
الشيكل يصل الذروة منذ سنوات… هل يتحرك بنك إسرائيل قبل خنق الصادرات؟
يواصل الشيكل الإسرائيلي صعوده مقتربًا من أعلى مستوى له مقابل الدولار منذ أربع سنوات، مسجلًا نحو 3.22 شيكل للدولار، بارتفاع يتجاوز 10% خلال عام. ورغم أن هذا الارتفاع يساهم في كبح التضخم ويعكس متانة الاقتصاد، فإنه يضغط في المقابل على ربحية الصادرات.
وأرجعت شركة فينيكس للاستثمار ارتفاع قيمة الشيكل إلى تدفق الاستثمارات الأجنبية، وتراجع المخاطر الجيوسياسية بعد وقف إطلاق النار في غزة، وارتفاع مؤشرات الأسهم، إلى جانب نمو قوي للناتج المحلي في الربع الثالث، بالتوازي مع تراجع الدولار عالميًا على خلفية الحروب التجارية لإدارة ترامب.
الوجه الآخر لهذا الوضع هو الضرر الذي يلحق بربحية الصادرات، وبالتالي بالصادرات نفسها، ما قد يدفع المصدرين إلى المطالبة بتدخل بنك إسرائيل في سوق الصرف الأجنبي. خلال العقد الماضي، لم يتدخل البنك إلا مرات قليلة؛ فعلى سبيل المثال، في عام 2020، تدخّل البنك وضخّ دولارات عبر معاملات المقايضة (SWAP) إلى مؤسسات مالية كانت تعاني من أزمة. وبعد أقل من عام، عندما سجّل الشيكل ارتفاعًا حادًا ووصل سعر صرفه إلى 3.11، اشترى البنك دولارات لكبح جماح هذا الارتفاع.
مع اندلاع الحرب في أكتوبر 2023، أطلق البنك خطة لبيع دولارات بقيمة تصل إلى 30 مليار دولار، لم يُباع منها في الواقع سوى أقل من الثلث. وكانت المرة الأخيرة خلال الحرب مع إيران حين باع البنك مبلغاً صغيراً نسبياً قدره 300 مليون دولار لمنع انخفاض حاد في قيمة الشيكل.
طرق للتدخل
لا تقتصر أدوات بنك إسرائيل للتأثير المباشر أو غير المباشر على سوق الصرف الأجنبي على شراء وبيع الدولار فحسب، بل تشمل أيضاً خفض أسعار الفائدة بشكل أكثر حدة، لما له من أثر سلبي على جاذبية الاستثمار في الأصول المقومة بالشيكل.
يتوقع الاقتصاديون ألا يكون التضخم محور قرار اللجنة النقدية في يناير المقبل. وقد خفضت اللجنة سعر الفائدة بنسبة 0.25% في نهاية نوفمبر، وذلك بحذر وتحفظ.
ومن بين الأسباب: توقع زيادة التضخم في المؤشر القادم؛ وضيق سوق العمل، الذي ينعكس في عدد قياسي من الشواغر الوظيفية وانخفاض معدل البطالة إلى مستويات تاريخية؛ وميزانية الدولة، التي تتضمن عجزًا مرتفعًا بنسبة 3.9%، مما يثير الشكوك حول إمكانية خفض نسبة الدين الحكومي إلى الناتج المحلي الإجمالي.
أشار التقرير الاقتصادي الكلي لبنك هبوعليم هذا الأسبوع إلى أن “استطلاع اتجاهات الأعمال يُظهر أن الارتفاع الحاد في قيمة الشيكل لا يؤثر بشكل كبير على الصادرات المحلية، على الأقل في الوقت الراهن”. وأوضح التقرير أنه في القطاع الصناعي، أدى ارتفاع قيمة الشيكل بالفعل إلى تراجع ربحية الشركات، “ولكن ليس بشكل كبير على المستوى التاريخي”.
في مراجعتها الاقتصادية، أبدت مؤسسة ميتاف تفاؤلاً محدوداً، مشيرةً إلى ركود الصادرات رغم توقعات تحسن الطلب الصناعي، وإلى بدء شركات التكنولوجيا والصناعات التصديرية الشعور بتأثير ارتفاع الشيكل وتآكل الربحية، ما قد يزيد الضغوط على بنك إسرائيل لخفض الفائدة أو العودة لشراء الدولار.
خلاصة القول تقول صحيفة جلوبس الإسرائيلية أن ارتفاع قيمة الشيكل يُثقل كاهل المصدرين، لكنهم يتمكنون من تجاوز هذه الأزمة، لا سيما في قطاع الخدمات التقنية المتقدمة. كما نشهد زيادة متجددة في صادرات السلع والخدمات خلال الأشهر الأخيرة. من جهة أخرى، يُعدّ الشيكل أحد العوامل الرئيسية التي تُساهم اليوم في كبح جماح التضخم في إسرائيل، مما يسمح له بالعودة إلى مستواه المستهدف. وهذا بدوره له آثار إيجابية عديدة على الاستهلاك الخاص.
متى يُتوقع أن يتدخل بنك إسرائيل
يقول مودي شافرير، كبير استراتيجيي الأسواق المالية في بنك هبوعليم” إذا وصلنا إلى مستوى ثلاثة شواقل للدولار، فسيتعين على بنك إسرائيل التفكير في التدخل، وقد يخفض سعر الفائدة بوتيرة أسرع قليلاً من المخطط له، لأن ذلك سيؤدي إلى تآكل ربحية المصدرين بشكل أكبر. ويعتمد قرار بنك إسرائيل بشأن التدخل على بيئة التضخم السائدة. في الوقت الراهن، لم نصل إلى هذه المرحلة. وهذا ينطبق ليس فقط على قطاع التكنولوجيا المتقدمة، بل أيضاً على الصادرات الأساسية في القطاعات الصناعية.”
ومن المتوقع أن يؤدي استمرار قوة الشيكل إلى دفع بنك إسرائيل إلى أخذ سعر الصرف على محمل الجد”.







