عاصي الحلاني يتبرأ من الغناء بعد نوبة إيمانٍ مفاجئة
في برنامج ” اللعب مع الكبار” الذي أذيع على شاشة التليفزيون المصري أفلتت من عاصي الحلاني عبارة فاتت على كثيرين، انشغلوا بكلامه عن زوجته المسيحية وكيف أنه اقتدى بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم عندما تزوج من ماريه القبطية.. قال عاصي في سياق تبريره لترك اسمه الحقيقي وهو محمد ليختار اسما فنيا هو “عاصي” ليستفيد من شهرة عاصي الرحباني، هرم لبنان الموسيقي.. الذي توفي في عام 1986 وهي الفترة ذاتها التي بدأ فيها الحلاني نشاطه الغنائي، وإضافة للسبب السابق قال الحلاني إنه عشق نهر العاصي خاصة أنه نشأ في بعلبك حيث يمر بها النهر، فكان لهذا العشق تأثير إضافي في اختياره اسمه الفني الحالي ، قال عاصي إنه رفض أن يقترن اسم النبي محمد بالغناء.
مع تطور الفنون وتطور أخلاقيات ممارسيها تغيرت النظرة تماما.. بقيت بعض الرواسب في بعض البيئات المتعصبة بدورها.. شهد القرن العشرين راقصات تؤدي أدوارا سياسية.. وفنانين صعدوا لأعلى السلم الاجتماعي.. كانت أم كلثوم مثلا أعلى منزلة من بعض القادة والوزراء بل والحكام.. وكذلك عبدالوهاب وفيروز وعبدالحليم حافظ.. تمتعوا بالثروة والنفوذ والثقل السياسي.. كان عبد الحليم مثلا صديقا مقربا من الملك الحسن الثاني ونالت أم كلثوم وسام الكمال من الملك فاروق.. ولقب عبدالوهاب بمطرب الملوك والرؤساء.. بل وأدت تحية كاريوكا أدوارا سياسية جعلتها بطلة قومية في بعض المراحل التاريخية.
مع الطفرة الظاهرة التي مست حياة الفنانين الاجتماعية.. ارتفعت منزلتهم.. فقط بقي بعض السخط منبعه حقد طبقي.. لأن هناك من وجدهم يكسبون الملايين بلا جهد يستحق ذلك.. كما تأثروا سلبيا بالمد الديني.. واعتبار بعض المدارس الدينية المتشددة عملهم “محرم”.. وهذا الرافد السلبي الأخير أثر على قطاعات من الجمهور.. فقد كان الفنانون في السبعينيات خاصة أم كلثوم وعبد الحليم حافظ وعادل إمام مادة دسمة لسخرية الشيخ كشك مثلا وتكوين شعبيته الدينية.. فانتشر مثلا إفيه شهير يسخر فيه من عادل إمام يقول ” دعونا الله أن يرزقنا بإمام عادل فرزقنا بعادل إمام!!”.
وقال عن عبدالحليم إن الله أتاه بمعجزة ” فهو يتنفس تحت الماء”.. ثم دعا على أم كلثوم عقب ترديد مقطعها الشهير “خدني في حنانك خدني فقال” ربنا يخدك من على وش الدنيا”.. هذا الخطاب الديني اللاذع والخالي من أخلاقيات الإسلام المتسامحة.. عاد وأثر سلبيا على مكانة الفنانين الاجتماعية.. ودعم تلك الصورة السلبية ممارسات بعض الفنانين السيئة كتورط البعض في المخدرات أو إدمان الخمر أو الإنفاق على “سخافات”.
بقيت الأمور موزونة نسبيا.. لكن الأخطر كان إيمان بعض الفنانين بتلك النظرة تجاه أنفسهم.. اعتبر بعضهم أن الفن حرام.. بل وملأ بعضهم شرائط كاسيت تحث على ذلك.. وظل قطاع منهم يمارس الفن وهو غير راض عنه.. داعيا الله أن يرزقه التوبة…
ومن المحتمل أن يكون الحلاني واحدا منهم في القريب العاجل.. لأنه أبدى استهجانا ملحوظا لمهنته.. واعتبر أنه لا يليق أن يسمى نفسه باسم نبي وهو يمارس الغناء.
فإن كان حلاني رفض الغناء حاملا اسم النبي الكريم “ص” فهل كان السعودي، مطرب العرب، محمد عبده، كافرا في نظر الحلاني؟ أم أن محمد فؤاد المصري وجب عليه حق الرجم أو القتل أو التكفير؟ ليت الحلاني صدح بصوته فحسب، ولم يتورط بطرح أفكار أقل ماتوصف بأنها مدعاة للسخرية والضحك، لابل إنها مزاودة مكشوفة يندى لها الجبين!