عام 2013 م .. فلسطين خالية من ولادات جديدة من الثلاسيميا
قد يكون المرض هو أخطر ما يُطارد الإنسان ولعلَ مرض عن مرض يختلف , وقد يستحوذ مرض الثلاسيميا على هَمْ كبير وعريض لا حدود له في مجتمعنا ,
ويورق صاحبه , لكن إرادة المصابين في فلسطين تجعل منهم رسالة واضحة بقدرة التخلص من هذا المرض في عام 2013 والذي سيقضي على هذا الشبح الذي نسعى جميعاً للتخلص منه والقضاء على حياته , والعام 2013 قادم لا محالة وستكون فلسطين خالية من الثلاسيميا , وأعتقد أن هذا البلاء والمتهم ( الثلاسيميا ) سيُقضى عليه وأن علاء كنعان الذي حاكى من خلال قصته وتقريره هذا سلط الضوء على أهمية ملاحقة هذا المرض في عمقه وقتله , مرضٌ بحاجة أن نقف أمامه وأن نفضحه من خلال نشر الوعي الكبير للخلاص منه …
تقرير :علاء كنعان – تلفزيون الفجر الجديد
قررت الذهاب قبل كتابة هذا التقرير بإجراء الفحص المخبري للدم لمعرفة اذا كنت حاملا ً للصفة الوراثية التي تصيب جسم الإنسان بمرض أصبح يشكل بالنسبة لي هاجسا ً وخوفا ً من المستقبل ، هو مرض ليس بضغظ الدم وليس كالسكري ، بل هو مرض وراثي يؤثر في صنع الدم .
شاهدت أمامي بعض المرضى الذين ابتلاهم الله به في ندوة تعريفية هدفها التركيز على دور الإعلام في نشر الوعي اتجاه مرض الثلاسيما وكيفية التأثير عليهم ، فإسراء فتاة في العشرينات من عمرها أصيب بالمرض منذ الطفولة فتفتحت عيناها على العلاج اليومي والمتواصل للمرض فتقول اسراء عن حالتها ” اذهب إلى المشفى كل أسبوعين منذ ان كان عمري ستة اشهر ، ولم يكن لها المرض يشكل حالة من عدم ممارسة حياتها “. وتتناول اسراء الدواء يوميا وكذلك تحرص على اخذ وحدة دم كل ثلاثة الى اربعة اسابيع بالاضافة الى استخدام مضخة الديسفرال لتخليصها من الحديد الزائد في جسمها.
أما وفاء فهي تتحدث عن واقعها بألم وبكاء ، فلم تستطع أكمال حديثها ، ولكن كلماتها القليلة التي قالت ” انظري إلي فانا مريضة بهذا المرض منذ خمسة وعشرين عاما ً ، وما ان جلست كانت عيونها تحكي لنا روايات مختلفة عن هذا المرض .
المرض تعريفا ً
هو فقر دم لمنطقة البحر الأبيض المتوسط ، ويعرف ايضاً باسم انيميا البحر المتوسط ، وهو خلل وراثي يؤدي
الى نقص حاد في انتاج بروتينات خاصة في الدم تسمى الغلوبين، وهو المكون الرئيسي للهيموغلوبين الموجود في خلايا الدم الحمراء.
ومادة الهيموغلوبين هي المسؤولة عن حمل الاوكسجين من الرئتين الى مختلف اجزاء الجسم، وبالنتيجة يؤدي نقص الهيموغلوبين الى فقر دم (انيميا)، وتكسر سريع في خلايا الدم الحمراء، ونقص كمية الاوكسجين التي تصل اجزاء الجسم المختلفة.
وينتقل المرض عن طريق الجينات المسؤولة عن نقل الصفات ، فتحدث أعراض المرض خلال السنة الأولى من العمر فبعد ولادة الطفل بفترة (3-6 شهور). ونتيجة لتكسر خلايا الدم الحمراء المبكر تبدأ الإعراض بالظهور شحوب البشرة، مع اصفرار احياناً، والتأخر في النمو، وضعف الشهية، وإصابات متكررة بالالتهابات وتغير في شكل العظام، خصوصاً عظام الوجه والوجنتين، وتصبح ملامح الوجه مميزة، ويحدث تضخم في الطحال والكبد، ويتأخر نمو الطفل.
فلسطين خالية من ولادات جديدة من الثلاسيميا
ستكون الأراضي الفلسطينية في عام 2013 ميلادية خالية من ولادات جديدة بمرض الثلاسيميا بسبب حملات التوعية التي تقوم بها جمعية أصدقاء مرضى الثلاسيميا وبالتعاون مع وزارة الصحة الفلسطينية والتي لها الدور الكبير في متابعة وعلاج المرضى وكذلك باجراء الفحص الطبي قبل الزواج مجانا في مختلف المديريات ومع وزارة التربية والتعليم ومؤسسات المجتمع المدني ، وهو الأمر الذي شدد علية رئيس الجمعية بشار الكرمي ، وبهذا تكون فلسطين الدولة الثانية بالعالم في مكافحة المرض رغم عدم توفر الإمكانيات الطبية اللازمة .
