إذا كنتم من هواة مسلسل Gossip Girl ومن المعجبين بأزياء النجمة بلايك لايفلي في المسلسل، أي بشخصية سيرينا، الطالبة في المرحلة الثانوية التي كانت ترتدي التنورة الميني المربّعة التقطيع، مع القميص الأبيض المنسّق مع الجوارب القطنية والكعب العالي، ستغرمون حتماً بالزيّ المدرسي «الخيالي» الذي ابتكره لنا خبير الأزياء، إريك دامان Eric Daman من خلال موسمَي هذا العمل الذي طبع الألفية الجديدة. لقد شكل هذا المسلسل مساحة للتفلت من الواقع، ومنصة للتمرد على قيود المظهر الصارمة، التي كان يفرضها النظام الدراسي.
Classic Attire
زيّ موحد للطلاب في القرن 19
اليوم سنروي لكم حكاية زيّ تمّ ابتكاره في بريطانيا في القرن التاسع عشر، لإرساء الانضباط في صفوف الطلاب، لنجد أنفسنا لاحقاً أمام تصاميم لا علاقة لها بالهدف الأساسي… هذا ما حصل مع الزيّ المدرسي الذي كان يرنو إلى توحيد زيّ للطلاب وإزالة الفوارق الاجتماعية، فانقلب السحر على الساحر، وبات هذا الزيّ وسيلة للمفاخرة تتسابق إليه الدور الراقية والماركات الباهظة للتفنّن في تصاميمه. فهل بطل سبب وجوده، وما المراد من معاودة ابتكاره في الموضة العصرية؟ استفهامات كثيرة حاولنا الإحاطة بها مع منسّق وخبير الموضة ليوبولد خوري، في محاولة منا لفهم ما يجسّده هذا الزيّ بالنسبة للموضة ورمزيته في المجتمع المعاصر، فهل تراه يجسّد الحشمة والانضباط، أم التمرّد على الواقع وتقاليد الأزياء الصارمة التي كانت تفرض على الطلاب Dress Code في الماضي والحاضر؟
JETSETTER TREND
تحول جذري
يعتبر الزي المدرسي أيقونياً، لأنه مهما خضع لتعديلات يبقى راسخاً في أسلوب حياتنا، ففي الوقت الذي كان الزي المدرسي للصبيان موجوداً منذ القرن السادس عشر، أبصر الزي المدرسي للفتيات النور في العشرينيات من القرن الماضي، واتخذ شكل ملابس البحارة، فازدان بالوشاح عند العنق والقميص الأبيض والتنورة المكسرة. وفي الثلاثينيات والأربعينيات اقترب الزي بمفهومه من الطابع الرجالي، فأضيفت البليزر المستقيمة مع تطريز بالأحرف الأولى على الجيوب الأمامية. وعندما أطلق المصمم الراحل كريستيان ديور Christian Dior ما أسماه بـ New Look في العام 1947، نفذ زياً يتألف من تنورة منفوشة ميدي مع سترة بحزام عريض، فغيّر بزيّه مفهوم الطابع المدرسي، وأرسى ما سمّي بـ Quintessential School Girl، أي الأزياء المدرسية العصرية، التي تضم التنورة المنقوشة والمربعات الأسكتلندية، والبلوزات التي تتسم بياقة Peter Pan المسطحة الرقيقة في منتصف الأربعينيات. وفي النصف الثاني من القرن العشرين، بدأ هذا الزيّ يتطوّر بمفهومه ليغدو محصوراً بالمدارس الخاصة التي يرتادها أبناء الأثرياء، وحاول الطلاب إجراء تعديلات فردية عليه كوسيلة لإثبات الذات والتمرد على القيود الصارمة التي يفرضها ويجسّدها هذا الزي. وحاولت الفتيات، خاصة في المدارس اليابانية، تنسيق إكسسوارات للخروج عن الملل، فأضيف وشاح مربع من ماركة بيربري Burberry وحذاء لوفر Loafer مسطح، مع جوارب طويلة قطنية، وحقائب Backpack فاخرة ممهورة بأسماء ماركات فاخرة.
