيث انتهى الأول، نهايةً لا موقع لها من الإعراب.
نقف اليوم أمام تفاصيل عملٍ لم يراعِ اعتبارات كثيرة، ولم يضعها في الحسبان، أهمها مكان التصوير ووقت العرض ووعي المُشاهد وذكاؤه، فأبوظبي التي احتضنت الأحداث، لم تصل للمشاهد إلا بأناقة عمرانها ورقي مبانيها ونظافة مدنها وشوارعها ونوع عُمْلَتها، أما واقعها المبني على النظام والأمان فقد انعدم في المسلسل، ليظهر أبطال العمل بشكل غير مدروس، يتحكمون بكل ما حولهم، فيمتلكون الأسلحة، ويطلقون الأعيرة النارية، ويتعرضون للاختطاف، ويطاردون المختطِفين ويلاحقونهم، كما يتعرض مصنعهم للحرق بفعل فاعل بغرض الانتقام من أحدهم، وها هي قصة أخرى تدخل على الخط تسير بمنحى التخطيط لجريمة قتل.
أوتار الجرأة
وبين كل هذه الأحداث التي تتجدد دون أي حاجة لها، تلعب الجرأة على الأوتار بإيحاءات بطلة العمل «ميرا» التي تؤدي دورها أمل بوشوشة، ووقوعها في غرام «نور» ويؤديه تيم حسن، وانتظارها لكل لحظة تجمعها به على سرير العشق الحرام، لتبقى تطارده بينما يتهرب منها، ويصاب بعدها بجرعة انفعالات متباينة ومتناقضة. ولأن لكل حدث ما يبرره، تسهل صياغة أحداث جديدة لا واقع لها ولا منطق، فبعد رحلة بحث طويلة قضتها لينا دياب «ماسة» في محاولة العثور على والدتها مرح جبر «سمر»، عادت الأم للغياب مرة أخرى بحجة زواجها من رجل مصري وإنجابها لطفل منه، وأخفت رانيا يوسف «سارة» الورقة التي كتبتها الأم لابنتها بلا أي هدف سوى زيادة عدد الحلقات.
الصدفة
كما اكتشفت كارمن لبس «فاتن» حرق محمد حداقي «كرم» للمصنع، من خلال عبثها بهاتف زوجته السابقة «سارة»، لتكون الصدفة هنا الشماعة التي يعلق عليها المؤلف الأحداث، ويلجأ لها حين يبحث عن منفذ فلا يجد.
وفيما يتعلق بوقت عرض الجزء الثاني من المسلسل، والذي رافق بداية رمضان، لم يناسب المسلسل – كغيره الكثير- روحانية هذا الشهر بجرأة بطلته ووقوع كل من الأبطال في غرام الآخر وكأن العالم يقتصر على أبناء «فريد نوح» أو على «ميرا» و«ماريا» دون غيرهم.
وحين نتحدث عن احترام ذكاء المُشاهد، فهو اليوم أوعى مما يقدم له بمراحل، فقصة «الأخوة» تنقصها الحبكة الرئيسية رغم احتواء كل حلقة على حبكة باردة، أدت مع الوقت إلى ملل المُشاهد، الذي لن يؤثر عليه أن ينتقل إلى الجزء الثالث دون متابعة الثاني، ما يعني أن ما قدمه الأول لم يكتمل بعد، وأن الخيوط لا تزال تتجمع ولكنها تتشعب بشكل مبالغ فيه.
أداء مُهلهل
بالانتقال إلى أداء الممثلين، كشف المسلسل عن نقاط ضعف كثيرة، فتيم حسن ضاع بين جرعات الانفعال والضجيج والصراخ المبالغ فيه، وبين حركات وجهه الغريبة التي رافقته في الجزء الثاني في أغلب المواقف، وظهر الفرق كبيراً بين ما قدمه في الجزأين، فبينما كان في بداية الجزء الأول الأخ الأكبر الذي يحتضن إخوته ويدير أملاك والده، ظهر ضائعاً مشتتاً في الجزء الثاني وكأنه لا يمت بصلة لذاك الشخص، فأتى أداؤه مهلهلاً.
أما نادين الراسي «ماريا»، فرغم رقتها ودورها المحوري، إلا أنه لم يُضِف لها جديداً، ووجودها فيه لا يتناسب مع حجم نجوميتها، كما لم تقدم من خلاله ما يجعلنا نصفق لها. ورغم التحفظات على بعض مشاهدها وثيابها، إلا أن أمل بوشوشة بدت ناضجة تمثيلياً، ونجحت بانفعالاتها المتوازنة وتعبيرات وجهها أن تقدم ما يناسب كل موقف، فوقفت كالند لأعدائها، وكانت كالطفلة أمام من تحب، فأثبتت وجودها بقوة، ومسكت خيوط الأحداث بيديها.
تصوير وتتر
يُحسب للمسلسل حرفيته من ناحية التصوير، والزوايا التي تُظهر الأحداث والانفعالات بأفضل صورة، كما أبدعت الفنانة يارا في غناء تتر المسلسل، الذي تميز بجمال كلماته وألحانه، ويشارك في الجزء الثاني شخصيات جديدة منها نسرين طافش وباسم ياخور.