لمتابعة أهم الأخبار أولاً بأول تابعوا قناتنا على تيليجرام ( فجر نيوز )

انضم الآن

“زيارة تحت الأرض لمعتقلي غزة” .. شهادات مروعة حول أساليب تعذيب الأسرى



سمحت سلطات الاحتلال للمرة الأولى، للطواقم القانونية بزيارة معتقلي قطاع غزة في قسم “ركيفت” الواقع تحت سجن الرملة، والذي يُعرف بظروفه القاسية.

وجرت الزيارة وسط رقابة مشددة، حيث مُنع المحامون من التواصل الحر مع الاسرى، في ظل قيود صارمة فرضتها إدارة السجون.

وفي شهادات الاسرى خلال الزيارة عن تعذيب ممنهج، شمل الشبح والضرب وكسر الأصابع والحرمان من الطعام والصلاة، والإهمال الطبي المتعمد، في ظروف وصفت بأنها غير إنسانية.

 وفيما يلي التقرير بالكامل للزيارة الصادر عن هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير ويشمل شهادات، علما ان هذه الزيارة الأولى لمعتقلي غزة في القسم الواقع تحت سجن (نيتسان- الرملة) أو ما يسمى بقسم (ركيفت)، علما ان هذا القسم خصصه الاحتلال للأسرى الذين أطلق عليهم بأسرى (النخبة) وان جزءا ممن تمت زيارتهم يصنفهم الاحتلال (بالمقاتلين غير الشرعيين).

شهادات جديدة تضاف إلى سجل الشهادات الصادمة والمروعة عن تفاصيل عاشها معتقلو غزة، خلال عمليات اعتقالهم والتحقيق معهم ونقلهم من سجن إلى سجن، ومن معسكر إلى معسكر على مدار شهور عدة من الاعتقال، واجهوا فيها جرائم ممنهجة في مجملها هي جرائم تعذيب عاشوها لحظة بلحظة منذ اعتقالهم، وهذه الشهادات تم الحصول عليها من خلال زيارات هي الأولى التي تمكنت من إجرائها الطواقم القانونية مؤخراً، خلالها تمت زيارة مجموعة من المعتقلين في ظروف مشددة، وتحت مستوى عالي من الرقابة في قسم (ركيفت) القابع تحت سجن (نيتسان – الرملة).

زيارة تحت الأرض لمعتقلي غزة في قسم (ركيفت)
    في تفاصيل الزيارة التي تمت لمجموعة من المعتقلين، فإن الزيارة بدأت بإدخال الطواقم القانونية إلى مدخل بناية تشبه المخزن وهي قديمة، تم فتح باب وهو مدخل لدرج تحت (الأرض) بحسب ما وصف المحامون، مليئة بالصراصير والحفر في الأرض والجدران، تمت الزيارات بمرافقة السّجانين وتحت رقابة مشددة، فيها تمت الإشارة إلى المحامين بأنه يمنع إخبار المعتقلين بأي شيء يتعلق بعائلاتهم أو شيء يحدث في الخارج، كانت علامات الرّعب والخوف ظاهرة على هيئات المعتقلين الذين تمت زيارتهم، وفي البداية كانت هناك صعوبات كبيرة بفتح حديث مع أي معتقل، لمستوى الرّقابة الذي فرضت على الزيارة، ولكن بعد محاولات جرت من قبل المحامين، تمكّنوا من طمأنة المعتقلين والتأكيد لهم أنهم محامون جاءوا لزيارتهم.
نستعرض هنا بعض إفادات المعتقلين وما تضمنته من تفاصيل صادمة هي امتداد لعشرات الشهادات والإفادات التي تم الحصول عليها من معتقلي غزة منذ بدء الإبادة.

قسم (ركيفت) هو الأشد صعوبة وقسوة من حيث ظروف الاحتجاز مقارنة مع سجون ومعسكرات أخرى
  إفادة المعتقل (س.ج): “اعتقلت في شهر ديسمبر/ كانون الأول 2023، ونُقلت فوراً إلى التّحقيق الذي استمر لمدة 6 أيام، حيث كانت الأشد والأصعب، تعرضتُ خلالها لتحقيق (الديسكو) و(البامبرز)، وطوال الـ6 أيام كنتُ اسمع فقط موسيقى صاخبة جدا، وطوال هذه الأيام أجبرت على استخدام (الحفاضات) لقضاء حاجتي، تم تغييرها مرتين فقط، وحرمتُ من الطعام، وكان الماء قليلا جدا، نصف كأس باليوم، وطوال فترة التّحقيق كنت مقيد اليدين، ومعصوب الأعين، ولاحقاً جرى نقلي من معسكر (سديه تيمان) إلى سجن (عسقلان)، فيه بقيت لمدة (45) يوماً، ثم جرى نقلي إلى معتقل المسكوبية لمدة (85) يوماً، ثم إلى سجن (عوفر)، وأخيراً إلى قسم (ركيفت) في سجن (نيتسان الرملة).”
أشار المعتقل إلى أنّ ظروف الاعتقال في قسم (ركيفت) الرملة هي الأشد صعوبة مقارنة مع جميع السجون التي نقل إليها على مدار فترة اعتقاله، في كل زنزانة يتواجد فيها ثلاثة أسرى، واحد من بينهم ينام على الأرض، الخروج إلى الفورة أي (ساحة السجن) تتم يوماً بعد يوم، خلالها نبقى مقيدين، علماً أن هذه المساحة لا تدخلها الشمس، وطوال وجودهم في (الفورة) يتعرضون للإهانة والإذلال، كما يمنع عليهم رفع رؤوسهم طوال (الفورة).
“لا نعلم متى تشرق الشمس ومتى تغيب”
   المعتقل (و.ن): “اعتقلت في شهر ديسمبر/ كانون الأول 2024، تم استجوابي من قبل جيش الاحتلال قبل نقلي إلى معسكر في غلاف غزة، تعرضتُ للتحقيق من قبل المخابرات، وتم تهديدي وضربي، ولاحقاً تم نقلي إلى سجن (الرملة)، أُعاني اليوم من مشاكل صحيّة، وآلام شديدة في جسدي، والأمر الذي يزيد من معاناتي هو إجبارنا الجلوس على الركبتين لفترة طويلة، كما أنني تعرضت لاعتداء جنسي من خلال ضربي عبر جهاز التفتيش على أجزاء حساسة من جسدي، اليوم نحن في عزلة تامة عن العالم الخارجي، لا نعلم متى تشرق الشمس، ومتى تغيب، يتم تزويدنا بملابس مهترئة وتالفة لكننا مضطرون على ارتدائها، محرمون من توفير ملابس داخلية، إلى جانب كل هذا يجبروننا على شتم أمهاتنا، ونتعرض للضرب والقمع، حيث تسبب ضربي خلال عملية نقلي إلى السجن بكسر أحد أصابعي، مع العلم أن السجانين يستخدمون أسلوب كسر الأصابع وقد حدث ذلك مع أكثر من معتقل”.
كسر الأصابع أسلوب لتعذيب المعتقلين
في نفس السياق أشار المعتقل (خ. د): إلى أنّه تعرض لتحقيق (الديسكو)، ولاحقا للتحقيق من قبل مخابرات الاحتلال، وتكرر ذلك من 3-4 مرات، وتعمدوا بشبحه على الكرسي لفترات طويلة، ورميه على الأرض وهو  مقيد، واستمر التحقيق معه لمدة 30 يوما في زنازين سجن (عسقلان)، وطوال هذه المدة تعرض للضرب المبرح، يعاني اليوم من مرض (الجرب -السكايبوس)، حيث أصيب به خلال احتجازه في سجن (عوفر) واستمر معه المرض بعد نقله إلى سجن (الرملة)، واليوم يعاني إلى جانب مرض (الجرب) أوجاع شديدة في الصدر تزداد حدتها جراء عمليات التقييد التي تتم إلى الخلف، وأشار المعتقل إلى أنّ إدارة السجن تعاقب الأسرى من خلال كسر إصبع الإبهام.
كاميرات داخل الزنازين توثق تحركات المعتقلين على مدار الساعة
أما المعتقل (ع.غ) فقد أفاد: “اُحتجزت لمدة (35) يوما في معسكر (سديه تيمان)، تعرضتُ لتحقيق (الديسكو) لمدة خمسة أيام، عند اعتقالي كنت أُعاني من إصابة ولم أتلق أي علاج، وأُصبت بحمى شديدة في بداية الاعتقال، وكنت طوال الوقت أصرخ من شدة الألم في جسدي، هذا بالإضافة إلى كوني أعاني من مشاكل في القلب وقد تعرضت لفقدان للوعي عدة مرات، وكانوا يكتفوا فقط بالتأكيد على أنني على قيد الحياة، في المرحلة الأولى من الاعتقال لم يكن لدي ملابس، أو غطاء كنت أشعر بالبرد الشديد كوني كنت محتجزا في (بركس) مفتوح من عدة جهات مما فاقم من معاناتي، على مدار 15 يوماً كنت مقيد اليدين ومعصوب الأعين طوال الوقت، ثم جرى نقلي لاحقاً إلى قسم (ركيفت) في سجن (الرملة)، في جميع الغرف هنا كاميرات توثق تحركاتنا بشكل دائم، يمنع علينا الصلاة، ويهددوننا طوال الوقت بالقتل، تشكّل عملية إخراجنا للفورة فرصة للسجانين للاعتداء علينا بالضرب المبرح وإهانتنا ونحن مقيدي الأيدي، لا نرى الشمس نهائياً، نجبر على شتم أمهاتنا، السجان هو من يقرر وقت الاستحمام والمدة، كل ثلاثة أيام يتم تزويد كل زنزانة بلفة ورق للحمّام، كما أنّ كميات الطعام قليلة جداً، نعلم أن هذا وقت الفجر من خلال قيام السّجانين بسحب الفرشات والأغطية”.
سجن ركيفت -الرملة واحد من بين سجون ومعسكرات استحدثها الاحتلال منذ الإبادة أو أعيد فتحها مجدداً لاحتجاز معتقلي غزة، نذكر أبرزهم: (سديه تيمان)، (عناتوت)، معسكر (عوفر)، (ركيفت) ومعسكر آخر افتتح لمعتقلي الضفة وهو معسكر (منشة)، وشكلت هذه المعسكرات العناوين البارزة لجرائم التعذيب، حيث حوّلها الاحتلال إلى حيزات لتعذيب المعتقلين جسدياً ونفسياً بشكل لحظيً.
يذكر أنّ عدد معتقلي غزة الذين اعترفت بهم إدارة سجون الاحتلال حتى بداية شهر نيسان/ أبريل 2025، بلغ 1747 ممن صنفتهم (بالمقاتلين غير الشرعيين)، وهذا المعطى لا يشمل جميع معتقلي غزة المحتجزين في المعسكرات التابعة لجيش الاحتلال، فقط يشمل من هم تحت إدارة السّجون.

الرابط المختصر:

مقالات ذات صلة