Fashion Crush
الزي المدرسي في أسابيع الموضة
شق الزي طريقه إلى منصات العروض عن طريق ماركات عالمية، ومنها برادا Prada، وسان لوران Saint Laurent اللتان اتخذتا من هذا الزي أساساً لتطوير خطوطه وتحديث طابعه الكئيب المرتبط بسنوات الدراسة. لقد سعت الماركتان إلى إغناء تصاميم مستوحاة منه، وتمت الاستعانة بها في مسلسل Gossip Girl الذي يصور الحياة الدراسية لطلاب مرفهين من الولايات المتحدة الأميركية. ومن أبرز الدور الراقية التي تفننت في الزي المدرسي وجعلته أكثر أنوثة نذكر فيفيان ويستوود Vivienne Westwood، وتييري موغلير Thierry Mugler، وماري كوانت Mary Quant.
لقد جسدت فترة المراهقة مصدر إلهام للمصممين، وبرز هذا التأثير بقوة في مجموعات كثيرة، ومنها مجموعة موسكينو Moschino لخريف وشتاء 2013-2014، ومجموعة خريف وشتاء 2018-2019 لدار فرساتشي Versace، ومجموعة خريف وشتاء 2020-2021 من ديور Dior بإدارة المصممة ماريا غراتزيا كيوري، ومجموعة خريف وشتاء 2020-2021 لدار فيلوسوفي Philosophy على الرغم من التعليم عن بعد الذي كان سائداً في فترة الجائحة.
Pop Culture
في ثقافة البوب
شاع استعمال الزي المدرسي في المسلسلات والأغنيات، فمن أزياء مسلسل Sound Of Music مروراً بالنجمة شير هوروفيتز Cher Horowitz في عملها الشهير Clueless، إلى أغنية بريتني سبيرز Britney Spears Baby One More Time. أعمال شهيرة ساهمت في رواج هذه الأزياء التي سرعان ما تحوّلت إلى ما نسمّيه Preppy Trend.
لقد شكلت فترة التسعينيات مساحة خصبة لاستيحاء أزياء مدرسية عصرية ظهرت في مسلسلات شبابية منها:
- Cruel Intentions
- American Pie
- Pretty Princess
- Mean Girls
Colored Accessories
ملحقات ملوّنة
هنا تحوّلت ألوان الأزياء المدرسية من قاتمة إلى حيوية، وراج الحذاء الذي نعرفه اليوم باسم MaryJanes Platform Loafers. لقد شكلت هذه الأزياء على تنوع تصاميمها مساحةً للتعبير عن الذات ورفضاً للتنميط في الأشكال، فلكل فرد هوية خاصة وبصمة مميزة تختلف عن غيرها، تماماً كبصمة اليد التي تختلف من فرد إلى آخر، ولعل هذه هي الرسالة التي حاولت الدور الراقية بالتعاون مع النجوم إيصالها. ومن أبرز النجمات اللواتي جسّدن الزي المدرسي العصري نذكر بلايك لايفلي Blake Lively في شخصية «سيرينا»، وليتون ميستر Leighton Meester التي أدت دور «بلير دورف» وشكلت بقميصها الأبيض وربطة العنق الرفيعة مع حذاء Ankle Boots، قدوة لبنات جيلها في تلك الفترة.
PRO &CONS
ما له
- ارتداء الزي يساهم في التركيز على الدراسة بفعل قضاء وقت قليل لتنسيق الطلة.
- يخفف من نسبة التنمّر على الطلاب الأكثر فقراً بفضل توحيد الزي بعيداً عن الماركات التي تكشف الحالة الاقتصادية للطالب.
- يعزز الشعور بالانتماء إلى النظام الدراسي عن طريق ابتكار زي مستوحى من شعار المدرسة.
- يولد تناغماً شكلياً للطلاب عن طريق توحيد الزي والألوان بين الطلاب.
- يساهم في تخفيف النفقات المترتبة على الأهل.
ما عليه
- يحد الزي من حرية الطلاب في التعبير عن هويتهم.
- يطلق تمرداً ضد النظام الدراسي بكامله.
- يولد إحساساً بالإحباط بفعل تكرار الملابس نفسها.
- الزي هو عمل تجاري يعود بالمنفعة على المدرسة وتجار الملابس.
