لمتابعة أهم الأخبار أولاً بأول تابعوا قناتنا على تيليجرام ( فجر نيوز )

انضم الآن

مطالب بتبني خطة عملية لتفعيل فتوى محكمة لاهاي



أكدت شخصيات حقوقية وقانونية ونشطاء على أهمية تفعيل الفتوى القانونية (الرأي الاستشاري) لمحكمة لاهاي بما يخص جدار الفصل العنصري والاستيطان، لما تتيحه هذه الفتوى من ملاحقة ومعاقبة لإسرائيل على انتهاكها للقانون الدولي الإنساني، وعلى ما تفرضه من نظام تمييز عنصري.

وطالبوا القيادة الفلسطينية بتوفير الإرادة السياسية لتفعيل هذه الفتوى كرزمة شاملة، أو الانطلاق مما تتضمنه كأساس لمتابعة قضايا جزئية في الأمم المتحدة والمحاكم الدولية، لا سيما في ضوء حصول فلسطين على عضوية الدولة بصفة مراقب في الأمم المتحدة، وفي ظل انضمامها إلى العديد من المواثيق والمؤسسات الدولية، مثل اتفاقية جنيف الرابعة وميثاق روما.

كما طرح الحضور عددًا من الآراء بما يخص تفعيل الفتوى، فمنهم من دعا إلى تبني خطة وطنية على المستويات المحلية والشعبية من أجل تحويل القرار إلى رأي عام، والبعض الآخر طالب بتشكيل لجنة خبراء في القانون الدولي تضم شخصيات فلسطينية وعربية وأوروبية للتعريف بهذه الفتوى وكيفية الاستفادة منها لمواجهة الانتهاكات والجرائم الإسرائيلية، وما هي الآثار المترتبة على كل ذلك.

ودعا آخرون إلى عقد مؤتمر وطني تدعى إليه اللجان الشعبية ولجان مقاطعة الجدار والاستيطان والنشطاء والحقوقيين، من أجل بلورة خطة لتفعيل وتنفيذ هذا الرأي الاستشاري على المستوى الرسمي ممثلًا بوزارة الخارجية والسفارات والممثليات الفلسطينية، والمؤسسات الحقوقية والقانونية، وعلى صعيد الأفراد والجماعات، لمحاسبة إسرائيل على جرائمها في المحافل الدولية، وتعزيز دور حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها في مختلف دول العالم.

جاء ذلك خلال لقاء حواري نظمه المركز الفلسطينيّ لأبحاث السّياسات والدّراسات الإستراتيجيّة (مسارات) بالتعاون مع الحملة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان بعنوان "12 عامًا على الفتوى القانونيّة لمحكمة لاهاي … آفاق وتحدّيات تطبيق القرار في ظل الوضع السياسيّ الرّاهن"، في مقري المركز بالبيرة وغزة، بمشاركة عشرات الشخصيات القانونية والحقوقية والنشطاء. وقد أدار الحوار في الضفة خليل شاهين، مدير البحوث والسياسات في مركز مسارات، بينما أداره في غزة صلاح عبد العاطي، مدير المكتب هناك.

وقال منسق الحملة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان جمال جمعة، لقد شكّل قرار محكمة العدل الدولية بخصوص الجدار الذي صدر بتاريخ 9/7/2004 رافعة أساسية لانطلاقة حركة المقاطعة (BDS) التي باتت تشكّل تحديًا إستراتيجيًّا لحكومة الاحتلال، في حين بقي القرار على المستوى الرسمي مهمّشًا ولم تتخذ أي خطوات جدية لتفعيله.

وأوضح أنه في الذكرى السنوية العاشرة تم البدء بحملة دولية تستهدف المؤسسات الحقوقية الدولية وخبراء في القانون الدولي في مختلف أنحاء العالم للبحث في آليات تنفيذ القرارـ وتوجت هذه الحملة برفع ورقة إلى بان كي مون، الأمين العام للأم المتحدة، وطالبت بوقف كل أشكال الدعم والاتفاقات ووقف العلاقات الاقتصادية مع أي منظمة تتعامل مع الجدار والاستيطان. كما تمت دعوة الدول المتعاقدة والموقعة على اتفاقيات جنيف إلى إصدار تشريعات ومبادئ  توجيهية تجبر الشركات والهيئات الاستثمارية الدولية على عدم التعاقد أو التعاون الاستثماري مع الاحتلال، ومنع التعامل بشكل قطعي مع المستوطنات، إضافة إلى إعادة الاعتبار للجنة الخاصة بالفصل العنصري في الأمم المتحدة.

