تلفزيون الفجر -مرام كنعان | في قلب قطاع غزة، تنبض المستشفيات بآخر أنفاسها في محاولة يائسة لإنقاذ الأرواح، وسط حصار خانق يطوّق المكان وجروح دامية تشهد على معاناة الأهالي، منذ عام وأكثر، تتوالى الهجمات وتُغلق المعابر، لتتحول المنشآت الصحية إلى ساحة معركة، حيث لم تعد الجدران تحمي المرضى ولم تعد الأسرّة تكفي لاستقبال الجرحى والمصابين.
في المشاهد المؤلمة، تمتد الممرات والأروقة لاحتضان من هم بأمسّ الحاجة للرعاية، بينما تكتظ الساحات بالخيام المؤقتة التي تستقبل المصابين دون رحمة، ومع نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، تُصبح المداواة اختيارية والإنقاذ أقرب للمستحيل.
أكد الدكتور خليل دقران المتحدث بإسم مستشفى الاقصى خلال حديثه لتلفزيون الفجر أن القطاع الصحي في غزة يمر بمرحلة غير مسبوقة من التدهور، حيث تعرضت المستشفيات للهجوم المباشر ما أدى إلى خروج 38 مستشفى عن الخدمة، إضافة إلى تدمير 82 مركز صحي من أصل 90 كما ذكر أن 986 من الكوادر الطبية سقطوا شهداء، بينما أصيب أكثر من 3000 آخرين، وهذا تسبب في نقص شديد في الكوادر البشرية الأساسية لمواصلة تقديم الخدمات الطبية.
وأضاف دقران أن قوات الاحتلال تستمر في الهجوم على المستشفيات وتحويلها إلى “ثكنات عسكرية”، كما حدث مؤخراً في استهداف مستشفى شهداء الأقصى وقد أودى هذا الاستهداف الأخير بحياة 23 شهيداً، بينما أصيب أكثر من 90 آخرين وأشار إلى أن الأوضاع داخل المستشفيات باتت صعبة جداً، حيث تمتلئ الأسرة بأربعة أضعاف قدرتها الاستيعابية، مما يضطر المستشفيات لاستقبال المرضى في الممرات والخيام المقامة في الساحات الخارجية.
وعبر دقران عن القلق الكبير نتيجة النقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية، حيث يتم استقبال المصابين بحالات حرجة للغاية، ويجبر الطاقم الطبي على اختيار من يمكنه تلقي العلاج أولاً، وهو ما يزيد من عدد الوفيات. ويضيف أن هناك حالات إصابة تصل إلى المستشفى، لكن تفارق الحياة بسبب عدم وجود الأدوية والتجهيزات اللازمة.
وأشار دقران إلى معاناة سكان غزة من انتشار الأمراض والأوبئة، نتيجة تدمير البنية التحتية ومنع نقل النفايات والقمامة المتراكمة فالأمراض الجلدية، التهاب الكبد الوبائي، والنزلات المعوية أصبحت شائعة بين المواطنين وخاصة الأطفال. وقال إنه منذ بداية العدوان، استقبلت مستشفيات القطاع أكثر من 96 ألف جريح و42 ألف شهيد، وأن الوضع الصحي السيء يسهم في تفاقم الأوضاع الصحية العامة.
وبيّن دقران أن الاحتلال يمنع تحويل الحالات الحرجة للعلاج خارج غزة، ومنذ خمسة أشهر لم يتم السماح سوى لعدد محدود جداً من الحالات بالخروج ، وذكر أن هناك حوالي 25 ألف مريض بحاجة للعلاج بالخارج، بمن فيهم 12 ألف مريض سرطان، مما يجعلهم عرضة للموت بسبب نقص العلاجات اللازمة لهم.
وأوضح أن الجيش الإسرائيلي يمنع دخول قطع غيار المولدات الكهربائية، وهي المصدر الوحيد للطاقة في المستشفيات بعد تدمير محطة الكهرباء
وتحدث دقران عن المخاطر المرتبطة بتوقف المولدات بسبب الاستهلاك المستمر وعدم توفر قطع الغيار اللازمة لصيانتها، مشيراً إلى أن هذا الوضع يشكل تهديداً مباشراً على حياة المرضى في أقسام العناية المركزة وغرف العمليات وأجهزة التنفس الصناعي.
وشدد دقران على خطورة الوضع الصحي العام، خاصة مع اقتراب فصل الشتاء وزيادة انتشار الفيروسات والأمراض الموسمية بين المواطنين والنازحين وناشد دقران للمجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية بضرورة التحرك الفوري لفتح المعابر والسماح بدخول الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية قبل وقوع كارثة صحية شاملة، مؤكداً أن استمرار الحصار والهجمات يعرض حياة الآلاف للخطر ويفاقم معاناتهم اليومية.