غزة في قبضة الحصار: المنظومة الصحية على حافة الانهيار
مرام كنعان – تلفزيون الفجر| يشهد شمال قطاع غزة كارثة إنسانية متفاقمة، حيث تتعرض المستشفيات والمنظومة الصحية لضغوط هائلة جراء الحصار المفروض والقصف الإسرائيلي المستمر. المستشفيات، التي كانت تعاني من نقص حاد في المعدات الطبية والأدوية قبل التصعيد، أصبحت اليوم شبه مشلولة، مما يهدد حياة آلاف الجرحى والمرضى. والكوادر الطبية التي تكافح في ظروف قاسية لتقديم الحد الأدنى من الرعاية الصحية، رغم نفاد الوقود وانعدام الإمدادات الأساسية، وحتى الطعام.
في هذه البيئة القاسية، لا تقتصر التحديات على نقص الموارد، بل تمتد إلى الاستهداف المباشر للمستشفيات وسيارات الإسعاف من قبل الجيش الإسرائيلي. كل ذلك يجعل الوضع في شمال غزة أقرب إلى كارثة صحية وإنسانية
أكد الدكتور حسام أبو صفية، مدير مستشفى كمال عدوان في شمال غزة خلال حديثه لتلفزيون الفجر أن المستشفيات في شمال القطاع تواجه أوضاعًا إنسانية كارثية بسبب الحصار المتواصل والقصف المستمر، مما جعل الوضع الصحي يقترب من الانهيار التام.
وأضاف أن المنظومة الصحية بأكملها في شمال غزة تتعرض لضغط كبير، حيث يعيق الحصار إدخال المستلزمات الطبية والطعام وحتى وحدات الدم وأن المستشفيات تكاد تكون مشلولة بسبب نقص الكوادر الطبية المتخصصة والمستلزمات الطبية الأساسية.
وأشار أبو صفية إلى أن الحصار المتعمد بدأ مع بداية الاجتياح الإسرائيلي لشمال القطاع قبل نحو ثلاثة أسابيع، حيث مُنعت جميع الإمدادات الضرورية، بما في ذلك الطعام والوقود، من الوصول إلى المستشفيات.
وبين أن منظمة الصحة العالمية حاولت إدخال بعض المساعدات، لكن الاحتلال منع ذلك واقتصر السماح على إخلاء بعض المرضى. ومع ذلك، أُجبر طاقم المنظمة والمرضى على العودة إلى المستشفى بسبب القيود التي فرضها الجيش الإسرائيلي.
وفي حديثه عن الانتهاكات التي تتعرض لها المنظومة الصحية، أوضح أبو صفية أن سيارات الإسعاف تتعرض للاستهداف المباشر، مشيراً إلى أن العديد من الجرحى الذين يصلون إلى المستشفيات يتحولون إلى شهداء بسبب عدم توفر الإمكانيات اللازمة لعلاجهم وأن المستشفى لا يتلقى أي وقود لتشغيل الأجهزة الطبية، وأن النقص الحاد في الكوادر الطبية والمستلزمات يؤدي إلى زيادة أعداد الشهداء وذكر أن الطعام لا يصل حتى للكوادر الطبية التي تعمل على مدار 24 ساعة، مما يزيد من إنهاك المنظومة الصحية.
وأضاف أبو صفية أن الجيش الإسرائيلي يستهدف المنازل بشكل عشوائي، ويجبر السكان على التجمع في أماكن معينة ليتم قصفهم فيما بعد. وأشار إلى أن قصفاً استهدف أحد المجمعات السكنية في شمال غزة قبل يومين، مما أسفر عن سقوط أكثر من 95 شهيداً، ولا يزال هناك ضحايا تحت الأنقاض. وذكر أن المستشفيات تعاني من استهداف مستمر، ما يعيق تقديم الرعاية الصحية بشكل فعّال.
وفيما يتعلق بعدد الضحايا، قال أبو صفية أن خلال 24 ساعة الماضية تم تسجيل ما يزيد عن 200 شهيد و500 جريح. ولفت إلى أن المستشفى اضطر إلى تطبيق “نظام المفاضلة”، وهو اختيار الحالات التي يمكن علاجها وترك الحالات الأخرى التي قد تموت بسبب نقص الإمكانيات. وأكد أن هذا النظام مرعب ويشكل معضلة أخلاقية صعبة، حيث أن بعض الإصابات البسيطة تتحول إلى خطيرة بسبب عدم توفر العلاج المناسب، مما يؤدي في النهاية إلى وفاة المصابين.
وأشار إلى أن القصف الإسرائيلي لا يتوقف على مدار الساعة، والدبابات الإسرائيلية قريبة جداً من المستشفى، ما يهدد سلامة الجميع، لافتاً إلى أن المستشفى يتعرض باستمرار لإطلاق نار من الطائرات والقناصة، مما يجعل العمل في هذه الظروف شبه مستحيل.
ودعا أبو صفية المنظمات الإنسانية الدولية إلى التدخل الفوري لإنهاء هذه المأساة، معبراً عن استيائه من عدم وجود تحرك فعلي على الأرض لوقف هذه الانتهاكات المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني والمنظومة الصحية في شمال غزة.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.