لمتابعة أهم الأخبار أولاً بأول تابعوا قناتنا على تيليجرام ( فجر نيوز )

انضم الآن

دروس التحرر من جلبوع



رامي مهداوي
إذا ما تابعنا هروب الأسرى الفلسطينيين من سجن جلبوع منذ لحظة البداية وحتى النهاية التي لن ولم تنتهي، سنجد العديد من الدروس والعبر التي يجب تسليط الضوء والبناء عليها وفتح نقاشات جادة بين الأجيال، ما قام به الأسرى من إنتزاع حريتهم من غياهب السجن، يقدم لنا نماذج جديدة للعديدة من المفاهيم التي كُنّا نمتلكها أو التي تم تدجينُنا عليها عبر الزمن.
تحررهم لم يكن لحظة خروجهم من عنق النفق، وإنما اللحظة الأولى التي أخذوا بها قرارهم تحرير ذاتهم بيدهم ويبدء العمل بصبر المُناضل المُعد لجميع الخيارات التي درسوها أكثر من توقعاتنا العقلية و/أو خيال السينما العالمية “هوليوود” و “بوليوود”، ما جعل عدد من كُتاب الرأي والمثقفين المنهزمين يصفون الحدث بمسرحية، وهنا بالذات أهم درس يسطره المُناضلون الأسرى بأن النضال ليس خيالياً وإنما واقعياً بقدر الإيمان بالفعل.
ذلك ينقلنا لأدوات النضال، لا مقارنة بمن يمتلك أحدث الوسائل التكنولوجية والتقنية والحربية ومن يمتلك ملعقة، لا مقارنة بين سجّان مُرفه مُحصن وسجين مُعاقب مُحاصر، لا مقارنة من حيث البنية التحتية لسجن جلبوع الذي أُنشأ حديثًا بإشراف خبراء ايرلنديين وافتتح في العام 2004 ويعد السجن ذو طبيعة أمنية مشددة جدًا ويوصف بأنه السجن الأشد حراسة والبنية التحتية التي أعدها الأسرى لنفق الهروب. لهذا مقارنة الإمكانيات والصورة الأسطورية للمحتل تُهزم مباشرة في أول مواجهة بسبب عدم المساواة والكفاءة؛ إذن مفهوم الأدوات والقوة أصبحت في موازين النضال لصالح من يحطم اليقين الإنهزامي في عقولنا.
جميعنا نعم الكل الفلسطيني نبحث عن البطل، بإنتظار الأبطال، تعبنا من إنهزامية “الأنا” وأصبحنا ننتظر من يخُلصنا ويجمعنا في “نحن”، في تحطيمهم وتعريتهم سجن جلبوع جعلونا “نحن” ، بمعنى البحث عن الهوية الجماعية وليس الفردية، ترجمة ذلك بأن “الأنا” تتحطم فقط أمام العدو ما يجعل “نحن” أقوى من كل خلافاتنا وإنقساماتنا وحتى عنصريتنا التي أصبحت تضر تاريخنا المشرف ما جعل البعض يحاول أن يمزق “كوفيتنا” وهي رمز من رموز وطنيتنا.
لم تنتهي قصة التحرر من سجن جلبوع بإعادة إعتقال الأسرى، برأيي وإيماني بأن الرواية قد بدأت وبمُنحنيات جديدة ستؤدى الى تصدعات داخل السجون الإسرائيلية، وأيضاً الى إعادة صياغة الكثير من المفردات التي تغيرت عبر سنوات من نضال الشعب الفلسطيني، لهذا أيضاً على أدواتنا النضالية ولغتنا أن تواكب هذه التطورات بخلق وإبتكار ما يستطيع ويساهم ويدعم لمأسسة فكر جديد في المواجهة ضمن الكثير من التغيرات العالمية والمحلية وحتى الفلسطينية.
لنعترف بأننا مُقصرين بحق أسرانا، فعنق النفق لم يخرج ستة أسرى، وإنما آلاف الأسرى من خلال إعادة إحياء قضيتهم، والأهم هنا يجب أن يكون هناك حراك عالمي اتجاههم، وأن لا نكتفي فقط بالأنشطة المتنوعة المجتمعية فيما بيننا، لهذا علينا مهمة ليست صعبة مقارنة بالنفق الذي تم حفره في جلبوع، تتمثل بفتح أنفاق وجسور عالمية مع جميع الدول العربية والأجنبية وحتى داخل دولة الإحتلال تنقل واقع الأسرى الفلسطينيين من منظور حقوق الإنسان والحريات التي ينتهكها الإحتلال الإسرائيلي بشكل خاص، وأيضاً ما يقوم به المحتل بشكل عام.

الرابط المختصر:

مقالات ذات صلة