لمتابعة أهم الأخبار أولاً بأول تابعوا قناتنا على تيليجرام ( فجر نيوز )

انضم الآن

من هو الأسير عبد الله البرغوثي المختلف عليه في صفقة شاليط؟!



ولد عبد الله غالب عبد الله البرغوثي (33 عاماً) في الكويت عام 1972، وشب خلالها على التعلق بذاك الوطن البعيد القريب في نفسه، كان يخطط دوماً رغم صغره للعودة، "هذه البلاد ليست لنا، وسنعود لأن هناك ما ينتظرنا." لسانه حاله دائماً..ولكن هذا الأمر لم يثن عزيمته، فقبيل رحيله وعائلته عائداً إلى الأردن في أعقاب حرب الخليج، استطاع تفريغ طاقاته الجهادية المبكرة في صد القوات الأمريكية التي أتت غازية إلى الكويت عام 1990، مما حدا بالسلطات المحلية لاعتقاله وتعذيبه في سجونها لمدة جاوزت الشهر.

وبمجرد خروجه عادت الأسرة إلى الأردن ليكرس وقته في حينها لإنهاء الثانوية العامة، وبالفعل حصل على معدل مرتفع وقرر على إثرها السفر إلى كوريا حيث بدأ عام 1991 بدراسة الأدب الكوري بعد إتقانه للغة، ومن ثم بدأ دراسة الهندسة الإليكترونية، حلمه القديم، دون أن يستطيع إنهاءها، وقرر العودة مرة أخرى إلى الأردن وعندها بدأ لعمل كمهندس صيانة في إحدى الشركات، واستطاع في أعقابها عام 1998م الحصول على عقد عمل مع إحدى الشركات الفلسطينية في القدس، وبذلك راح الحلم يقترب أكثر فأكثر نحو الوطن..

وتزوج عبد الله البرغوثي عام 1998م في الفترة ذاتها التي عاد بها الى قريته بيت ريما، وهناك شرع بتأسيس عائلة ستعيش معه أيامه المرة قبل الحلوة كما يقال..

تقول زوجته أم أسامة:" لم يكن عبد الله يحمل بطاقة هوية فلسطينية لأن عائلته كانت قد فقدت المواطنة أثناء وجودها في الكويت، ولكنه استطاع القدوم الى فلسطين عن طريق تصريح الزيارة، وقرر بعدها " أن العودة أمر مرفوض..وأنه لطالما حلم بالوصول الى فلسطين، ولن يتركها بعد أن سكنته وسكنها..".

الاعتقال الأول…والعملية الأولى
بدأت رحلة القائد عبد الله البرغوثي، مع الاعتقالات والعمل الجهادي بمجرد بدء انتفاضة الأقصى، وكان عبد الله يعمل في نابلس في إحدى شركات تركيب اللواقط الفضائية، وفي يوم اعتقاله في التاسع من آب 2001، وقعت عملية " سبارو " الاستشهادية، تلك التي اتهمته المخابرات الصهيونية أنها الأولى التي سعى لتدبيرها من أجل الانتقام لمقتل قادة حماس في نابلس جمال منصور وجمال سليم.."، أخبر زوجته فيما بعد:" كان نفسي بس أسمع أخبار…كي أشهد ردة فعلهم المجنونة..".

سجله البطولي
واستطاع القائد عبد الله البرغوثي خلال فترة مطاردته الإشراف على تنفيذ عدة عمليات نوعية، جاءت كما قال سابقاً في أعقاب النطق بالحكم، رداً على جرائم اغتيال ومجازر كانت ترتكبها قوات الاحتلال بصورة وحشية.

فبالإضافة إلى عملية سبارو التي شكلت الشرارة الأولى، اعتبرته المخابرات الصهيونية كما جاء في لائحة اتهامه الطويلة التي تبعث على الفخر والتي أتت في 109 بنود، فقد وجهت إليه تهمة الوقوف خلف عملية الجامعة العبرية، ومقهى "مومنت"، والنادي الليلي في مغتصبة  "ريشون لتسيون" قرب تل أبيب وقتل فيها نحو 35 صهيونية وجرح 370 آخرين؛ كما وجهت إليه تهمة المسؤولية عن إدخال عبوات ناسفة إلى شركة غاز رئيسية في مدينة القدس المحتلة، وكذلك المسؤولية عن إدخال عبوات ناسفة في من خلال سيارة مفخخة إلى محطة الغاز وتكرير البترول قرب تل أبيب وما يعرف بمحطة "بي جليلوت"، وكان مجموع القتلى التي تبنتها العمليات من تدبير البرغوثي نحو 66 صهيونياً وأكثر من 500 جريح…

كان أمامهم…ولم يعرفوه
كل ذلك كانت تقف خلفه حياة هادئة كان يعيشها البرغوثي مع عائلته في رام الله، حيث وكما أخبرتنا زوجته:" كان البرغوثي يعيش يومه بطريقة طبيعية رغم عمليات الاجتياح والمداهمة المستمرة التي كانت تشنها قوات الاحتلال في رام الله من أجل اصطياده، دون أن تستطيع تحديد هويته، ففي عدة مرات داهم جيش الاحتلال الشقق التي كنا نسكنها وقاموا بإنزالنا مع باقي السكان وتفتيش العمارة، وتفتيش البطاقات الشخصية التي كانت بحوزتنا، دون أن تستطيع التعرف عليه".