وكان قد اصدر قاضي القضاة في فلسطين الدكتور تيسير التميمي بالعام 2000ميلادية تعليمات بإجراء الفحص المخبري قبل الزواج ، وذلك بهدف الحد من أنجاب اطفالا ً مصابين بمرض الثلاسيما ، ورغم هذة التعليمات فان هناك عادت فلسطينية مورثة من الأجداد والإباء ، تنتشر قي قرى فلسطينية مختلفة يكون من خلاها زواجا ً لأولاد العم والأقارب وبالرغم من ذلك فان عدد الحالات الجديدة انخفض من 30 حالة إلى اقل من خمسة حالات سنويا .
واشارت احصائيات جمعية أصدقاء مرضى الثلاسيما بان عدد المرضى في الضفة الغربية 501 حالة وفي قطاع غزة 293 حالة ، ونسبة حاملي السمة الوراثية 4% ، وينتشر هذا المرض في منطقة الشمال الفلسطيني بصورة اكبر بسبب كون ان هذة المنطقة هي في معظمها من المجتمع الريفي وبسبب الهجرة المرتفعة في منطقة الوسط .
وعن علاج المرض تشير الجمعية هو تزويد المريض بالدم ، واعطائة الأدوية سواء كانت بالمضخة التي توضع تحت جلد بطن المريض ، لمدة 6-8ساعات يوميا ً أو باستخدام حبوب الاكسجيد وهذه الادوية لطرد الحديد الزائد من الجسم الذي لو بقي داخل الجسم لسبب المضاعفات على كل أعضاء الجسم وكذلك المتابعة الدورية وعمل الفحوصات الطبية .
وهناك علاج جذري للمرض وهو بزرع ” نخاع عظام”، ويكون نخاع عظام المريض هو المسؤول عن عملية صناعة “الكريات الدموية الحمراء” التي تتكسر باستمرار وتسبب فقر الدم، وهذة العملية غير مضمونة النتائج إن عملت، وليست متوفرة في الأراضي الفلسطينية وتكلفتها عالية جدا .
رسالة إلى الاعلامين
وبدورها تؤكد الجمعية وتحرص من خلال عقد الندوات والدورات إلى نشر الوعي الثقافي عن هذا المرض وعن ان الفحص المخبري سيجعل حياتنا أروع وارقي مما يكون فيها مثل هذة الإمراض ، فأولادنا أغلى مما ان نورثهم الثلاسيميا ، فعلى الإعلامي ان يجتهد ليكون صديقا طيبا ً للمصابين والمرضى بهذا المرض ، فعليهم أنتاج الأفلام الوثائقية التي تحاكي واقعنا الأليم .
فالصورة تغني عن الف كلمة ، فنحن اليوم في عصر التكنولوجيا والتقدم والجمهور يحتاج منا صورة تتحدث له عن واقع نحن نأمل بان ينتهي من أمامنا ، وعام 2013 ميلادية ليس ببعيد فهو سيكون يوما ً تكون فية فلسطين بيضاء ناقية من ولادات جديدة بهذا المرض وبهذا تكون الدولة الثانية بالعالم الخالية من هذا المرض بعد قبرص وهو الامر الذي يسجل للمجتمع الفلسطيني .
ومن الجدير ذكرة بان جمعية أصدقاء مرضى الثلاسيما ” أمل ” تعقد ندوات ومحاضرات في جامعات الوطن ، كان اخرها في جامعة النجاح الوطنية استهدفت فيها طلبة الاعلام بهدف تعزيز دور الإعلام في نشر الوعية عن مرض الثلاسيما .
وتناولت الندوة التي عقدت في أروقة الجامعة العديد من المداخلات تحدث فيها رئيس الجمعية د.بشار الكرمي عن الثلاسيميا كمرض وتعريفا ً بها ، وبينما تحدث د. عبد الناصر درا غمة عن واقع الثلاسيميا في فلسطين ، وبدورة تحدث د.حسن خضر عن الثلاسيميا كمرض وراثي بين رأي العلم والدين ، وتحدث د. حسام أبو دية عن دور الاعلام في عملية نشر الوعي حول الثلاسيميا وتم الحديث عن مقترحات لمخرجات إعلامية مختلفة حول المرض ، وتناول الأستاذ محمود دراغمة سلوك واتجاهات الطلبة حول الإمراض الوراثية ، ولم يخلوا الحديث عن تجربة وزارة الصحة الفلسطينية ومعاناتها في تحقيق السعادة بجلب الأدوية ومتبرعي الدم لصالح مرضى الثلاسيما .