Site icon تلفزيون الفجر

“الفلسطينية مريم بشارات: ذهبيةٌ من قلب المعاناة تتوهج في مرسيليا”

بقلم: د. تهاني رفعت بشارات

حين تُولد العزيمة من رحم الألم، وتُزهر الأماني فوق أرضٍ قُدِّر لها أن تكون ميدانًا للصمود، يبرز اسمٌ لامع كنجمة تُضيء سماء فلسطين، ليحمل في كل نبضة منه حكاية تحدٍ وإصرار. إنها البطلة الفلسطينية، مريم أمين بشارات، التي سطرت إنجازًا جديدًا في صفحات الرياضة الفلسطينية بإحرازها الميدالية الذهبية في بطولة مرسيليا المفتوحة للكاراتيه في فرنسا.

لم يكن هذا الانتصار عابرًا، بل كان ثمرة رحلةٍ طويلةٍ من الجهد والعمل الشاق، حيث استطاعت مريم في الأدوار الإقصائية التفوق على لاعبات عالميات بمهارة وحرفية، لتصل إلى اللقاء النهائي الذي قدمت فيه أداءً مدهشًا، مُحققة فوزًا ساحقًا على لاعبة فرنسية بنتيجة 8-0، في مشهدٍ أبهر الحضور وأسكت كل صوتٍ يشكك في قدرة فلسطين على إنجاب الأبطال.

مسيرة ذهبية تزهر الإنجازات

إن ما حققته مريم في العام الماضي من ألقابٍ وبطولاتٍ لا يقل إبهارًا عن إنجازها الأخير، فقد نجحت في أن تكون أول فلسطينيةٍ تُتوج بذهبية بطولة العالم للناشئين والشباب تحت سن 21 عامًا، وهو إنجازٌ غير مسبوق في تاريخ الرياضة الفلسطينية. كما أضافت إلى رصيدها لقب بطولة آسيا للكاراتيه، وذهبية وبرونزية الدوري العالمي. هذه الإنجازات تجعلها ليست فقط بطلة وطنية، بل سفيرة للإرادة الفلسطينية في المحافل الدولية.

ولكن خلف هذه البطلة يقف داعمٌ ومُلهم، والدها ومدربها الأستاذ أمين بشارات، الحكم الدولي والمدرب الذي لم يكتفِ بالدعم المادي والمعنوي، بل وقف إلى جانبها كجبلٍ شامخ، يذلل كل الصعاب في طريقها رغم قسوة الظروف التي يعيشها الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال والحصار. إنه نموذجٌ للأب الذي آمن بحلم ابنته، وجعل من نفسه جناحًا لها تحلق به في فضاء العالم.

رغم الألم يبقى الأمل

ليس سهلًا أن تُولد البطولات وسط ركام الاحتلال، وأن تُزهر الأحلام وسط صوت القنابل ودخان الحصار. لكن مريم بشارات ومن قبلها الكثير من الأبطال الفلسطينيين، أثبتوا أن فلسطين ليست أرض المعاناة فقط، بل هي أرض المعجزات، التي تُنبت الأمل حتى في أشد اللحظات ظلامًا.

إن قصتها ليست مجرد قصة نجاح رياضي، بل هي حكاية شعبٍ بأكمله يرفض الاستسلام. حكاية فتاةٍ فلسطينية عانقت العالمية رغم كل المعوقات، لتُثبت للعالم أن القوة ليست في عدد الميداليات فقط، بل في عدد الأحلام التي تتحقق رغم المستحيل.

رسالة لكل فتاة فلسطينية

مريم بشارات ليست مجرد بطلة رياضية، بل أيقونة لكل فتاةٍ فلسطينية تطمح لأن تكون جزءًا من التغيير. إنها رسالةٌ لكل من يعتقد أن الحلم في فلسطين بات مستحيلاً، بأن الإرادة تصنع كل شيء.

هذا الإنجاز يدعونا جميعًا للاحتفاء ليس فقط بمريم، بل بكل فتاةٍ فلسطينيةٍ تكافح لتحقيق ذاتها، وبكل أبٍ وأمٍ يؤمنان بأحلام أبنائهم، ليكونا الداعم الأول لهم في طريق النجاح.

فمباركٌ لمريم هذا الإنجاز، ومباركٌ لفلسطين التي أثبتت مرةً أخرى أن معادنها لا تصدأ، وأنها مهما اشتدت عليها المحن، تظل تُخرج للعالم أبطالاً يحملون اسمها عالياً. مريم بشارات، ذهبية الكاراتيه، وذهبية الإرادة الفلسطينية، ستبقى رمزًا للانتصار على الألم، ووجهًا مشرقًا للأمل الذي لا يخبو أبدًا.

Exit mobile version