إسرائيل وإيران على حافة المواجهة: تداعيات التصعيد على مستقبل الشرق الأوسط
مرام كنعان -تلفزيون الفجر | شهدت منطقة الشرق الأوسطية في الآونة الأخيرة تصاعداً في التوترات بين إسرائيل وإيران، وهو تصاعد لم يكن وليد اللحظة، لكنه يأتي على خلفية تراكمات سياسية وأمنية ومصالح متضاربة وتزايد هذه التوترات يحمل تداعيات قد تصل إلى مواجهة شاملة في ظل دعم غربي واضح لإسرائيل ومحاولات من قِبل إيران لكبح هذا الدعم وتثبيت موقفها في المنطقة.
في ذات السياق أوضح الدكتور رائد أبو بدوية، أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية في الجامعة العربية الأمريكية خلال حديثه لتلفزيون الفجر أن إسرائيل حتى الآن لم ترد بشكل مباشر على الضربات الإيرانية الأخيرة، مشيراً إلى أن هذا التأخير هو جزء من استراتيجية تهدف إلى دراسة وتحليل الظروف الإقليمية والدولية الحالية. وأضاف أن إسرائيل تواجه تحديًا في الحفاظ على ما تسميه “هيبة الردع”، التي تأثرت بعد عملية “طوفان الأقصى” التي كشفت عن هشاشة منظومتها الأمنية والعسكرية وان إسرائيل تسعى من خلال هذا التأخير في الرد لإعادة بناء صورة قوة الردع، مع ضمان دعم القوى الغربية في أي خطوة قد تُقدم عليها.
وأكّد أبو بدوية أن استهداف إسرائيل للقيادات البارزة في حزب الله، وعلى رأسهم الأمين العام حسن نصر الله، يعكس رغبة إسرائيلية في توجيه ضربة نوعية لإضعاف الحزب وكبح نفوذه في لبنان وهذه الاستهدافات، التي يعتبرها نتنياهو جزءًا من إعادة هيبة إسرائيل في المنطقة، تأتي أيضاً كرسالة ضمنية إلى إيران بأن إسرائيل مستعدة لاستخدام القوة إذا لزم الأمر.
وذكر أبو بدوية أن هذا التصعيد قد يكون له أثر كبير على لبنان، الذي يعاني بالفعل من ضغوط اقتصادية وسياسية كبيرة، وقد يؤدي إلى زعزعة استقراره بشكل أكبر.
ومن جانبها، تدرك إيران خطورة الوضع وترى في التصعيد الإسرائيلي تهديدًا مباشرًا لمصالحها الإقليمية، حيث أقدمت إيران مؤخرًا على توجيه ضربات لإسرائيل من باب تحجيم نفوذها، وإيقافها عند حدها هذا التوجه يعكس قلق إيران من أي تحرك إسرائيلي يستهدف مناطق نفوذها، خاصة في سوريا ولبنان.
ويرى أبو بدوية أن احتمالات التصعيد تبقى قائمة، لكن إيران قد تفضّل ضبط النفس لتفادي اندلاع حرب إقليمية شاملة.
وأوضح أبو بدوية إلى أن الدعم الغربي، وبشكل خاص من الولايات المتحدة وفرنسا، يلعب دوراً كبيراً في تحفيز إسرائيل على اتخاذ خطوات تصعيدية، فقد أعلنت الولايات المتحدة استمرار دعمها العسكري لإسرائيل، بل وتوسيع هذا الدعم ليشمل إمدادات أسلحة إضافية ومعدات دفاعية متقدمة، كما تعهدت بريطانيا وفرنسا بمساندة إسرائيل، مما يزيد من حالة الاستقطاب ويزيد من احتمالات المواجهة.
وأشار أبو بدوية إلى وجود تنسيقات بين بعض الدول العربية وإسرائيل، في إطار تحالف ضمني برعاية الولايات المتحدة، بهدف التصدي لأي تصعيد إيراني محتمل وأن هذه الدول ترى في الدعم الإسرائيلي، حتى لو بشكل غير مباشر، وسيلة لحماية مصالحها الاستراتيجية من النفوذ الإيراني المتزايد في المنطقة إلا أن هذا التحالف يظل هشًّا، كونه يثير تساؤلات حول ردود فعل الشارع العربي الذي ما زال ينظر بعين الريبة إلى التقارب مع إسرائيل.
وبين أبو بدوية أن استهداف المنشآت النووية الإيرانية هو سيناريو وارد في ظل “الجنون” الذي يصفه بـ”العظمة الجنونية” التي يعيشها نتنياهو.
وحذر أبو بدوية من أن مثل هذه الخطوة قد تؤدي إلى حرب شاملة قد لا تقتصر على الأطراف المعنية فقط، بل قد تمتد لتشمل التحالفات الدولية والإقليمية.
وقال أبو بدوية إلى أنه في حال اندلاع حرب شاملة بين إسرائيل وإيران، قد تجد دول مثل روسيا وتركيا نفسها مضطرة للتدخل لافتاً إلى تصريحات للرئيس التركي تتحدث عن “خطط خبيثة” من قِبل إسرائيل للسيطرة على مناطق جديدة في المنطقة، الأمر الذي يشير إلى أن تركيا تتابع بقلق هذه التطورات وقد تتحرك في حال التصعيد.
ومع تزايد احتمالات التصعيد، توقع أبو بدوية أن تشهد المنطقة تحالفات سياسية جديدة، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة قد تواصل مساعيها لبناء تحالف إقليمي يضم إسرائيل وبعض الدول العربية لمواجهة النفوذ الإيراني إلا أن هذا التحالف قد يؤدي إلى انقسام جديد في المنطقة، خاصة إذا ما اتخذت دول مثل روسيا وتركيا مواقف معارضة وأن الشرق الأوسط يقف على حافة تحولات سياسية وأمنية كبرى، مع تصاعد احتمالات المواجهة بين إسرائيل .
ويؤكد أبو بدوية أن الوضع مرشح لمزيد من التعقيد، وأن الأطراف الدولية، خاصة الولايات المتحدة، قد تلعب دورًا بارزًا في تشكيل هذه التحالفات بما يخدم مصالحها الخاصة في المنطقة.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.