رغم الاكتشافات المعلنة مؤخرًا: مصر تستورد الغاز من إسرائيل
تلفزيون الفجر الجديد | تتجه مصر إلى استيراد الغاز الطبيعي من إسرائيل، في صفقة تصل قيمتها إلى 60 مليار دولار، لمدة 15 عاما، وفق الأنباء الآتية التي تم الإعلان عنها، بصيغة أخرى، سيصدر مالك حقلي “لوثيان” و”تمار” ـ الإسرائيليين ـ الغاز الطبيعي للسوق المصري بوساطة من شركة خاصة) الطاقة المصرية دولفينوس).
تفاصيل الصفقة
وقعت الشركتان مذكرة تفاهم، بموجبها سيزود حقل لوثيان الشركة المصرية بكمية من الغاز أقصاها أربعة مليارات متر مكعب سنويا عن طريق خط أنابيب الغاز “عسقلان” الممدود بين مصر وإسرائيل، حيث كانت مصر تمد إسرائيل بالغاز ـ من خلاله ـ بموافقة شركتي “بي.جي” البريطانية، و”يونيون فينوسا” الإسبانية، المساهمتين في محطة إسالة الغاز بمصر، العملية اللازمة لنقل الغاز من الحدود للداخل بدون أنابيب.
ويتوقع خالد أبو بكر المؤسس لشركة دولفينوس بالشراكة مع رجل الأعمال المصري علاء عرفة إبرام العقد النهائي خلال أشهر قليلة، خالد أبو بكر ـ هو أيضا ـ الممثل الإقليمي للاتحاد الدولي للغاز، واعتبر في تصريحاته للقناة الثانية الإسرائيلية أن الجمع بين حقول الغاز الاسرائيلية والمصرية “لحظة تاريخية لخلق استقرار وسلام في العلاقات الاقتصادية”.
يتفاءل الطرفان بعدم وجود عقبات تحول دون بيع الغاز الإسرائيلي لمصر فقد وضعت الحكومة المصرية حدا لاحتكار الدولة لاستيراد وتصدير الغاز في فبراير 2015، كما أشارت وزارة البترول في بيانها إلى عدم ممانعة الوزارة استيراد الغاز من إسرائيل، ما دام يحقق قيمة مضافة للاقتصاد المصري، ولمتطلبات الأمن القومى، ويوفر حلا نهائيا لقضايا التحكيم المرفوعة ضد مصر، ولا ينقص الاتفاق الآن سوى موافقة البرلمان المصري الجديد، وإجراء مفاوضات مع شركة غاز شرق المتوسط التي تمتلك خط أنبوب الغاز، وهي الشركة التي تقاضي الحكومة المصرية؛ لمخالفتها عقد بيع مصر الغاز لإسرائيل: بعد تكرر الهجمات على الأنبوب عام 2012 ، وهي أيضا الشركة المساهم بها رجل الأعمال الهارب حسين سالم، ورجل الأعمال الإسرائيلي، وضابط الموساد السابق يوسي ميمان. وكانت شركة كهرباء إسرائيل قد أشارت في بيان لها صباح 6 ديسمبر 2015 أن مصر سوف تدفع 1.76 مليار دولار تعويضا لشركة غاز البحر المتوسط مضافا إليها الفوائد والنفقات القانونية عن وقف إمدادات الغاز، وفقا لما حكمت به محكمة تحكيم دولية.
إسرائيل مستورد الأمس ومصدر اليوم للشرق الأوسط
تغيرت موازين القوة في المنطقة بعدما اكتشفت إسرائيل حقلي “تمار” و “ليفياثان” البحريين في 2010 بما يحويانه من كميات ضخمة من الغاز الطبيعي تكفيها لربع قرن، فضلا عن استعدادها لتصدير جزء كبير منه في وقت تعاني فيه مصر من نقص الوقود وانقطاع الكهرباء ونقص الإنتاج، ليثمر ذلك عن أول اتفاق على ضخ الغاز الإسرائيلي في نفس الأنابيب التي ضخت فيها مصر الغاز الطبيعي لإسرائيل لمدة 7 سنوات، مع ترحيب من وزارة البترول المصرية بالأمر؛ بدعوى حماية مصر من الغرامات والتحكيم الدوليين ليصبح أكبر اتفاق تجاري بين مصر وإسرائيل منذ توقيع معاهدة كامب ديفيد للسلام بين البلدين عام 1979.
