عند السعي لتحقيق الأحلام والطموحات ربما يجد الشخص نفسه في مطاردة لا هوادة فيها، سواء كان الأمر يتعلق بالنجاح الوظيفي أو العلاقات ذات المغزى أو السعادة الشخصية. ويبقى أن الشعور بحالة المطاردة يمكن أن يجعل الشخص يشعر بالإرهاق والإحباط وعدم الرضا.
بحسب ما جاء في تقرير أعده بروفيسور مارك ترافرز، عالم نفس أميركي حاصل على درجات من جامعتي كورنيل وكولورادو، ونشرت التقرير مجلة “فوربس” الأميركية، تعني المطاردة الشعور بالإلحاح واليأس، وكأن الشخص يحاول انتزاع شيء ليس له.
وعلى النقيض من ذلك، يتضمن الانجذاب المغناطيسي استقطاب الأهداف والرغبات على نحو طبيعي من خلال مزيج من العقلية الإيجابية والنمو الشخصي والثقة بالنفس.
ينبع سلوك المطاردة في أغلب الأحوال من معتقدات راسخة وضغوط مجتمعية، إذ يعتقد الكثيرون أن الجهد المستمر والمضني هو السبيل الوحيد لتحقيق النجاح “المستحق”. كما أن الافتقار إلى تقدير القدرات الذاتية والثقة بالنفس يمكن أن يدفع الشخص إلى البحث عن التحقق الخارجي، مما يدفعه إلى مطاردة ما يعتقد أنه سيجعله يشعر بالاكتمال.
لكن هناك ثلاث طرق يمكن من خلالها تحول تركيز الشخص من حالة “المطاردة” ليصبح “مغناطيسًا” جاذبًا للنجاح والتألق والمضي قدمًا في أسلوب حياة أكثر توازناً وإشباعًا، كما يلي:
1. تغيير العقلية
إن الخطوة الأولى في الانتقال من المطاردة إلى الجذب هي تنمية العقلية الصحيحة. عندما يعمل الشخص من عقلية الندرة والافتقار، فإنه غالبًا ما يشعر بالإلزام بملاحقة الأشياء، معتقدًا أنها محدودة ويصعب تحقيقها.
في المقابل، تشمل عقلية الوفرة بشكل جذري الاعتقاد بأن هناك الكثير للجميع وأن الشخص يستحق الأشياء الجيدة بطبيعة الحال. ويسمح هذا المنظور بالشعور بمزيد من الاسترخاء والثقة، مع العلم أن ما يسعى إليه الشخص يمكن أن يأتي إليه بشكل طبيعي وبدون عناء. تحول عقلية الوفرة التركيز من ما يفتقر إليه إلى ما يمتلكه بالفعل، ما يفتح الباب أمام إمكانيات أكبر.
يمكن القيام بما يلي لتطوير عقلية الوفرة:
• البدء بممارسة الامتنان: وفقًا لعالمة النفس شيجينغ وانغ من جامعة هونغ كونغ سيتي، فإن الانخراط في ممارسات بسيطة مثل قضاء بضع دقائق كل يوم في التفكير في الإيجابيات، مثل قضاء الوقت مع الأحباء أو جمال الطبيعة، يعزز الامتنان. كما أن التعبير عن التقدير للآخرين، مثل كتابة ملاحظات الشكر، يعزز أيضًا الروابط الشخصية. تنصح وانغ قائلة إنه “بالنسبة لأولئك الذين يجدون صعوبة في التعبير عن الامتنان لفظيًا، يجب تذكر أن الاعتراف بالآخرين يمكن أن يجلب لهم الفرح ولا يكلف شيئًا. يمكن فقط بذل جهد للتعبير عنه”.
• التصور: إنه أداة قوية في تنمية عقلية الوفرة. يتضمن التصور تخيل الشخص لنفسه وهو يمتلك ما يرغب في تحقيقه بالفعل، وإنشاء صورة ذهنية لأهدافه كما لو تم تحقيقها بالفعل. تساعد ممارسة التصور في تعزيز الاعتقاد بأن تطلعات الشخص قابلة للتحقيق وفي متناول اليد.
على سبيل المثال، توصلت إحدى الدراسات إلى أن التصور يحسن الأداء الرياضي حتى بدون بذل جهد بدني، مما يشير إلى أن التدرب على الحركات باستخدام قوة الخيال يمكن أن يؤثر بشكل إيجابي على الأداء الفعلي.
• تشجيع النفس: إن تكرار عبارات إيجابية تؤكد جدارة الشخص وإمكاناته يمكن أن يعيد برمجة عقله الباطن للتوافق مع هذه المعتقدات. يمهد تشجيع الذات للتحول العقلي إلى حالة جاذبية للنجاح وتحقيق الطموحات بدلاً من المطاردة، مما يسمح للفرص والعلاقات بالتدفق بشكل أكثر طبيعية في حياة المرء.
تعبيرية عن النجاح (أيستوك)
2. متابعة النمو الشخصي
عندما يركز الشخص على أن يصبح في أفضل نسخة يمكن أن يبدو عليها، فإنه يجتذب بشكل طبيعي الأشياء التي يرغب فيها. يتضمن العمل على النمو الشخصي باستمرار استثمار الوقت والجهد في تطوير المهارات والمعرفة والرفاهية العاطفية، بما يعزز الجاذبية الشاملة للفرص والأشخاص.
تشير الأبحاث إلى أن الأفراد الذين يتمتعون بعقلية النمو، الذين يؤمنون بقدرتهم على تطوير المهارات بمرور الوقت، هم أكثر تحفيزًا لتحسين نقاط قوتهم من أولئك الذين يرون أنفسهم ببساطة على أنهم أكفاء. على وجه التحديد، فإن امتلاك عقلية نمو حول قوة معينة يعزز الدافع لتعزيز هذا المجال، مما يسلط الضوء على دور العقلية في التنمية الشخصية المستهدفة.
ولبدء رحلة تحسين الذات يمكن القيام بالآتي:
• تحديد الأهداف: ينبغي تحديد التطوير الشخصي التي يتوافق مع التطلعات. إذا كان الشخص يهدف إلى ممارسة مهنة ما، عليه التركيز على اكتساب المهارات والمعرفة ذات الصلة في المجال الذي يتمنى أن يبرع فيه. تعزز تلك الخطوة من الكفاءات وتزيد من الثقة بالنفس بما يجعل الشخص أكثر جاذبية لأصحاب العمل أو العملاء المحتملين. إن الانخراط في التعلم المستمر، مثل أخذ الدورات أو حضور ورش العمل، يُبقي الشخص على إطلاع دائم وذكي.
• تحسين الذكاء العاطفي: يمكن من خلال فهم النفس وتحسين الذكاء العاطفي أن ينجح الشخص في بناء علاقات صحية قوية. إن تطوير مهارات الاتصال الجيدة والقدرة على حل النزاعات بشكل إيجابي يمكن أن يعزز بشكل كبير من قدرة الشخص على التعامل مع الآخرين.
3. تنمية الثقة الداخلية
إن الثقة هي عامل حاسم في عملية الجذب. فعندما يكون الشخص واثقًا من نفسه، فإنه يُظهر شعورًا بالاطمئنان والكفاءة التي تجذب الآخرين نحوه بشكل طبيعي. تسمح القناعة بالذات بأن يثق الشخص بقدراته الذاتية والتدفق الطبيعي للحياة، مما يقلل من الحاجة إلى السعي وراء التحقق الخارجي والنجاح. ويمكن تنمية الثقة الذاتية من خلال:
•قبول الذات وتعزيز المرونة: يتحقق بناء الثقة بالوعي الذاتي وقبول الذات من خلال فهم نقاط القوة والضعف واحتضانها دون إصدار أحكام مسبقة. كما أن اعتراف الشخص بإنجازاته، مهما كانت صغيرة، يعزز شعوره بالإنجاز ويساعد في بناء صورة ذاتية إيجابية. كما أن التعلم من أي إخفاقات دون السماح لها بتعطيل المسيرة يعزز المرونة والنمو.
•هجر منطقة الراحة: يعد الخروج من منطقة الراحة ومواجهة المخاوف من الوسائل المهمة للثقة بالنفس بشكل كبير. في الواقع، ترجح الباحثة دكتورة بنينيت روسو نيتزر أن “الخروج من منطقة الراحة يمنح الأشخاص القدرة على التصرف ويعزز الدافع الجوهري الذي يأتي مع الاختيار الشخصي ويعضدهم نفسياً مع حماية مشاعر الراحة والأمان لديهم”. فمن خلال تحدي النفس والنجاح في تجارب جديدة، يأتي الإيمان بالقدرات. ومع كل نجاح، بغض النظر عن الحجم، تزداد الثقة بالنفس وتشع إلى الخارج وتجذب الآخرين.