Site icon تلفزيون الفجر

شبكات الإجرام في الساحل: أزمة تجارة المخدرات تهدد السلام

تشهد منطقة الساحل في غرب أفريقيا تزايداً ملحوظاً في نشاط شبكات تهريب المخدرات، مما يشكل تهديداً خطيراً للأمن والاستقرار في الدول المعنية ومع تزايد الطلب على المخدرات في الأسواق الأوروبية والأميركية، أصبحت المنطقة نقطة عبور رئيسية لتجارة المخدرات، ما يثير قلقاً دولياً حول تأثيرات هذه التجارة غير المشروعة على السلام والتنمية في المنطقة.

قال مكتب الأمم المتحدة المعني بتجارة المخدرات والجريمة في تقريره الأخير حول تجارة المخدرات في دول الساحل، إن منطقة غرب أفريقيا أصبحت معقلاً للشبكات الإجرامية المتورطة في تجارة المخدرات. وذكر التقرير، الصادر في أبريل/نيسان 2024، أن موريتانيا ومالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد شهدت تزايداً ملحوظاً في نشاط هذه الشبكات، مما يشكل تهديداً للسلام والاستقرار في المنطقة.

وأوضح التقرير أن بعض المسؤولين السياسيين والأمنيين وأعضاء السلطة القضائية في هذه الدول يسهمون في تسهيل حركة المجرمين، من خلال تسهيل الإفلات من العقوبات والإجراءات القانونية. وأشار التقرير إلى أن هذا التواطؤ يعزز من قدرة شبكات الإجرام على مواصلة نشاطها دون التعرض لعقوبات حقيقية، مما يزيد من خطورة الوضع الأمني في المنطقة.

وأضاف التقرير أن السنوات الثلاث الأخيرة شهدت تدهوراً في الأوضاع الأمنية في الساحل، مما أسهم في زيادة نشاط تجارة المخدرات. فقد ارتفعت كميات الكوكايين المصادرة بشكل ملحوظ، حيث بلغت 1455 كيلوغراماً سنوياً في عام 2022، وهي زيادة ضخمة مقارنة بالفترة الممتدة بين 2015-2020 التي كانت الكميات المصادرة فيها تتراوح بين 13 و40 كيلوغراماً سنوياً. وفي عام 2023، تم ضبط أكبر شحنة كوكايين في موريتانيا، حيث صادرت السلطات 2.3 طن، منها 1.2 طن كانت ضمن شحنة قادمة عبر البحر، بفضل بلاغ من الولايات المتحدة عبر مكتب الكحول والتبغ والمتفجرات.

وخلال عام 2024، استمرت عمليات ضبط المخدرات في موريتانيا، حيث صادرت السلطات كميات قادمة من منطقة الضفة الحدودية مع السنغال. كما أحبطت السلطات المغربية عند معبر الكركرات محاولة تهريب شحنة كوكايين تزن 37 كيلوغراماً كانت مخبأة في سيارة للنقل الدولي قادمة من موريتانيا. وفي أغسطس/آب الماضي، أوقفت السلطات السنغالية كمية تتجاوز 800 كيلوغرام من الكوكايين قادمة من مالي.

وبين التقرير أن منطقة غرب أفريقيا أصبحت بحكم موقعها الجغرافي نقطة عبور رئيسية للمخدرات المتجهة إلى أوروبا والولايات المتحدة، حيث يتم تفريغ الشحنات في الموانئ الأفريقية قبل تهريبها إلى دول الساحل عبر الصحراء، ومن ثم نقلها إلى وجهاتها النهائية. ولفت التقرير إلى أن بين عامي 2017-2021، سجلت أفريقيا نصف المواد الأفيونية الصيدلانية المضبوطة في جميع أنحاء العالم.

ومع تزايد تهريب المخدرات، ازداد استهلاكها بين الشباب في دول الساحل، رغم غياب بيانات دقيقة حول حجم المشكلة. أشارت مراكز العلاج في النيجر وتشاد وبوركينا فاسو إلى نسب تعافٍ محدودة بين الأشخاص الذين يلجؤون إليها للعلاج من الإدمان 

وذكرت ورقة أعدها مركز الدفاع الأفريقي أن معدل الانتشار السنوي لاستخدام المواد الأفيونية في المنطقة ارتفع من 0.33 في 2011 إلى 1.24 في 2021.

وفي موريتانيا، لا يوجد سوى مركز صحي واحد لمعالجة الإدمان، ويقع في العاصمة نواكشوط، بينما تفتقر المدن الكبرى الأخرى، وخاصة الواقعة على الحدود مع دول الجوار، إلى مراكز علاجية تهتم بمدمني المخدرات.

ورغم التحذيرات الأممية المتكررة، فإن تجارة المخدرات في المنطقة ليست جديدة فمنذ بداية الألفية الثالثة، ظهرت عصابات تهريب الكوكايين بشكل واضح في غرب أفريقيا، وخاصة منطقة الساحل. وفي عام 2007، هبطت طائرة قادمة من فنزويلا في مطار نواذيبو بموريتانيا وعلى متنها شحنة من المخدرات وقد أفرغ المهربون جزءاً من حمولتها في المدينة قبل أن ينقلوا البقية إلى الصحراء الموريتانية.

وحذر التقرير من أن تزايد نشاط شبكات تهريب المخدرات في منطقة الساحل يشكل تهديداً كبيراً للأمن والاستقرار، ويعزز من تدهور الأوضاع الأمنية في المنطقة، داعياً المجتمع الدولي إلى تكثيف جهوده لمكافحة هذه الأنشطة غير القانونية.

Exit mobile version