تلفزيون الفجر – مرام كنعان | يشهد موسم قطف الزيتون في الضفة الغربية تصاعدًا ملحوظًا في الاعتداءات التي تستهدف المزارعين الفلسطينيين، حيث يتعرضون لضغوط متزايدة من المستوطنين وقوات الاحتلال، بهدف منعهم من الوصول إلى أراضيهم والتمتع بحقوقهم الزراعية وتشكل هذه الاعتداءات تهديدًا مباشرًا على مصدر الدخل الأساسي للعديد من العائلات الفلسطينية، إذ يعتمدون على إنتاج الزيتون كمصدر رزق وحيدورغم التحديات والصعوبات، يواصل المزارعون صمودهم وتمسكهم بأراضيهم، معتبرين أن شجرة الزيتون ليست مجرد مصدر للدخل، بل رمز لصمودهم وارتباطهم التاريخي بهذه الأرض.
يقول السيد عادل سليمان، أحد مزارعي سهل رامين ورئيس جمعية وادي الشعير لمستخدمي المياه خلال حديثه لتلفزيون الفجر ، أن مزارعي المنطقة واجهوا مؤخراً تحديات كبيرة في الوصول إلى أراضيهم وقطف ثمار الزيتون.
وأوضح سليمان أن المزارعين توجهوا إلى أراضيهم يوم الجمعة الماضي ليجدوا المستوطنين يعرقلون عملهم بإطلاق طائرات درون فوق رؤوسهم ورعي قطعان الأغنام بين أشجار الزيتون، مما تسبب بتخريب المزروعات ، كما تدخل حراس المستوطنات وفرضوا منعاً على اقتراب المزارعين من أراضيهم إلا بتصريح، بحجة أن المنطقة قد اقتُحمت من قبل أحد المستوطنين.
وأشار سليمان إلى أن هذا المنع ليس الأول من نوعه، إذ يعاني المزارعون من تضييق متكرر، حيث يُمنعون من حراثة أراضيهم أو العناية بها ورغم هذه التحديات، أبدى المزارعون إصراراً على التمسك بأراضيهم، معتبرين شجرة الزيتون رمزاً لانتمائهم وارتباطهم التاريخي بهذه الأرض.
من جهة أخرى، شاركت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان إلى جانب عدة مؤسسات داعمة لحقوق الإنسان في دعم المزارعين، حيث زار وفد من الهيئة البلدة للتضامن معهم ودعمهم في حملة قطف الزيتون.
ونوه سليمان أن الجمعية، بالتعاون مع البنك الألماني للتنمية، تعمل على مشروع زراعي يدعم صمود المزارعين في أراضيهم، ويشمل زراعة الحمضيات والزيتون وأنواع أخرى من الأشجار.
وفي ذات السياق تحدث السيد جمال جمعة، منسق الحملة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان، عن تصاعد الاعتداءات والانتهاكات التي يقوم بها المستوطنون وجيش الاحتلال ضد المزارعين الفلسطينيين، خاصةً في موسم قطف الزيتون وقال إن هذه الهجمات أصبحت تشكل خطرًا كبيرًا على حياة المزارعين الفلسطينيين وأراضيهم، وأنها تأتي ضمن خطة استراتيجية للسيطرة على الأراضي الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين، حيث يعتبرها المستوطنون فرصة لفرض سيطرتهم وإبعاد المزارعين عن أراضيهم.
وأضاف جمعة أن العنف الاستيطاني تحول إلى إرهاب منظم تشرف عليه دولة الاحتلال، مشيرًا إلى أن إسرائيل تعمل على تطبيق خطة ضم الضفة الغربية منذ إعلانها عام 2020، وأن المستوطنين هم الأذرع الرئيسية لتنفيذ هذه الخطة.
وأوضح أن أكثر من 30 ألف قطعة سلاح تم توزيعها على المستوطنين مؤخرًا، ضمن 100 ألف قطعة سلاح وفرتها دولة الاحتلال للمستوطنين في مختلف المناطق، بما فيها مناطق الـ 48.
وبيّن جمعة أن هذه الهجمات تستهدف إخلاء أكبر قدر ممكن من الأراضي الفلسطينية، خاصة في مناطق (ب) و(ج)، حيث جرى العام الماضي إخلاء أكثر من 30 تجمعاً فلسطينياً في منطقة الأغوار وجنوب الخليل خلال فترة الحرب.
وأكد أن المصادرة تتم تحت تهديد السلاح وبدون مسوغات قانونية، إذ يتم إغلاق الأراضي ومنع المزارعين من العودة إليها، مما يتيح للمستوطنين السيطرة عليها وزرع العديد من البؤر الاستيطانية فيها.
وأوضح جمعة أن الاعتداءات على المزارعين تتزايد بشكل غير مسبوق خلال موسم الزيتون، حيث يعتبر هذا الموسم أحد أهم مصادر الدخل السنوية للمزارع الفلسطيني ، وأن 70% من محصول الزيتون العام الماضي لم يتمكن المزارعون من جنيه بسبب هجمات المستوطنين، وأن حوالي 15 مزارعاً استشهدوا على يد عصابات المستوطنين وجنود الاحتلال.
وقال جمعة إن هذا التصعيد يأتي في سياق خطة تهدف إلى استنزاف الاقتصاد الفلسطيني وتدمير مصادر دخله، بما في ذلك الأرض الزراعية، محصول الزيتون، والثروة الحيوانية. وأضاف أن سياسة الاحتلال تهدف إلى دفع الضفة الغربية نحو الفقر المدقع والفوضى.
وأكد جمعة أن التصدي لهذه الهجمات يتطلب موقفاً حازماً من كافة المؤسسات المعنية بدعم المزارعين وأصحاب الأراضي، داعياً إلى تكثيف الجهود والتنسيق بين المزارعين لضمان ذهابهم إلى الأراضي بشكل جماعي وتوفير الحماية لهم مشيراً إلى أهمية دعم المؤسسات المحلية والدولية للمتطوعين وتزويد المزارعين بالأدوات اللازمة لمواصلة عملهم.
واختتم جمعة حديثه بتسليط الضوء على مسؤولية القيادة الفلسطينية في مواجهة هذا الخطر الاستراتيجي، مبيناً أن إسرائيل تسعى لتحويل السلطة الفلسطينية إلى بلديات محدودة الصلاحيات دون أي تمثيل حقيقي للشعب الفلسطيني وأن الاحتلال يعمل على فرض نظام فصل عنصري في الضفة الغربية، عبر تقسيم المناطق إلى كنتونات معزولة، يسيطر عليها الاحتلال من خلال شبكة من الشوارع والمستوطنات والحواجز العسكرية، ما يجعل حياة الفلسطينيين على هذه الأرض مستحيلة، وأن هذه الانتهاكات ليست مقتصرة على موسم الزيتون فقط، بل تطال أصحاب الأراضي والمنازل، حيث يتم تسليمهم إخطارات بوقف البناء أو الهدم في العديد من القرى.