متحف آثار طولكرم … حارس الذاكرة الكرمية
رحمة أبو زنط وفداء خويلد- لكل عصر اُناسه، ولكل تاريخٍ شواهده ومن ليس له ماضٍ فحاضرهُ فارغ، متحف طولكرم الواقع وسط المدينة على بعد عدة أمتارٍ من ميدان الشهيد ثابت ثابت، خلف أشجار الزينة الخضراء، كان وما زال شاهداً على الحضارة العثمانية، والثورة الفلسطينية.
وحين تخطو قدميك حديقة المتحف، ستجذبك جدرانها التي زُينت برسومات تاريخية وتراثية فلسطينية، بالاضافة الى قطعة اثرية كبيرة مثل المعصرة القديمة التي كانت تسمى "البدّ" وعمرها قرابة 200 عام اضافة الى بعض الأعمدة والمدافع العثمانية.
وتقول امينة المتحف حنان جبارة التي تعرف الزوار على المكان: "يحتوي مبنى المتحف على عدة قاعات، ف في القاعة الاولى يوجد قطع اثرية تاريخية من العصر الحجري، وبعض القطع المعدنية من العصور البيزنطية والرومانية، أما القاعة الثانية تحتوي على تاريخ مدينة طولكرم والحياة اليومية لسكانها وعن الحرف والصناعات التي تشتهر بها".
وتوضح جبارة: "في القاعة الثالثة، ثلاثة زوايا، الاولى تعرض اللباس التراثي الفلسطيني، والاخرى الادوات التراثية مثل الفخارات ومطاحن الحبوب، وأما الزاوية الثالثة تضم مجموعة من الصور التي التقطت للمدن الفلسطينية".
وحول الطريقة التي جمعت فيها القطع الاثرية الموجودة في المتحف اشارت جبارة الى ان جزء منها من المواطنين واخرى من خلال حفريات التنقيب التي يقوم بها متخصصون في جمع الاثار او من خلال ضبط الشرطة السياحية لعدد من القطــع الاثريــة للصــوص الاثــار الذين يقومون خلال الليــل بالتنقيب عــن الاثار في المناطق غير الخاضعة للســلطة الوطنيــة، مؤكدة انه تم جمع 800 قطعة اثار وتــراث وهي موجودة في هذا المتحف".
وتتابع حنان: "ان كل قطعة اثرية موجودة داخل المتحف هي ذات قيمة تاريخية وفنية تسلط الضوء على الحقائق التاريخية وتثبت احقية الشعب الفلسطيني بأرضه ومحو كل ما يحاول الاحتلال الاسرائيلي اثباته بملكيته لأرض فلسطين".
وتضيف جبارة: "يستقبل المتحف العديد من الوفود والزوار للتعرف على تاريخ الشعب الفلسطيني، لزيادة الوعي والمعرفة لديهم، ويعمل على تعزيز روابط الشعب الفلسطيني ومواجهة العقبات والحواجز".
وتنهي جبارة: "الشيء الجميل في متحف طولكرم هو انه يجمع بين المعرفة والمتعة في ذات الوقت، ولا يوجد دخولية للمتحف، وهذا ما يجعله مقصدا لكثير من الزوار والسياح ".
يقول رئيس قسم المهن السياحية في مديرية السياحة في طولكرم سامي النمر: "تم تحويل المبنى عند قدوم السلطة الفلسطينية عام 1996 الى متحف يسعى الى اثبات التاريخ الفلسطيني الكرمي، والحفاظ على التراث الفلسطيني ومواجهة الاحتلال الذي يحاول طمس الهوية الفلسطينية".
ويتابع النمر يوجد في المتحف العديد من المقتنيات الاثرية التي اخذت من مواقع اثرية داخل طولكرم وقراها، وان قيمة المتحف تنبع من قيمة القطع الاثرية المهمة المعروضة داخل المتحف.
ويؤكد النمر: " يقدم المتحف للمواطنين رسالة ثقافية تزيد الوعي والمعرفة لدى المجتمع الفلسطيني للحفاظ على التراث الفلسطيني ويقدم ايضا رسالة وطنية تاريخية تعبر عن تمسك الفلسطينين بأرضهم وتاريخهم".
ويطالب النمر وزارة التربية والتعليم بتنظيم رحلات مدرسية لزيارة المتحف والتعرف على الاثار وتاريخ مدينة طولكرم لزيادة وعي الشباب والأطفال بأهمية التراث والمحافظة عليه".
وينهي النمر: "يجب على الاعلام تسليط الضوء على مثل هذه الأماكن المهمة، وهذا المتحف هو جزء بسيط من المخزون التراثي والثقافي لفلسطين".
وتروي ام براء من مدينة نابلس عن زيارتها لمتحف مدينة طولكرم : "تعرفت من خلال المتحف على القطع الأثرية، والعملات النقدية والملابس التراثية والادوات الزراعية التي كانت تستخدم قديماً".
وتقول: " وجود المتحف في كل مدينة أهمية كبيرة للتعرف على أثار فلسطين كونه الماضي والحاضر الذي من المستحيل التخلي عنه، وله دور فعال كباقي الاماكن الاثرية الفلسطينية من جذب للسياح وتعريفهم للمنطقة واصولها".
وتنهي أم براء حديثها قائلة: "أن المتاحف الأثرية والآثار الفلسطينية سواء الموجودة أو التي حاول الاحتلال طمسها هي دليل واضح للوجود الفلسطيني ولدولة فلسطين".
ومن الجدير بالذكر أن مبنى المتحف شُيد في نهاية الفترة العثمانية عام 1908 ليكون مقراً للبريد، وفي عام 1953 كان مقرا للقائم مقام خلال الوصاية الأردنية، وفي عهد الانتداب البريطانــي تحــول هــذا المبنى الى عيادات صحية تضم العشرات من الاطباء ذوي الاختصاص، ثم تحول الى مدرسة ابتدائية للبنات في بداية السبعينات، قبل ان يتــم اغلاقهــا من قبل ســلطات الاحتلال وتركت مهجورة على مدار سنوات طويلــة.
وفي عام 1995 قامت وزارة السياحة والآثار بالتعاون مع UNDP بترميم المبنى لإستخدامه كمتحف للأثار والتراث الثقافي، واعيد ترميمه مرة اخرى في عام 2014 بهدف تطوير نظامي العرض والاضاءة بالتعاون مع متحف المرأة الدنماركي، الى أن اصبح اليوم معلم سياحي ثقافي سمي بمتحف اثار طولكرم.