“فيسبوك” حقق حلم فلسطيني بلمّ الشمل بعد فراق وقهر دام 35 سنة
تلفزيون الفجر الجديد|صّدق او لا تصّدق انها قصّة حقيقية مستمّدة من رحم الشعب الفلسطيني المقاوم لشتّى انواع الظلم والقهر والدمار والابعاد. انها قصة لمّ شمل عائلة فلسطينية في منطقة البص صور جنوب لبنان،انها قصّة عائلة الشهيد راتب شتيوي المحمود التي تجّرعت كأس مرارة القتل و التشتت والافتراق لثلاثة عقود مضت حيث تجهل الام ‘وضحة الحسن’ ان ولدها ‘يوسف’ هو على قيد الحياة وكذلك يجهل يوسف بدوره ان ّ امه حيّة ترزق نظراً لحرمانه من حضن ورعاية والدته التي لم تبصرها عيناه ولم تلمسها يداه البتّة الى ان لعبت الصدفة دورها بجمع شمل هذه العائلة التي اصبحت على كلّ لسان وشفة، فتحققت معجزة التلاقي بين افراد هذه العائلة التي برهنت ان ارادة الحياة اقوى من الموت ومن فتك العدو الظالم الغاشم المحتّل بلقاء الفرح الذي جمع مجدداً يوسف بأمه في مخيم البص في صور وسط ذرف الدموع فرحاً وابتهاجأً.
وقد جسّدت هذه العائلة مثال التلاقي الفلسطيني في الوطن والشتات في مواجهة الالة الاسرائيلية التي ارادت تفريق هذا الشعب الابيّ والذي باذن الله سيعيد جمع الشعب الفلسطيني المؤمن بالعودة الى فلسطين ولو بعد حين كما حصل الان مع عائلة الشهيد راتب شتيوي المحمود.فما هي قصّة هذه العائلة فسنرويها لكم لتكون عبرة لمن اعتبر لآنه لن يموت حقّ طالما وراءه شعب مؤمن ومناضل بارضه ووطنه ومقّدساته.
فعائلة الشهيد راتب شتيوي المحمود شّردها الاحتلال الاسرائيلي مرتين :الاولى في نكبة فلسطين في العام 1948 الى لبنان، والثانية في فترة الاجتياح الاسرائيلي للبنان في العام 1982 حيث غادر يوسف وهو في السنة الثانية من عمره مع الكثير من الاطفال الايتام آنذاك لبنان برفقة الرئيس الراحل ياسر عرفات ‘ابو عمار’ الى تونس ومنها الى رام الله.
وكان للفايسبوك الدور الفّعال في جمع شمل الام بابنها عن طريق الصدفة حيث اعلن يوسف انه قرأ منذ خمسة أشهر اسم العائلة عبر ‘فيسبوك’ من خلال مناشدات عدد من الشباب للرئيس الفلسطيني محمود عباس ‘ابو مازن ‘لمساعدتهم ،وقرأ بالتزامن ايضاً مناشدة من زوجة الشهيد راتب شتيوي للرئيس عباس بمساعدتها في تأمين العلاج، وهو كان يجهل تماماً ان والدته حيّة، فشعر باحساس غريب من نوعه وتسارعت دقات قلبه كما الافكار بداخله بسرعة فائقة….فلم يصّدق انها يمكن ان تكون امه… الى ان بدأت مرحلة البحث والسؤال الى ان وصل الى طرف خيط للعائلة في مخيم البص في جنوب لبنان، وكانت اول تغيير في حياته…. وبدأ العّدة لترتيب لقاءٍ مع نور عيونه ‘امي بشوق وامل طال انتظاره’ والكلام ليوسف الذي اعلن ان الرئيس ‘ابو مازن’ أعطى تعليماته الى السفير الفلسطيني في لبنان أشرف دبور من أجل الاهتمام بالموضوع، والى الاخوة في الصندوق القومي والضمان الصحي من اجل علاج الوالدة، وكانوا يرسلون التقارير الطبية والفحوصات بأن الوالدة اصبحت بخير وعلاجها يسير بنجاح’، واضاف قائلاً ‘باشر السفير دبور باجراءات الحضور الى لبنان واتفقنا على لقاء الاهل في مخيم البص من دون معرفتهم المسبقة ولاسيما وان العائلة لا تعرف ايضأ انني عثرت عليهم،ولم نكن نتواصل عبر الهاتف’.
وتابع يوسف بغصة ‘لم يكن لديّ امل بالعثور على عائلتي،لم أصدق انني وصلت الى بيروت، وانني سارى أمي واخواتي،فاليوم فرحي لا يوصف، انني سعيد جدأ وستبدأ مرحلة جديدة من حياتي مع عائلتي التي حرمت منها طويلا ًعلى مدى 35 سنة’. وتابع يوسف ‘لقد غادرت بيروت طفلاً صغيرأ وكان عمري سنتين، اليوم أعود اليها أباً’.
ووصف يوسف لقاءه بأمه بأنه مؤثر جدّا ًوقال ‘لقد عرفت أمي من دموعها وهي تردد ‘يا يمي… يا يوسف اشتقتلك ‘،لقد عرفتني ولم ترني،فأسرعت اليها وحضنتها،وقبّلت يدها ووجنتيها،وقلت لها لن نفترق ثانية،سأعود الى فلسطين، وسأحضر مجددأ الى لبنان مع عائلتي،فانا متزوج ولدّي ولد اسمه ‘عمّار’ وابنة اسمها ‘لامار’، كي أعرّف العائلة عليهم،ويبقى التواصل الى الابد،اريد التعويض عن سنوات الفراق.
واعرب يوسف عن الفرحة بهذا اللقاء الذي يتزامن مع′ ذكرى استشهاد الرئيس الرمز ابو عمار،فتصبح الفرحة مضاعفة،لقد كان كان رحمه الله ابأً لكل الشعب الفلسطيني،ولاسيما نحن الاطفال’.
اضاف ‘لقد ربّانا وعلّمنا وكبرنا ونحن نعرف كم كان رؤوفاّ وحنوناً علينا، والكثير من الشعب الفلسطيني يعرف ابو عمار الفدائي والمقاتل والجبار السياسي المحنّك لكن قلّة منهم تعرف الجانب العاطفي والانساني له فهو كان اباً عطوفاً بأبناء شعبه، واولاد شهداء الثورة الفلسطينية الذين قدموا حياتهم ودماءهم من أجل التحرير والعودة’.
وختم يوسف قائلاً ‘لقاء اليوم في مخيّم الشتات في لبنان،وغداً ستّدق أجراس العودة ونلتقي من جديد في فلسطين’.
امّا الام وضحة الحسن التي قسى الدهر والزمن عليها لم تستطع ان تتمالك نفسها هي التي غاب ابنها عن نظرها، ولكنّه لم يغب ابداً عن قلبها ووجدانها فأجهشت بالبكاء وقالت بصوت مرتجف ملؤه الحنان والعطف وهي تضمّ ولدها الى صدرها للتعويض عن سنوات مضت لم تتمكّن من احتضانه :’اليوم عادت اليّ روحي،لم يكن لدي امل لرؤيتك مجدداً،لقد بحثت عنك كثيرأً يا فلذة كبدي،وسألت وسألت وفتّشت من دون جدوى حتى انني فقدت الامل برؤيتك،انما كان أملي بالله سبحانه تعالى قويّاً،كنت اناجيه واطلب منه ‘يا ربّ لا تحرمني من أمنيتي….أن أرى ولدي يوسف امام عيني قبل مماتي…’وها هو سبحانه وتعالى قد حققّ امنيتي، وانا لم أعد اريد شيئاً من هذه الدنيا الاّ البقاء الى جانبك… لاشبع منك….’.
ثم ّ سالت السيدة وضحة الحضور ‘هل انا في اليقظة ام في الحلم ؟ هل أنا بحلم او بحقيقة ؟….’لقد تحملّنا الكثير لقد فقدت زوجي وتفرّقت عن فلذة اكبادي على أمل اللقاء والعودة وها هو قد تححقق فالشكر والحمد لله’ دعت السيدة وضحة.
اذأ هذه نهاية سعيدة لهذه العائلة الفلسطينيّة التي تفّرقت وتشّردت وابتعدت الى ان عادت والتٌقت مجدداً بعد عقود من الزمان على امل ان تكون فسحة أمل لسائر الشعب الفلسطيني في التلاقي وقرع أجراس العودة في فلسطين وعلى وقع ودعاء السيدة فيروز الى القدس ‘لأجلك يا مدينة الصلاة أصلي.. يا قدس يا مدينة الصلاة’. ‘نلمح في الخاطر اطياف عدنا بالشوق الى يافا…كلنا والريح تهّب تصيح نقول سنرجع يا يافا.. وسنرجع سنرجع يا يافا’.