وقالت:"في إحدى المرات، كانت الهجمة كبيرة على شقتنا في حي الشرفة، ولكن ثبات عبد الله وحنكته جعلنا ننسحب من الشقة بكل أمان وطمأنينة أمام أعين الجنود بدون أن نثير شكوكهم، وبالفعل انتقلنا إلى شقة أخرى… وكذلك عند اجتياح عمارة النتشة وتدميرها من أجل البحث عن مطلوبين في بداية عام 2002، كان عبد الله بداخلها وقاموا باحتجازه مع الشبان ولم يستطيعوا التعرف عليه…"، وهكذا كان البرغوثي يغادر بيته ويعود إليه بكل هدوء وبدون أن يضطر للتخفي، ويخرج مع أطفاله في نزهة قصيرة لا تثير شكوك أي من المارة على الأرض أو في الجو..

أخيراً..اعتقلوه على غير يقين
ولكن بعد أكثر من خمسة عشرة شهراً، استطاعت خلالها المقاومة تسديد أقصى الضربات في قلب القدس، " وتل أبيب"، استطاعت المخابرات الصهيونية اصطياده على غير يقين من هويته في الخامس من آذار 2003، حيث كان يخرج من إحدى مستشفيات رام الله، بعد أن أسرع صباحا إلى معالجة طفلته الكبرى تالا" 3.5 سنوات " في حينها، عندما فوجئ بالقوات الخاصة تقتحم يديه وتكبله، ..نسي لوهلة أنه عبد الله البرغوثي المطلوب الأول، وتذكر أن طفلته وحيدة ستظل في الشارع…ألقوا به في سيارة عسكرية، وتركت الصغيرة على الرصيف في صدمة وبكاء مرير..

تقول الأم:" علمت بالأمر، بعد ساعة تقريباً، ومع ذلك لم أخرج من البيت، ولكن في ساعات المساء كانت الشرطة الفلسطينية قد عممت صور تالا على التلفزيونات المحلية، فذهبت إليهم، وأخبروني أن أحد أقاربنا قد تعرف عليها واصطحبها إلى منزله، بعدها لم أشاهدها الا بعد ثلاثة أيام، وهي الفترة التي كان زوجي عبد الله قد طلب مني خلالها أن لا أخرج ولا أعلم أحدا بأمر اعتقاله، لأن المخابرات الصهيونية نفسها لم تكن متأكدة من هويته، ولا يريد أن يتم تأكيدها من قبلنا..".

خمسة أشهر تحت التحقيق
وبمجرد اعتقاله تم تحويل البرغوثي مباشرة إلى معتقل تحقيق المسكوبية في القدس، وعلى الفور بدأ التحقيق، " تقول زوجته:" عرفنا أنه خلال التحقيق تعرض لتعذيب قاس، وبالرغم من ذلك لم يقدم أية اعترافات، فقد استخدم المحققون معه أسلوب التحقيق المتواصل طيلة 24 ساعة، وذلك لفترة زادت عن 13 يوماً، بدون أن يمنح لو حتى دقائق للنوم، بالإضافة إلى الشبح المتواصل على كرسي صغيرة، وأسلوب الكيس الموضوع على الرأس لفترة طويلة، عدا عن الضرب والتهديدات باعتقال الزوجة وخطف الأولاد، وهدم المنزل، وتشريد العائلة والأقارب..".

وعلى الرغم من أن أقصى مدة تحقيق مسموح بها قانونياً لا تتجاوز التسعين يوما، إلا أن التحقيق المتواصل مع التعذيب استمر مع عبد الله البرغوثي مدة زادت عن الخمسة أشهر، حيث اعتقل في آذار وخرج من التحقيق في نهاية شهر آب من نفس العام.

وبعد ذلك تم تحويله مباشرة إلى عزل " أوهالي ايكدار" مباشرة، حيث خضع منذ لتضييق نفسي صعب ضده وألقي في ذات الزنزانة التي كان يقبع بها قاتل رابين، وفي الحادي والثلاثين من تشرين ثاني 2003، عقدت المحكمة العسكرية الصهيونية جلسة عاجلة نطقت فيها بالحكم النهائي.

تقول الزوجة بلهجة ساخرة:" في الحقيقة لقد فوجئنا من الحكم، كنا نتوقع 66 مؤبداً، وكان أن زادوه مؤبداً آخر، والحمد لله على كل شيء..".

الرابط المختصر: