يديعوت أحرونوت: الحريديم يراوغون لتجنب خطة تجنيد إسرائيلية جديدة
كشفت وزارة الحرب الإسرائيلية عن خطة جديدة تستهدف تجنيد 10 آلاف جندي لتعويض خسائر الحرب التي تشنها إسرائيل على جبهتي غزة ولبنان، ومن ضمنها تجنيد نحو 6 آلاف من الشباب الحريديم (اليهود المتشددين) خلال عامين.
وتكشف هذه الخطة عن أزمة حقيقية في جيش الاحتلال، كما تسلط الأضواء على سعي الأحزاب الدينية المتشددة الممثلة في الكنيست لعرقلته من خلال السعي لسن قانون تجنيد يحد من اندماجهم في الجيش.
أزمة في الاحتياط
وجاء في التقرير الذي نشره يوآف زيتون، المحلل والمراسل العسكري الأبرز في صحيفة يديعوت أحرونوت، بالتعاون مع الصحفية شيلا فرايد، أن خطة الجيش الإسرائيلي التي تهدف إلى تجنيد نحو 6 آلاف شاب حريديم خلال عامين، تأتي في وقت حساس مع استمرار الحرب وما خلفته من خسائر بشرية ومادية.
ومن المقرر أن يلتقي وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف كاتس، مساء اليوم مع كبار المسؤولين في هيئة القوى البشرية العسكرية، وعلى رأسهم رئيس الأركان، الجنرال دادو بار-كليفا، لمناقشة احتياجات الجيش وقدرته على تعويض الجنود القتلى والجرحى وذوي الإعاقات بسبب الحرب، وخاصة الشباب الحريديم.
وحسب تقديرات جيش الاحتلال، هناك حاجة ماسة لما يقارب 10 آلاف جندي، بما في ذلك 6 آلاف جندي مقاتل.
كما يأمل الجيش في تعديل قانون الخدمة العسكرية ليشمل تمديد الخدمة الإلزامية لتكون 3 سنوات بدلا من 32 شهرا كما هو معمول به الآن، وذلك لتلبية احتياجات الحرب الحالية، لأن عدم تعديل القانون سيجعل النقص في عدد الجنود أكبر بكثير.
ويأتي ذلك في وقت يعاني فيه الجيش الإسرائيلي من نقص كبير في أعداد الجنود الاحتياطيين الذين يتم استدعاؤهم للمشاركة في العمليات العسكرية.
وتشير الأرقام إلى أن معدلات الاستجابة لدعوات الاحتياط قد انخفضت لنحو 60 إلى 70% فقط في الأشهر الأخيرة.
ويشير التقرير إلى “فشل جهود الاحتلال لتوسيع قاعدة الاحتياط من خلال إنشاء وحدة جديدة تضم نحو 15 ألف جندي احتياطي من الشباب في الفئة العمرية بين 38 إلى 58 عاما، حيث لم يتمكن الجيش من تعبئة هذا العدد وتم تجنيد نحو 3 آلاف جندي فقط من قطاع الشباب العام”.
عراقيل الأحزاب الدينية
ولفت التقرير إلى أنه “من الواضح لجميع الأطراف أنه في هذين العامين، لن يلتحق معظم الشباب الأرثوذكس المتشددين المؤهلين للتجنيد، وهم مجموعة من 70 ألفا إلى 80 ألفا تتراوح أعمارهم بين 18 و26 عاما، بالجيش، على الرغم من أنه وفقا للبيانات الرسمية التي قدمتها وزارة الدفاع في بداية العام، فإن ثلثهم فقط يستوفون شروط “التوراة والفن”، أي أنهم لا يدرسون في مدرسة توراتية ولا يعملون في نفس الوقت.
وفي التفاصيل، فإن خطة الجيش الإسرائيلي هي تجنيد 4800 شاب حريدي في الجيش الإسرائيلي خلال عام 2025، على أن يتم تجنيد 1700 شاب آخر في عام 2026، ليصل العدد الإجمالي إلى 6200 جندي حريدي في غضون عامين، بحيث تساعد هذه الخطة على تخفيف العبء عن جنود الاحتياط، وتوفر إمدادات بشرية إضافية للوحدات القتالية المنتظمة.
وسلط التقرير الضوء على مجموعة من الإجراءات يقوم بها الجيش الإسرائيلي لتشجيع اليهود المتشددين على الالتحاق بالجيش، من خلال ظروف تناسب قيمهم الدينية، ومن بينها تخصيص معسكرات تدريب خاصة لهم تم تطويرها بالشراكة مع علماء دين من خارج الجيش الإسرائيلي لضمان أنها تلتزم بالمعايير الدينية الصارمة التي يتبعها الحريديم.
وذكر التقرير من هذه الأمثلة إنشاء قاعدة تدريب في وادي الأردن خصيصا للشبان الحريديم، بالإضافة إلى مواقع منفصلة في قواعد أخرى في أنحاء البلاد، مثل قاعدة جوليس القريبة من عسقلان.
عقبات
كما لن تقتصر الخدمة -حسب التقرير- على المهام القتالية فقط، بل سيتم توفير مسارات خدمية متنوعة، تشمل خدمات في مجالات تكنولوجية وأخرى، بالإضافة إلى وظائف مثل صيانة الطائرات والمروحيات القتالية، وهو ما بدأ بالفعل في سلاح الجو مع افتتاح قاعدة خاصة بالحريديم التي استقبلت أول دفعة من الجنود.
غير أن هذه الخطط لا تزال تواجه عقبات كبيرة من قبل زعماء الأحزاب الحريدية في الكنيست التي تعارض على سبيل المثال فرض العقوبات على أولئك الذين يرفضون التجنيد، وتطالب بإلغاء الأوامر التي صدرت بحق الشباب الذين لم يتوجهوا لتلبية نداء الجيش في وقت سابق.
ويشير التقرير إلى أن “هذه الأحزاب تقول إن فرض الغرامات والعقوبات الجنائية على المتخلفين عن الخدمة لن يكون مقبولا، وتطالب بإلغاء القوانين التي فرضت عليهم بالفعل، مثل أوامر الاعتقال أو منع السفر، وهو ما يعد نقطة خلافية رئيسية في المفاوضات الجارية بشأن مشروع قانون التجنيد”.
ولذلك، فمن المتوقع أن تستمر المناقشات السياسية حول قانون التجنيد لفترة طويلة، خاصة في ظل الخلافات بين الأحزاب السياسية المختلفة حول المسائل العقابية المتعلقة بالتجنيد، حيث تتمسك الأحزاب الحريدية بموقفها الرافض لأي إجراءات قانونية من شأنها أن تفرض عقوبات على المتخلفين عن الخدمة، وتطالب بإنشاء قانون يتيح إلغاء جميع الأوامر السابقة التي صدرت بحق المتخلفين.
وجدير بالذكر أن الإصرار على تجنيد الحريديم كان أحد أسباب إقالة وزير الدفاع السابق يوآف غالانت.