لمتابعة أهم الأخبار أولاً بأول تابعوا قناتنا على تيليجرام ( فجر نيوز )

انضم الآن

ملامح النسخة الأجمل من ذاتك



بقلم: د. تهاني رفعت بشارات

في كل واحدٍ منّا نسخةٌ كامنة، تنتظر أن نمدّ لها يداً من نور، وأن ننفض عنها غبار العادات المثقلة والركض بلا معنى. نسخةٌ أصفى، أقوى، وأجمل… ليست نسخةً خيالية ولا مثالية، بل نسخة تنبض بالحياة حين نمنحها حقّها من الرعاية والاهتمام.

وكل رحلة نحو هذه النسخة تبدأ من الداخل، من تلك البقعة الهادئة في الروح التي لا يصلها ضجيج، ولا يلوثها ازدحام. فكل تجمّلٍ خارجي يذبل إن لم تُسقَ الروح، وكل نجاحٍ ماديّ يفقد لونه إن لم يمرّ عبر باب السلام الداخلي.

أول الطريق: صلاتك… نبضك الأول
أقِم صلاتك… فالصلاة ليست طقساً يُؤدّى، بل هي ترتيبٌ جديد لنبض القلب، ومساحةٌ من الصفاء تُعيد للعقل اتزانه وللطريق استقامته.
أقِم صلاتك… تُقَم لك الحياة.
هي بوابة النور، ومحراب الطمأنينة، وميزان الروح حين تثقلها الأيام. من يقيم صلاته يقيم نفسه، ومن يُصلح صلته بالله تُصلَح له كل الأشياء التي تكسرت دون أن يشعر.

ابتسم… فالابتسامة نافذة الروح إلى العالم

ابتسم… فالابتسامة ليست مجرد ارتفاع في زوايا الفم، بل هي نيةٌ بيضاء تعلن للكون أنك ما زلت بخير رغم كل شيء.
ابتسم… فبعض الأبواب لا تُفتح إلا بمفتاحٍ من لطف، وبعض القلوب لا تُشفى إلا بنظرةٍ من ود.
الابتسامة كفراشةٍ صغيرة تلامس الوجوه، فتترك أثراً أكبر بكثير من حجمها.

كن إيجابياً ولطيفاً… فاللطف بطولةٌ لا يعرفها إلا النبلاء

الإيجابية ليست تجاهلاً للعثرات، بل قدرةٌ على رؤيتها بعيونٍ لا تخشى النور.
واللطف ليس ضعفاً، بل قوة ناعمة؛ كريحٍ خفيفة تُهذّب الأشجار دون أن تكسرها.

كن لطيفاً… فالقلوب تتعب، والنفوس تُرهق، ولعل كلمةً صغيرة منك تحيي ما مات في أحدهم دون أن تدري.

اهتم بجسدك… فهذا الجسد هو وعاء رسالتك

مارس الرياضة، اختر طعامك بعناية، وامنح جسدك ما يستحق من رعاية…
فالجسد ليس زينةَ العابرين، بل مركبة الرحلة، وبوصلة الأداء، وسلاح الإرادة.
احمه، فالصحة جسرٌ يعبره الناجحون، ولا يصل إليه من تجاهله.

اقرأ كل يوم… فالعقل شجرةٌ لا تورق بلا معرفة

القراءة ليست هواية؛ بل عملية بناء صامتة، كمن يشيد داخله مدينةً من الحكمة.
كل صفحةٍ تُهذّب عقلك، توسّع رؤيتك، وتمنحك جناحين لا يراهما أحد…
لكن أثرهما يظهر في حديثك، قرارك، واختيارك.
اقرأ… فمن يقرأ يعيش عمرين.

كن جميلاً من الداخل… قبل أن تتجمّل من الخارج

الجمال الحقيقي يبدأ من القلب؛ من طريقة نظرتك للناس، من نقاء نيتك، ومن طيبتك التي لا تتصنّع.
الجمال الذي يبدأ من العين يذبل، والذي يبدأ من الداخل يزهر مهما عصفت به الحياة.

لا تخف من قول “لا”… فهي باب نجاةٍ أحياناً

“لا” ليست قسوة، بل حماية.
هي الحدود التي تُرسم بحكمة، والخط الفاصل بين استنزافك وبين سلامك.

قل “لا” حين يجب ذلك… فأنت تستحق أن تُعامَل كما تعامِل الآخرين بلطف ووضوح.

اختر محيطك… فالناس إمّا أجنحةٌ ترفعك أو أوزانٌ تثقل خطاك

اختر من يشبه نورك، من يضيف لرحلتك، من يحترم مساحتك.
الرفاق مرآة، وقد تكون مرآةً تشوّه أو مرآةً تُجمّل… فاختر بعين القلب لا بعين العادة.

لا تقارن نفسك بأحد… قارن نفسك بنفسك فقط

كل إنسان يحمل معركةً لا تراها، وجبلاً لا يعلمه سواها.
المقارنة خصمٌ شرس يسرق الفرح بهدوء.
أمسك مرآتك الخاصة وانظر:
هل أنت اليوم أقوى مما كنت بالأمس؟
هنا يبدأ التفوق الحقيقي.

عش التفاصيل… فالحياة تسكن في الأشياء الصغيرة

في قهوة صباحك، في خطوةٍ على الرصيف، في جلسةٍ مع نفسك، في لحظة تأمل تُعيد ترتيب روحك.
الحياة ليست في الأحداث الكبيرة… بل في التفاصيل التي لا ينتبه لها إلا مَن يُحب الحياة بحق.

والداك… مفتاح الروح إلى الجنة
برّ والديك ليس واجباً فحسب… بل هو بركةٌ تُفتح بها الأبواب المغلقة، وتُزيح بها الأثقال، وتُصلَح بها الطرق المعتمة.
من كان والداه راضيين… كانت السماء أقرب إليه مما يظن.

كن أنت… لا نسخة مزيفة لأحد
كن على طبيعتك… فهذا أجمل ما يمكن أن تقدمه لنفسك.
أصالة الإنسان أثمنُ من أي تزيين، وصدقه مع نفسه طريقٌ لا يضيع بصاحبه مهما طال.

وفي نهاية الطريق… ستجد أن النسخة الأجمل منك لم تكن بعيدة.
كانت تنتظر منك خطوة، نية، لحظة صدق، واهتماماً صغيراً يتكرر كل يوم.

هذه هي نسختك الأقوى… الأصفى… الأجمل.
نسختك التي تستحق أن تعيش، وأن تُعرَف، وأن تفخر بها… لأنها أنت، حين تمنح نفسك حقّها من الحياة.

الرابط المختصر:

مقالات ذات صلة