أكد المحلل الاقتصادي ” د.عبد الرحمن خضر” في حديث لتلفزيون الفجر، أن الجهاز المصرفي الفلسطيني يشهد أزمة نقدية متصاعدة نتيجة التراكم الكبير في عملة الشيكل الإسرائيلي داخل البنوك الفلسطينية، وذلك على خلفية توقف البنوك الإسرائيلية عن سحب الفوائض النقدية المتوفرة في السوق الفلسطينية.
هذه الأزمة، التي بدأت بالتفاقم في أعقاب الحرب الإسرائيلية على غزة في أكتوبر 2023، أصبحت اليوم تهدد الاستقرار المالي والاقتصادي في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتضغط بشكل مباشر على التجار، والمواطنين، والمؤسسات المالية.
وأضاف خضر :” في ظل غياب حلول استراتيجية شاملة، وضعف الثقافة المصرفية الرقمية، وتباطؤ الاستجابة من الجهات الرقابية تتعمق الأزمة وتنعكس على دورة الاقتصاد الوطني.”
غير أن الأمور تفاقمت في الفترة الأخيرة، حيث امتنعت البنوك الإسرائيلية عن سحب هذه الأموال بسبب قرارات من الحكومة الإسرائيلية، مما أدى إلى تراكم مبالغ ضخمة داخل البنوك الفلسطينية تُقدّر بأكثر من 18 مليار شيكل. هذا الوضع تسبب في إرباك كبير للقطاع المصرفي، حيث لم تعد خزائن البنوك قادرة على استيعاب هذا الحجم من العملة، كما أن أنظمة التأمين المعتمدة لا تغطي هذا التكدّس النقدي، مما يعرّض البنوك لمخاطر مالية وأمنية متزايدة.
ولفت خضر :”قبل أيام، تم اتخاذ قرار بسحب مبلغ قدره 4.5 مليار شيكل من الفوائض النقدية الموجودة في البنوك الفلسطينية، إلا أن هذا المبلغ لا يغطي إلا جزءًا بسيطًا من إجمالي الفائض المتراكم، والذي ما يزال يُقدَّر بالمليارات، ويُعد هذا الأمر نتيجة لغياب الاستعداد المسبق من قبل الجهات الرقابية، وعلى رأسها سلطة النقد الفلسطينية، التي تتحمل جزءًا كبيرًا من المسؤولية بحكم إشرافها المباشر على البنوك.”
يشكل فائض الكاش الموجود عبئًا حقيقيًا على البنوك: من حيث المساحة التخزينية، تأمينها، المخاطر الأمنية والتشغيلية، وقد تقلّص أرباح البنوك بنسبة تصل إلى 10-20% بسبب ارتفاع تكاليف التخزين والتأمين.
وأشار خضر، انه كان من المفترض، منذ سنوات، أن يتم العمل على نشر الثقافة المصرفية وتطوير أدوات الدفع الإلكتروني بين المواطنين، مثل استخدام التطبيقات البنكية وبطاقات الدفع، لتقليل الاعتماد على النقد الورقي، إلا أن غياب هذه الاستراتيجية أو تأخرها أدى إلى ما نشهده اليوم أما محاولة فرض التحول الرقمي بشكل مفاجئ، عبر وقف الإيداعات النقدية في البنوك، فقد اصطدمت بواقع صعب.
أدى هذا الوضع إلى إرباك كبير لدى التجار والمواطنين، حيث أصبحت البنوك ترفض استقبال النقد، مما تسبب في تراجع قدرة التجار على تغطية شيكاتهم، وبالتالي بدأت الشيكات تُرفض وتُحمّل أصحابها عمولات وفوائد إضافية، الأخطر من ذلك أن البنوك أوقفت تقريبًا إصدار دفاتر الشيكات، وهي أداة الدفع الأساسية في السوق الفلسطينية، خاصة في المعاملات الكبيرة بدون الشيكات، تتعطل الحركة التجارية، ويفقد التاجر أدواته في البيع والشراء، مما يهدد بانهيار الدورة الاقتصادية خلال فترة قصيرة، إذا لم يتم تدارك الوضع.
تقرير: سارة عمّوص