صفقة التبادل: صراع سياسي في ظل تصعيد إقليمي ودولي
يشهد المشهد السياسي والعسكري في المنطقة تطورات متسارعة ومتشابكة، حيث تتداخل القضايا الإقليمية مع التحركات الدولية في سياق الصراعات المستمرة.
وفي قلب هذا المشهد، تبرز جهود التفاوض حول صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس كواحدة من القضايا الشائكة التي تعكس التحديات السياسية والعسكرية والإنسانية في المنطقة.
هذه المفاوضات تأتي في ظل مشهد إقليمي ملتهب، يشمل التصعيد العسكري في غزة، التحركات الإسرائيلية في سوريا ولبنان، وضغوط دولية متزايدة بقيادة الولايات المتحدة لإنهاء الصراع.
أكد المختص بالشأن الإسرائيلي، الأستاذ عصمت منصور، خلال حديثه لتلفزيون الفجر أن المشهد الإسرائيلي يشهد تناقضًا ظاهريًا في التصريحات بين المسؤولين.
حيث أعرب الوزير ساعر عن تفاؤله بخصوص إتمام صفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس، بينما طالب الوزير سموتريتش باحتلال قطاع غزة.
وأوضح منصور أن هذا التباين يعكس اختلافًا في التكتيكات وليس في الأهداف الأساسية لإسرائيل، التي ترى أن الصفقة لا تعني وقف الحرب أو الانسحاب من غزة.
وأشار منصور إلى أن استخدام مصطلح “التقدم” في المفاوضات قد يكون نسبيًا أو مضللًا، موضحًا أن تقليص الفجوة من 90% إلى 80% يُعد تقدمًا من الناحية الفنية، لكنه لا يعني اقتراب الصفقة من الإتمام، إذ لا تزال الفجوات كبيرة.
ويرى منصور أن الصفقة لا يمكن قراءتها بمعزل عن المشهد الإقليمي. حيث ربط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الصفقة بما يحدث في سوريا ولبنان وإيران.
وأضاف أن إسرائيل ترى نفسها في حالة “نشوة عسكرية” بعد تحقيق تفوق استراتيجي على جبهات متعددة، ما يعزز موقفها التفاوضي.
وفيما يتعلق بالدور الأمريكي، أكد منصور أن إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب تمارس ضغوطًا مكثفة لإنجاز الصفقة قبل توليها السلطة الشهر المقبل.
وتابع منصور أن هذه الضغوط تشمل تحركات دبلوماسية من قبل قطر، ومصر، وتركيا، للضغط على حركة حماس لتقديم تنازلات.
وبين منصور أن نتنياهو يستغل التفوق العسكري لتعزيز موقعه السياسي والشخصي، حيث يروج لما يعتبره انتصارات على الساحات المختلفة، مثل تدمير البنية التحتية العسكرية في سوريا، وتقليص نفوذ إيران في المنطقة. وأكد أن إسرائيل تتبع استراتيجية تقسيم الجبهات، حيث تمكنت من فصل الساحة السورية عن اللبنانية وتحييد حزب الله جزئيًا.
وأشار منصور إلى أن نتنياهو يهدف إلى تحقيق مكاسب استراتيجية طويلة الأمد، مثل فرض السيطرة الكاملة على الجولان السوري المحتل، وتوسيع نفوذ إسرائيل في المناطق الحدودية.
وأضاف منصور أن إسرائيل تفرض تفسيرها الخاص للهدنة في جنوب لبنان، حيث تمنع الجيش اللبناني من دخول بعض المناطق، وتستمر في تدمير البنى التحتية. وأضاف أن إسرائيل تعمل على إضعاف حزب الله بشكل منهجي، سواء من خلال منع إعادة بناء القرى الجنوبية أو عبر تدمير الأنفاق والبنية التحتية العسكرية.
وأشار منصور إلى أن الصفقة تواجه تعقيدات كبيرة بسبب تباين المصالح بين الأطراف. فإسرائيل ترغب في فرض شروطها كاملة، بينما تحاول حماس الحفاظ على مطالبها المتعلقة بالأسرى الفلسطينيين. وأوضح أن نجاح الصفقة يعتمد على مرونة حماس والضغوط الداخلية التي يواجهها نتنياهو، سواء من الإعلام أو عائلات الأسرى الإسرائيليين.
وأكد منصور أن المفاوضات لن تُحسم في وقت قريب، حيث قد تستغرق أسابيع أو أكثر للوصول إلى اتفاق، نظرًا للتحديات السياسية والإنسانية المحيطة بها. وشدد على أن كل يوم يمر في غزة يُعد كارثة إنسانية بحد ذاته، مما يزيد من الحاجة إلى تسريع الجهود لإنهاء الأزمة.
وأوضح منصور أن إسرائيل تستخدم الوضع الحالي لتعزيز موقعها العسكري والسياسي، مستغلة الدعم الأمريكي والضعف الإقليمي لبعض الدول المجاورة. وأكد أن تحقيق صفقة التبادل سيعتمد على مدى التوافق بين الأطراف الدولية والإقليمية ومدى استعداد إسرائيل وحماس لتقديم تنازلات.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.