وتطرق د. محمد الشلالدة، أستاذ القانون الدولي في جامعة القدس، إلى فتوى لاهاي، منوها إلى أن الآراء الاستشارية الصادرة عن المحكمة لا تتمتع كقاعدة عامة بقوة إلزامية لغير الجهة الصادرة عنها، وإنما يتمتع الرأي الاستشاري بصدوره عن المحكمة بقيمة أدبية أو معنوية، ويكون الرأي ملزمًا إذا تعهدت الدول والمنظمات الأهلية التي يعنيها بتنفيذه أو إذا وُجِد نص صريح يقرر ذلك.

وقال إن محكمة العدل الدولية يمكن أن تعطي آراء استشارية في حالات تنفيذ الاختصاصات المنوطة بها في ميثاق الأمم المتحدة والنظام الأساسي للمحكمة، إضافة إلى المساهمة في تفعيل دور منظمة الأمم المتحدة. وأشار إلى القيمة القانونية للفتوى كونها تمثل قرارًا شاملًا يدين جميع انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي، وتعد شهادة أمام التاريخ من أعلى سلطة قضائية دولية لما تعرض له الشعب الفلسطيني من معاناة.

وأضاف أن المحكمة أشارت إلى وجوب توقف إسرائيل عن بناء الجدار وتفكيكه، وعدم اعتراف جميع الدول بالواقع الذي أوجده الجدار، وأن الآلية لتطبيق قرار المحكمة هي العقوبات التي يمكن أن يفرضها مجلس الأمن. كما أن الفتوى تمنح ترخيصًا قانونيًا للدول لاتخاذ إجراءات فردية أو جماعية لمواجهة إسرائيل من أجل تفكيك الجدار، وهناك خطوات يمكن اتخاذها مثل ممارسة الضغوط الديبلوماسية وإلغاء اتفاقية التجارة مع إسرائيل.

من جهته، قال شعوان جبارين، مدير مؤسسة الحق، إن تفعيل الفتوى القانونية لمحكمة لاهاي بحاجة إلى توفر إرادة سياسية من قبل القيادة الفلسطينية في ظل خوفها من ردود الفعل الإسرائيلية والضغوط الأميركية والأوروبية، ومن شأن توفر قرار سياسي فلسطيني أن يفتح الطريق أمام النهوض بدور بعثة فلسطين في الأمم المتحدة التي تستطيع أن تقوم بالعديد من الخطوات، فضلا عن الحاجة إلى الارتكاز على مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الحقوقية.

وأوضح أن فلسطين قوية قانونيًا، لذلك لا بد من الاستفادة من الفتوى لاستصدار قرارات في مجلس الأمن والجمعية العامة تدين الجرائم الإسرائيلية المتواصلة، وفي مقدمتها الاستيطان، مشيرًا إلى أنه يمكن للدول الأعضاء محاسبة إسرائيل على جرائمها ضد الفلسطينيين استنادًا إلى هذه الفتوى عبر توجيه رسالة من الجمعية العامة إلى كل الدول تلزمها بمعاقبة من ينتهك القانون الدولي الإنساني فيها، ويمكن العمل على هذا الأمر ليشمل العطاءات والمناقصات، فمثلًا كل شركة تتقدم للعطاءات في بلد ما يجب أن يكون سجلها نظيفا من موضوع العلاقة مع الاحتلال والاستيطان.

وأضاف جبارين أن من فوائد الرأي الاستشاري أنه يحمي ما تقوم به حركة مقاطعة إسرائيل، وبالتالي لا بد من دعم المقاطعة وتوسيعها لتشمل الدول العربية والأوروبية. كما حذر من اعتماد المبادرة الفرنسية لمبدأ التبادلية، لأن الفتوى القانونية للاهاي تعتبر المناطق الفلسطينية المحتلة العام 1967 أراض محتلة وليس متنازعًا عليها.

وطرح الحضور جملة من الأسئلة تركزت حول هل يشكل تفعيل هذا القرار رافعة لتطبيق القرارات الدولية والخروج من المأزق الحالي الذي تعيشه القضية الفلسطينية؟ وهل هناك فعلًا إمكانية لتفعيله؟ وما هي الآفاق والتحديات التي تواجه ذلك؟ وتم تقديم عدد من الاقتراحات والتوصيات للبناء عليها في سبيل تفعيل فتوى لاهاي مع اقتراب ذكرى صدورها في تموز القادم.

الرابط المختصر: