تلفزيون الفجر | اعتمد جيش الاحتلال الإسرائيلي في السنوات الأخيرة، على التكنولوجيا المتطورة في العمليات التي يقوم بتنفيذها خاصة في الأراضي الفلسطينية، وخاصة في قطاع غزة قبل أن تنتقل في الأسابيع القليلة الماضية إلى الضفة الغربية مع اشتداد عود المقاومة فيها.
وخلال السنوات الثلاثة أو الأربعة الأخيرة ظهر ما عرف باسم طائرات “كواد كابتر” التي نشطت في غزة بشكل كبير، وتعددت مهامها حتى باتت تشكل خطرا على حياة المقاومين.
وفي الآونة الأخيرة كشفت مجموعة “عرين الأسود” عن سقوط طائرة تصوير صغيرة، ليتبين لاحقًا لدى المتابعين أنها من ذات الطراز المستخدم بغزة، وهي “كواد كابتر” صغيرة الحجم.
وألمح الاحتلال بعد استشهاد الشهيد وديع الحوح أحد مؤسسي مجموعة “عرين الأسود” بعد عملية نفذها منذ أيام في البلدة القديمة من مدينة نابلس، إلى أنه استخدم تقنيات تكنولوجية عالية، ودار الحديث عن برنامج “بيغاسوس” التجسسي أيضا الذي يستهدف هواتف شخصيات تتعمد قوات الاحتلال الوصول إليها.
وتظهر المعلومات والصور من المكان الذي استشهاد بداخله الحوح استخدام الاحتلال لتلك الطائرات، ما يؤكد رواية أحد المطاردين الذي وصف تلك العملية بأنها “إبادة جماعية”، في إشارة لخطورة الحادثة التي وقعت حينها داخل الشقة لوحدها فقط وليس ما دار خارجها، إلا أنه رغم ذلك تمكن العديد من الطلوبين من النجاة حينها وأصيبوا بعضهم، واستشهد الحوح لوحده.
تقول مصادر لـ “القدس” دوت كوم، إن هذه الطائرة صغيرة الحجم التي تحمل في اليد الوحدة، في بداية تحليقها بغزة كانت تحلق لوقت قصير بهدف تصوير أهداف معينة، ثم أصبحت تقوم بالتحليق لوقت أطول وتتحرك بسرعة كبيرة يصعب إطلاق النار عليها وإسقاطها.
وبينت المصادر، أن هذه الطائرات تطورت مع مرور الوقت وبدأت تتسلل إلى أهداف للمقاومة بهدف محاولة تصويرها عن قرب أو وضع “حشرات تجسسية”، وتم ضبطها وكشفها من قبل المقاومة بغزة أكثر من مرة.
ولفتت إلى أنه في معركة “سيف القدس” بشهر مايو/ أيار 2021، استخدم الاحتلال طائرات انتحارية من هذه الطائرات بعضها ضرب أهدافًا، وأخرى شاركت في تصفية مقاومين.
بالعودة إلى نابلس، تؤكد مصادر تحدثت لـ “القدس” دوت كوم، أنه عثر على بقايا طائرات “درون”، والمقصود هنا ما يعرف بـ “كواد كابتر”، لافتة إلى أن الشقة التي كان يتواجد بها الشهيد الحوح محصنة من نوافذها ولا يستطيع أي جسم الدخول، وأن أول انفجار وقع هناك كان عبارة عن تفجر طائرة في “الحماية الحديدية” لإحدى نوافذ الشقة.
وتشير المصادر، إلى أنه تبع ذلك الانفجار بعد تهتك النافذة دخول 3 طائرات أخرى مماثلة، وكانت تطلق النار من كل اتجاه داخل الشقة ذاتها.
وبحسب مصادر في غزة تحدثت لنا، فإن هذه الطائرات يمكنها حمل الرصاص وإطلاق النار وقنابل الغاز وحتى قنابل يدوية لتفجيرها، وذلك بالتحكم فيها عند بعد.
وقد يفسر هذا استخدام الاحتلال لقوات النخبة الخاصة حتى من وحدة سييرت متكال الخاصة بقيادة هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي في العملية التي استهدفت الشقة.
تامر الحوح عم الشهيد وديع، قال لـ “القدس” دوت كوم، كما نقل عن المطاردين الذين كانوا برفقة وديع في الشقة، أن الهجوم تم من عدة جهات، وتم إطلاق رصاص عيار ثقيل خلال الهجوم بواسطة الطائرات، من الجبل الشمالي، تزامنًا مع إطلاق قذائف أنيرجا في محيط المكان.
وأكد العم الحوح، أن طائرة “درون” تم تفجيرها عند نافذة الشقة التي كان بداخلها 7 مطاردين، وفتحت الطريق أمام مزيد من الطائرات لدخول الشقة، وكان بعضها انتحارية، وبعضها أطلق قنابل غاز يعتقد أنها سامة، وتمكن معظم الشبان من الانسحاب عدا وديع وشابين آخرين أحدهما أصيب ، والآخر سحب وديع بعد إصابته إلى المطبخ لمحاولة حمايته.
ووفقا لعم الشهيد، فإن الصورة الطبقية للشهيد أظهرت كمية كبيرة من الشظايا في الجسم تسببت بتهتك الكبد والكلى والطحال رغم أن جسده الخارجي لم يظهر عليه إصابات أو جروح ، كما أظهرت وجود كمية كبيرة من الغاز تسببت بالضغط على الرئة وإغلاق مجرى التنفس.
وتؤكد مصادر من غزة، أن مثل هذا الحادث تكرر في بعض العمليات النادرة التي تم اغتيال بعض المقاومين فيها، بإحداث تهتك داخلي دون جروح واضحة أو عميقة في الجسد الخارجي، إلى جانب استخدام الغاز السام أكثر من مرة.
ويؤكد الحوح أنه تم العثور على بقايا بعض طائرات الدرون لمتفجرة “كواد كابتر” وأن بعضها أسقطها وديع بنفسه بإطلاق النار عليها ولذلك بقيت بعض بقايا هيكلها سليمة، لافتًا إلى أن جنود الاحتلال لم يدخلوا الشقة وإنما كانوا يديرون المعركة بواسطة الطائرات التي يتم التحكم بها من مكان قريب.
من ناحيته قال مدير للمستشفى العربي الدكتور محمد عبيد لـ “القدس” دوت كوم، بأن الحوح الذي نقل إليهم، قد أصيب بشظايا الرصاص في الظهر، مبينًا أن التقرير الطبي سلم للجهات الأمنية لمختصة.
وكانت مصادر ميدانية من قطاع غزة تحدثت في السابع عشر من الشهر الجاري لـ “القدس” دوت كوم، أن طائرات”كواد كابتر” كان لها دور كبير وفعال في تحديد بعض المباني هندسيا بما يسمح بتنفيذ عمليات اغتيال دقيقة جدا كما جرى مع القيادي في سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، بهاء أبو العطا، عام 2019، حين تم استهدافه بشكل مباشر داخل غرفته بدون إحداث ضرر مباشر بباقي منزله، كما كان يجري في عمليات اغتيال سابقة بتدمير منازل بأكملها أو شقة سكنية بشكل كامل داخل عمارة أو برج، لاغتيال شخص ما.
ووفقًا لذات المصادر، فإن هذه الطائرات تقوم بتحديد هندسي دقيق يشمل “سمك الجدران”، والمناطق الضعيفة في المباني التي سيتم استهدافها، كما أنه كشف عدة مرات عن تسللها لداخل منازل وشقق سكنية وغيرها، خاصة وأنها ذات حجم صغير.
وكشفت المصادر، أن تلك الطائرات حاولت التسلل لبعض مواقع المقاومة الفلسطينية وكان المقاومون يقظون إليها ويطلقون النار عليها، وفي عدة مرات كشف عن وضعها “حشرات اصطناعية” بهدف التجسس على أهداف معينة، وأخرى لتتبع حركة بعض المطلوبين.
ولفتت إلى أن الاحتلال استخدم تلك الطائرات بكثافة في تلك المعركة، وبعضها استخدم للدخول إلى عمق أهداف قبيل وبعد قصفها بهدف التصوير والرصد عن قرب، وبعض تلك الطائرات استخدمت كانتحارية لضرب بعض الأهداف خلال نفس المعركة، وكذلك في التصعيد الأخير بشهر أغسطس/ آب الماضي.
وفي الآونة الأخيرة أظهر تقرير إسرائيلي بث عبر قناة 13 العبرية أنها استخدمت لتفجير منصات إطلاق صواريخ ، كما أنها أصبحت أداة بيد الجنود في الميدان يستخدمونها متى كان ذلك مطلوبًا.
المصدر جريدة القدس