مسرحية اختفاء المستوطنين … فصولها محروقة الجسد .. وابطالها أطفال
تلفزيون الفجر الجديد | روند حطاب- ليس من الغريب على الفلسطيني المتجرع لوعاء الحنظل على مر السنين الماضيه أن يطلق العنان لتحليلات حول ما يعايشه يوميا من انتهاكات الاحتلال التي تنهش يومه، وتفتك ببيته، وتحرق طفله كعقاب على تخمينات الحقيقة الاسرائيلية المغبشة.
اختفاء المستوطنين الثلاث في ال13 من الشهر الماض كان طلقة البداية لمسلسل السعار العسكري الاسرائيلي بحق ابناء الشعب الفلسطيني، وأولى حلقاته تحتضن مشاهد التمشيط الأمني لجيش الاحتلال لمدن الضفة الغربية لمدة 20 يوما، تستهدفت بها وحدات الجيش بيوت ناشطين تابعين لحركة حماس في الخليل ونابلس وباقي المدن لتعتقل اكثر من 400 مواطن فلسطيني ينتمي لحماس، وكل ذلك تلى تشكيل حكومة الوفاق الفلسطينية.
نستطيع أن نلمس منذ بداية القصة ومع تداعياتها الى الان توجه شريحة كبيرة من الشعب الفلسطيني للوصول الى دائرة التشكيك في اختفاء المستوطين الثلاث، وربطها في اضراب الأسرى عن الطعام ورغم اختلاف الاسباب المستنتجه الا أن الفرضية واحده في ظل غياب الأدله المحسوسة وتصدر الغيبيات للعناوين.
فاطمة خويرة 20 عاما من مدينة نابلس وجدت في السيناريو الاسرائيلي الذي يدعي ايجاد جثث المستوطنين الثلاث مدفونه تحت التراب وفوقها عشب والسيناريو الفلسطيني الذي يدعي ايجاد الجثث في بئر دافعا قويا للتأكد من أن العملية لم تكن منذ بالبداية وبأنها مسرحيه وهي على الاغلب جريمة جنائية، بالاضافه الى رغبة حكومة الاحتلال بكسر شوكة حركة حماس في الضفه الغربية.
وهناك من يستدل على تاريخ سياسية الكيان الصهيوني في التضحية بقليل من الاسرائيلين في سبيل المصلحة الأكبر كدليل على كون فرضية اختطاف المستوطنين الثلاث هي مجرد مسرحية ابتكرتها حكومة الاحتلال لبث جنودها وكاميراتها في شوارع المدن الفلسطينية وضرب قطاع غزة واعتقال المزيد من النشطاء الفلسطينيين.
"الدول الاستعمارية حين تقع في مأزق تضرب نفسها بنفسها" يقول ليث الغول (22 عاما) من مدينة جنين مستشهدا بمثالين احدهما سفينة التالينا المحملة بالاف اليهود 1948عام والتي امر رئيس الوزراء الاسرائيلي بن غوريون بضربها والتضحية بالمئات مقابل استعطاف المجتمع الدولي وعدول الانتداب البريطاني عن قرار رفض هجرة اليهود، ويتابع "قس على هذا الاستراتيجية حتى الان".
لسبب ما اصبح شائع بين الشعب الفلسطيني الايمان العميق بنظرية المؤامره، اذ غدا الفلسطينيون يقيسون كثير من أمور حياتهم طبقا لجوانب هذه النظرية. الدكتور حسن ايوب دكتور العلوم السياسية في جامعة النجاح العامة يؤكد بأنه لا يؤمن بنظرية المؤامره ولا بمسرحية الاختطاف، فهو يعتقد باختفاء 3 مستوطنين وبقتل 3 مستوطنين ولكن الاختطاف لا يزال مفترض في ظل نقص المعطيات وعدم وضوح الصورة لا نستطيع الجزم بصحة الاختطاف.
ويقول ايوب" منظمة تدفيع الثمن منذ سنتين تهاجم على الطرق وتنتقم من الفلسطينيين هذه الاجواء فتحت الطريق للمستوطنين وبرأيي نتنياهو هو الزعيم الاوحد لعملية جباية الثمن" كما ان خطاب نتنياهو في دفن المستوطنين لم يتهم حماس كما جرت العادة، والولايات المتحدة قالت بان حماس منظمه ارهابية ولكن لم تقل بأنها خطفت،فالاحداث الحالية جزء من هجمة حكومة الاحتلال لتنفيذ خطط معده سابقا واستغلال فرصة الظروف لمهاجمة الفلسطينيين.
