يشهد قطاع غزة أزمة صحية وإنسانية هي الأسوأ في تاريخه نتيجة العدوان الإسرائيلي المستمر، الذي استهدف البنية التحتية للقطاع الصحي بشكل منهجي وغير مسبوق دُمرت المستشفيات والمراكز الصحية، ونُهبت أرواح الكوادر الطبية، وعانى المرضى من انقطاع الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية.
يقول مدير عام وزارة الصحة في غزة، د. منير البرش خلال حديثه للفجر ، إن العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة تسبب في دمار شامل للمنظومة الصحية، حيث تم استهداف أكثر من 34 مستشفى، و80 مركزًا صحيًا، و37 سيارة إسعاف بشكل مباشر.
وأكد أن الاحتلال دمر حوالي 162 مؤسسة صحية منذ بدء الحرب، مشيرًا إلى أن الأضرار طالت جميع مقومات النظام الصحي، بما في ذلك المباني، الأجهزة الطبية، والكوادر البشرية.
وأضاف أن العدوان أدى إلى مأساة إنسانية وصحية ضخمة، حيث يواجه أكثر من 350 ألف مريض مزمن، مثل مرضى السكري وارتفاع ضغط الدم، نقصًا حادًا في الأدوية الأساسية.
كما أن مرضى السرطان، الذين يتجاوز عددهم 10,500 مريض، يعانون من انقطاع جرعات العلاج الكيماوي بسبب دمار المرافق الطبية التي تقدم هذه الخدمات. وأوضح أن المستشفى الإندونيسي في شمال القطاع، الذي كان يحتوي على مركز الفشل الكلوي الوحيد في المنطقة، قد دُمِّر بالكامل، ما أدى إلى وفاة العديد من مرضى الفشل الكلوي، البالغ عددهم 1,100 مريض.
وأشار إلى أن مئات الأطفال المرضى ينتظرون العلاج بالخارج، ولكن الاحتلال يمنع خروجهم، حيث توفي بالفعل أكثر من 100 طفل من أصل 2,247 طفلًا لديهم تحويلات علاجية بالخارج.
وأوضح البرش أن الاحتلال يتعمد استهداف الطواقم الطبية، حيث قتل أكثر من 1,054 كادرًا طبيًا منذ بداية العدوان، واعتقل أكثر من 3 آخرين، تعرض بعضهم للتعذيب حتى الموت، مثل الدكتور عدنان البورش والدكتور رياض الرنيسي كما استشهد العديد من الأطباء أثناء تأدية واجبهم، مثل الدكتور سعيد جودة، الذي استُهدف برصاصة مباشرة أثناء عمله في غرفة العمليات، رغم تقاعده وعودته إلى العمل تطوعًا لإنقاذ المرضى.
وبيّن البرش أن الاحتلال أجبر 11 ألف كادر طبي على النزوح إلى جنوب القطاع، مما ترك المستشفيات في شمال غزة ومدينة غزة تعاني نقصًا شديدًا في الكوادر الطبية، حيث لم يتبق سوى ألف كادر يعملون في ظروف شديدة القسوة.
وأشار إلى أن الأطباء يعملون تحت ضغط هائل، حيث يضطر بعضهم للبقاء في المستشفيات لأسابيع دون مغادرتها وأن العديد من المستشفيات، مثل مستشفى الشفاء، تعمل بأقل من الحد الأدنى من الكفاءة بسبب نقص الكوادر والمستلزمات.
وأضاف أن الطواقم الطبية تواجه نقصًا حادًا في الأدوية والمعدات الطبية، ما يحد من قدرتها على إجراء العمليات الجراحية، خاصة العمليات الدقيقة مثل جراحات القلب.
وأوضح البرش أن الأوضاع الإنسانية وصلت إلى حد مأساوي، حيث لا تتوفر حتى الأكفان لدفن الشهداء، ما أدى إلى بقاء العديد من الجثث ملقاة في الشوارع لأسابيع. وأشار إلى وجود أكثر من 100 جثة ملقاة في شوارع المناطق الشمالية، مثل بيت لاهيا وبيت حانون، حيث تتعرض الجثث لهجوم الكلاب الضالة.
وأكد أن الاحتلال يمنع إدخال الوقود، الدواء، والغذاء، ويستخدم سياسة التجويع والحصار كجزء من استهدافه للسكان المدنيين. وأوضح أن ما يقارب 70% من سكان غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي، مشيرًا إلى أن مناطق مثل جباليا وبيت حانون أصبحت “غير صالحة للحياة.
ويرى البرش أن صمود الكوادر الطبية يعكس إصرار الشعب الفلسطيني على مواجهة الاحتلال. وأشاد بأطباء غزة الذين لم يغادروا المستشفيات منذ بدء العدوان، معتبرًا إياهم “جنودًا مجهولين” يبذلون جهودًا خارقة للحفاظ على حياة المرضى، رغم الإمكانيات المحدودة والخطر المستمر.