منذ السابع من أكتوبر 2023، يتعرض الفلسطينيون في أراضي الـ48 لضغوط متزايدة في أعقاب العدوان الشامل الذي شنته إسرائيل على الشعب الفلسطيني، وقد تم تعزيز القمع من خلال مجموعة من الإجراءات القانونية والتعديلات التي تهدف إلى ترهيب الفلسطينيين وفرض السيطرة عليهم.
وفي بداية العدوان، أعلنت الحكومة الإسرائيلية حالة الطوارئ العامة، مما أدى إلى إقرار عدة قوانين جديدة تهدف إلى تسريع الاعتقالات ومنع التظاهرات.
ولعل أبرز هذه التعديلات كان إلغاء شرط موافقة النائب العام على اعتقال الأفراد بتهمة التحريض، ما مهد الطريق لاعتقالات تعسفية واسعة، كما تم منح الشرطة سلطات أكبر لتمديد احتجاز المعتقلين لفترات طويلة، تصل إلى 90 يومًا دون السماح لهم بلقاء محاميهم.
وفي 25 أكتوبر، أقر الكنيست الإسرائيلي مشروع قانون جديد تحت عنوان “قانون مكافحة الإرهاب” الذي يعاقب على استهلاك مضامين تعتبر “إرهابية” بعقوبات قاسية، مما يزيد من قمع حرية التعبير.
ووفقًا لتقرير مركز عدالة، تم تسجيل 251 حالة اعتقال وتحقيق في الأسابيع الأولى من العدوان، حيث تم توجيه 76 لائحة اتهام تتعلق بحرية التعبير.
تأثرت المؤسسات الأكاديمية بشكل خاص، حيث تم تحويل أكثر من 100 طالب وطالبة إلى “لجان طاعة” بسبب آرائهم. كما تعرضت باحثة أكاديمية، الفنانة دلال أبو آمنة، للاعتقال لمجرد تعبيرها عن رأيها على وسائل التواصل الاجتماعي.
الملاحقة والتحريض:
يقول جلال أبو خاطر، مدير المناصرة في المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي “حملة”، إن الملاحقات تصاعدت بشكل كبير ضد كل من يؤيد غزة، ويتعرض الفلسطينيون في الداخل لهجمات مستمرة من قبل السلطات الإسرائيلية ومن زملائهم في العمل والدراسة، حيث تتضمن هذه الملاحقات التحقيقات والاعتقالات والتشهير في وسائل الإعلام.
وأشار أبو خاطر إلى أن العديد من الإسرائيليين يشنون حملات تحريض عنيفة ضد الفلسطينيين، مما أدى إلى فصل مئات الأشخاص من وظائفهم ومؤسساتهم التعليمية، وتظهر الدراسات أن الفلسطينيين في الداخل يعانون من حالة من الخوف والقلق، مما ينعكس في تقليص نشاطاتهم الرقمية وامتناعهم عن التعبير عن آرائهم.
في سياق الاعتقالات، قامت السلطات الإسرائيلية باعتقال محمد بركة، رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، وأعضاء كنيست سابقين أثناء توجههم للاحتجاج ضد الحرب في غزة، كما تم حرمان النائبتين عايدة توما وإيمان خطيب ياسين من أجرهما بسبب تصريحاتهم التي لم تتماشى مع الخطاب الرسمي للحكومة.
تعتبر الحكومة الإسرائيلية الفلسطينيين في أراضي الـ48 “جبهة ثامنة” تخوض حربًا ضدها، مما يستدعي تحركًا جماعيًا لحماية الحقوق والمجتمع الفلسطيني في الداخل.
ويدعو سامي أبو شحادة، رئيس التجمع الوطني الديمقراطي، إلى إنشاء لجان طوارئ ونقابات عمالية لحماية حقوق الفلسطينيين وتعزيز قدرتهم على مواجهة التحديات.
في ظل التحريض المستمر والسيطرة المتزايدة، يبرز ضرورة بناء منصات إعلامية فعالة تسهم في نقل صوت الفلسطينيين إلى المجتمع الإسرائيلي والعالم، مع التأكيد على أهمية التعبير عن الرأي والدعوة إلى الحلول السلمية.