بينما تشتعل الأضواء على التطورات في لبنان، يغفل العالم عن مأساة تتكشف في شمال غزة، حيث تُسجل جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان، هذا المكان الذي يرزح تحت القصف المستمر، يواجه مصيرًا مأساويًا يتمثل في التجويع والتهجير القسري، في حين يحاول السكان البقاء على قيد الحياة، تزداد قسوة الظروف، ويصبح الخيار إما الهروب من قصف الطائرات أو مواجهة الموت جوعًا في منازلهم.
منذ السادس من تشرين الأول/ أكتوبر، فرضت قوات الاحتلال حصارًا خانقًا على شمال القطاع، حيث تفاقمت الأوضاع الإنسانية بشكل مروّع، بلدة جباليا ومخيمها تعد من أكثر المناطق تضررًا، إذ تحولت إلى منطقة حرب حقيقية، تعاني من تدمير البنية التحتية وانقطاع الخدمات الأساسية، وتشير تقارير الأونروا إلى أن المدنيين في المنطقة لم يعودوا أمام خيار سوى الهرب أو الموت.
تتحدث لميس العجرمي (23 عاماً)، الناجية من قصف في مخيم جباليا، عن مشاهد لا تُنسى من الهلع والألم. تقول: “رأيت أمي تنزف حتى استشهدت أمام عيني. الوضع هنا لا يُطاق.”
وتضيف العجومي ومع ذلك لا يقتصر الألم على فقدان الأحباء، بل يتعداه إلى نقص حاد في الغذاء والمياه والدواء.
وفي ذات السياق يقول أبو العبد العرابيد (40 عاماً)، الذي فقد عائلته بالكامل، تعكس كلماته عمق المأساة، فقد استُشهد 17 فرداً من عائلته، بينهم تسعة أطفال، بسبب قصف لم يكن له أي إنذار ويتساءل أبو العبد: “هل يُعقل أن نعيش في هذه الظروف؟ الجوع والذعر يحيطان بنا من كل جانب.”
تواجه المستشفيات في شمال غزة كارثة إنسانية، حيث تتجاوز أعداد الشهداء والجرحى طاقة الاستيعاب.
يوضح أطباء من مستشفى كمال عدوان أنهم عاجزون عن تلقي طلبات الإغاثة بسبب القيود التي تفرضها قوات الاحتلال على تنقلاتهم، وكثيرًا ما يُمنع المسعفون من الوصول إلى الجرحى، مما يؤدي إلى تدهور حالتهم الصحية.
وتحذر اللجنة الدولية للصليب الأحمر من أن الوضع في شمال غزة “كارثي”، حيث تفتقر المستشفيات إلى الوقود والإمدادات الطبية، في وقت تتزايد فيه أعداد المصابين بشكل يومي، تواصل القوات الإسرائيلية قصف المنشآت الصحية، مما يُزيد من الأعباء على الكوادر الطبية.
الأوضاع الإنسانية تسير نحو الكارثة
حذّر مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية من أن الوضع يتطلب استجابة فورية، مضيفاً وبالرغم من ذلك، تبقى المساعدات الإنسانية محصورة بسبب القيود المفروضة، مما يزيد من معاناة المواطنين.
ومؤكداً إن مأساة شمال غزة ليست مجرد أرقام أو إحصائيات، بل هي قصص إنسانية حية تعكس المعاناة اليومية التي يعيشها الملايين، وإن الخيارات المتاحة أمام السكان محدودة، بين قسوة الحصار والموت جوعًا.