تسير الرواية منذ ايجاد الجثث قبيل ايام في منعطفات متعرجة زاد من سرعة وحدة النتائج، لتنقل ساحة الاشتباك من الخليل الى القدس، فيجد اهالي القدس ابناؤهم معرضون للخطف والتعذيب والحرق في الليل وللاصابة بالرصاص المطاطي والاختناق من مسيلات الدموع في نهار اليوم الذي يليه.
يطلعنا الصحفي علاء كنعان من طولكرم والمتابع للاعلام الاسرائيلي على انزعاج الاعلام الاسرائيلي من التغطية الاعلامية الواسعة والتعاطف العربي والعالمي مع قصة الطفل المقدسي محمد ابو خضير التي كسحت قصة المستوطنين والتعاطف الذي حاولت حكومة الاحتلال واهالي المقتولين ال3 من جمعه على مدار ثلاثة اسابيع قبيل استشهاد ابو خضير وتوجه الاعلام تجاهه.
ويظهر انزعاج الاعلام الاسرائيلي من قصة ابو خضير في مقال الاعلامي الاسرائيلي إلحانان ميلر بعنوان (الكلمات التي تقلل من انسانيتنا)، حاول فيه ميلر بطريقة خبيثة مبطنة المساواة بين حرب المصطلحات الاعلامية الفلسطينية والاسرائيلية، ومعاتبا الاعلام الفلسطيني على استخدام مسمى طفل والاستعطاف في قصة محمد ابو خضير والاعلان عن اسمه في حين تم التعامل مع المستوطنين على انهم مستوطنون وجنود وليس كضحايا ولم يتم ذكر اسماؤهم.
انوار عمرو (21 عاما) من مدينة الخليل تعتقد بحدوث عملية اسر للمستوطنين الثلاث وتستبعد أن تكون حركة حماس هي المنظمة، وذلك لكون حركة حماس تعلن بالعادة عن عملياتها ولا تنكرها، بالاضافه الى كون منفذي العمليه قامو بقتل المستوطنين الثلاث بعد اسرهم مباشرة وهذا يناقض ما عهدناه من سياسة حماس في اسر الاسرائيلين مقابل صفقات اطلاق سراح أسرى فلسطينيين كما حدث في صفقة شاليط.
وتعبر انوار عن مخاوفها قائلة "انا خائفة من أن يصبح مكان اكتشاف الجثث في الخليل مقام ومزار للمستطونين..فهذه كارثة كبرى".
يظهر جليا لنا دور الاعلام الاجتماعي في الاونة الاخيرة في تغطية الاحداث الداخلية ونقلها للعالمية، من خلال نشر الملصقات التي تحكي قصة الشهداء وظلم الاطفال وتعذيبهم والتنكيل بهم، وهو تماما ما حصل مع الشهيد محمد ابو خضير و نديم نوارة من قبله وغيرهم من الاطفال الشهداء وظهر في اليومين الاخرين تعميمات بين النشطاء الفيسبوكيين تطالب بمقاطعة المنتجات الاسرائيلية ومنتجات المستوطنات خلال فترة العيد لضرب الاقتصاد الاسرائيلي كنوع اخر من انواع المقاومة.
فالصحافية والناشطة على مواقع التواصل الاجتماعية جنى نبوت من مدينة رام الله تستعرض لنا الانتصار الاعلامي الفلسطيني الاجتماعي على الجانب الاسرائيلي من خلال ضرب الهاشتاغ "وسوم" التي اطلقها المستوطنون للتعاطف مع ابنائهم لتنقلب ضدهم، مثل وسم #BringBackOurBoys (اعيدو أبنائنا) اذ يقوم الفلسطينيون برصد هذه الوسوم واستخدامها لنشر صور مسيئة لصورة الكيان والشعب الاسرائيلي وانتهاكاتهم ضد جميع فئات الشعب الفلسطيني.
وفي شوارع شعفاط وقرى الخليل واطراف طولكرم واروقة غزة اشتباكات ورصاص وقذائف، كل المظاهر تشير الى انتفاضة ثالثه، يخمن الفلسطينيين بحدوثها، ويعبرون عنها عبر الاعلام الاجتماعي، ويشارك كل فلسطيني بصد الهجمات اللانسانية بطريقته الخاصه.