Ask The Expert
مع خبير الموضة واستشاري المظهر ليوبولد خوري
من تصميم الديكور الداخلي للماركات التجارية المعروفة، بدأ ليوبولد خوري مسيرته المهنية، ولكنّ شغفه بالتسويق البصري Visual merchandising حوّل مساره الدراسي إلى مجال تنسيق الأزياء، وهو يعمل منذ ست سنوات على تنظيم حملات إعلانية لدى أهم الماركات العالمية، وكان لنا معه هذا الحوار حول تطور الزي المدرسي وعلاقته بالموضة…
كيف استعار المصممون من الزي المدرسي على مر السنوات، وهل يمثل الاستيحاء من هذا الزي دليل انضباط أم تمرّداً على التقاليد؟
في حين أن الزي المدرسي يعود إلى القرن السادس عشر، غالباً ما يُنسب إلى العشرينيات، حيث تم تصميمه لتخفيف حدة التفاوت الاجتماعي بين الطبقات. فقد رأينا الفتيات يرتدين تنورة فوق الركبة، مع قميص أبيض فضفاض. ومع بداية الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي، تمت الاستعانة بالملابس الرجالية، وباتت الفتاة ترتدي سترات مصممة مع شارات مطرزة على جيب الصدر. أما في الخمسينيات، فحاول الطلاب تعديل زيهم الرسمي كشكل من أشكال التمرد أو التعبير الإبداعي عن الذات لضمان إطلالة أكثر عصرية.
من المصمم الذي برع في الاستعارة من هذا الزي وإبداع تصاميم جذابة؟
عندما قدّم المصمم الراحل كريستيان ديور زيّ New Look عام 1947، بأكتاف مستديرة وخصر محكم، اعتبر هذا الزي فائق الأنوثة، فبعد سنوات من الزي العسكري والمدني، لم تقدم ديور مظهراً جديداً فحسب، بل عرضت نظرة جديدة في عالم الموضة، وانعكس إيجاباً على إرساء زي موحد لطالبات المدارس. وفي أواخر الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي ولد زي «التلميذة» المثالي الذي نعرفه اليوم. فقد رأينا التنانير المنقوشة وتنانير الترتان والقمصان ذات الياقات المرتفعة.
متى تلجأ إلى هذا الزي في التنسيق وهل تعتبر هذه الصيحة رائجة اليوم؟
لا تزال هذه الصيحة سائدة اليوم وبقوة. فهذا التنسيق ركن أساسي في عالم الموضة، ولا بديل عنه عندما يتعلق التنسيق بالطابع المدرسي. فهو الحاضر الأبرز دائماً في معظم عروض الأزياء لأهم الماركات العالمية التي تبتدع تصاميم عصرية لهذا الزي لتدمج بين التفرد والكلاسيكية.
ارتبط الكثير من النجمات بهذا الزي واستعنّ به في كليبات بطرق مبتذلة أحياناً؟ ما تقييمك لهذه الأعمال؟
يلعب التنسيق دوراً كبيراً في نجاح الإطلالة أو في إخفاقها. من هنا تبرز أهمية دور منسّق الأزياء أو خبير الموضة، للابتعاد عن الابتذال في اللوك. نحن موجودون لنسهّل على النجمة اختيار ما يتناسب مع شخصيتها، أسلوب حياتها، والمناسبة التي تريد أن ترتدي خلالها هذه الإطلالة، سواء لجلسة تصوير أو لفيديو كليب، لضمان إطلالة أنيقة وراقية.
كلنا نذكر مسلسلات أجنبية ارتبطت بهذا الزي مثل Gossip Girls، فهل ترى أن هذه الأعمال أثرت في اتجاهات الموضة في بداية القرن 21؟
بفضل تعدد استخدام الزي المدرسي، ارتأت بعض الدور مثل برادا Prada تحديث هذا الزي، فلقد شكّل هذا القماش مساحة إبداع للمصممين ليبتكروا مجموعة شبابية، فأعادوا ابتكار زي تلميذة المدرسة الذي يرتبط عادةً بالهيبة، فأتاحوا بذلك لهواة الموضة شراء هذا النوع من الأزياء الذي لا يزال يمثل اتجاهاً رائداً اليوم. لا يوجد طابع أكثر شهرة من زي تلميذة المدرسة، الذي ارتدته نجمات ثقافة البوب مثل طاقم عمل Gossip Girl بأكمله، الأمر الذي أعاد صيحة التنانير القصيرة والأحذية ذات الكعب العالي إلى الواجهة.