تروج الدولتان للأمر بمنطق من المصلحة المتبادلة، حيث إن مصر تعد محطة هامة لتصدير الغاز؛ نظرا لصعوبة مد خط الأنابيب المكلفة من إسرائيل إلى دولة مستوردة أخرى مثل تركيا، إضافة إلى امتلاك مصر لمحطات الإسالة، الأمر الثاني هو خروج النفط من حزمة الموارد الرئيسة للنقد الأجنبي بمصر وأصبحت مستوردا صافيا للطاقة منذ 2008 ، فحسب معلومات لجهاز التعبئة والإحصاء خلال نوفمبر 2015 فإن إنتاج مصر من الغاز الطبيعي في سبتمبر 2014 بلغ 3.011 مليون طن، وتراجع في سبتمبر 2015 إلى 2.686 مليون طن بنسبة تراجع بلغت 10.7 % خلال عام واحد، وأن الاستهلاك في مصر للغاز الطبيعي بلغ في سبتمبر 2014 نحو 2.962 مليون طن، وارتفع في سبتمبر 2015 إلى 3.071 مليون طن بنسبة زيادة تصل إلى 3.6% هذا الفارق الكبير مضافا إليه حصة الشريك الأجنبي التي تصل إلى نحو 40% والتزامات مصر السابقة بعقود تصدير لعقود طويلة الأجل.
حقل “شروق” المصري
في أغسطس 2015 أعلنت شركة “إيني” الإيطالية اكتشاف حقل “شروق” أمام السواحل المصرية في البحر المتوسط، واعتبرته أكبر حقل للغاز الطبيعي في الشرق الأوسط، وصرحت الشركة بأن الحقل يحوي احتياطاتٍ تقدر بنحو ثلاثين تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي، بما يعادل نحو 5.5 مليارات برميل من النفط، السؤال البديهي الآن: أين ذهبت عائدات هذا الاكتشاف؟
فور الاكتشاف صدرت تصريحات حكومية وإعلامية مصرية متضاربة بشأن حصة البلاد الحقيقية. المتحدث باسم وزارة البترول قال: إن 40% من مردودات بيع الغاز تؤول للشركة الإيطالية المكتشفة “إيني” حتى استرداد التكاليف، أما نسبة الـ 60% فتقسم بين “إيني” والمتبقي لصالح مصر، أي أن الحصة النهائية للجانب المصري من المشروع تبلغ 40 % فقط من إجمالي الاكتشاف، كما أن الاتفاقية تُحمل الجانب المصري 80من تكاليف الإنتاج، وتحمل شركة إيني 20% فقط من الكلفة التشغيلية. إضافة لهذا فانه قبل شهرين من إعلان الاكتشاف رفعت شركتا “إيني” و”إديسون” الإيطاليتان أسعار الغاز المباع إلى مصر بنسبة 100%، وأن الاسعار الجديدة ستسري على الإنتاج من اكتشاف الشركتين بمصر.
ويبدو في النهاية أن هذه الخلافات قد دفعت نحو تأخر الإنتاج من الحقل.كما أنه من الجدير بالذكر أن “إيني” تمتلك حق التنقيب عن الغاز في الأراضي المصرية، واستخراجه لمدة 35 عاما.
علاء عرفة خليفة حسين سالم؟
كما فعلت مصر في التسعينيات بتصديرها عبر شركة البحر المتوسط لرجل الأعمال حسين سالم، يتكرر الفعل نفسه، حيث يتولى الأمر هذه المرة شركة دولفتيوس المملوكة لمجموعة من رجال الأعمال، وعلى رأسهم علاء عرفة، ولكن الفارق أن اتجاه الغاز سيكون هذه المرة من إسرائيل إلى مصر، وليس العكس.
في أغسطس 2014 تبرع علاء بمبلغ 20 مليون جنية لصالح صندوق (تحيا مصر)، وهو رجل أعمال في مجال النسيج، وأحد المستفيدين من اتفاقية الكويز التي تعمل على توثيق العلاقة مع إسرائيل، ويمتلك هو وشقيقيه مجموعة جولدن تيكس التي تدير أكبر محلات الملابس الفاخرة، مثل: كونكريت، وبيير كاردان، وجي لاروش، وانضم للإخوة جمال وعلاء مبارك، كشركاء -حيث كانوا أصدقاء مقربين للرئيس المخلوع حسني مبارك- فضلا عن إدارتهم مول الحرية بمصر الجديدة، بالرغم من مديونية إخوته للبنوك وتوقفهم عن سداد مبلغ 4 مليار جنيه.
الإتيان على ذكر حادث قطع عمال شركة علاء عرفة طريق مصر إسماعيلية الصحراوي؛ لضعف رواتبهم، وتعرضهم للإهانة، لن يهتم هنا بمقدار توقيع علاء اتفاقية استيراد الغاز الإسرائيلي مارس 2015 ، وأنه بدأ ـ منذ مايو 2015 ـ المفاوضات مع شركة غاز شرق المتوسط لنقل الغاز من إسرائيل إلى مصر عبر أنبوها، وهو ما يرفضه “نسبيا” حسين سالم؛ بسبب قضايا التحكيم الدولي، إلا أنه يبدو من المتوقع أن سالم ربما خرج طرفا رابحا حال استطاعت دولفينوس الوصل لصيغة لتسوية خلافاته مع مصر؛ من أجل فتح الطريق أمام إتمام الصفقة.