شكل حضور القضية الفلسطينية في فعالية “يوم الإنسانية” السنوي والتي احتضنتها العاصمة الفرنسية باريس، محوراً رئيسياً بارزا، حيث تم تسليط الضوء على الأزمات الإنسانية حول العالم والدعوة إلى حماية المدنيين، وفي هذا العام، كانت القضية الفلسطينية حاضرة بقوة، لتؤكد أن الإنسانية الحقيقية لا يمكن أن تتحقق بينما يُمارس التطهير العرقي والإبادة الجماعية ضد شعب بأكمله، وذلك بمشاركة وفد فلسطيني رفيع المستوى مثل منظمة التحرير الفلسطينية وشخصيات بارزة ومؤسسات وطنية، حيث رفعت المشاركة الصوت عالياً في وجه الظلم التاريخي والمستمر، و أكدت فلسطين أن قضيتها لم تعد شأناً محلياً، بل أصبحت قضية كل أحرار العالم.
وترأس الوفد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية رئيس دائرة حقوق الإنسان والمجتمع المدني أحمد سعيد التميمي، بعضوية رجل الاعمال منيب المصري ، رئيس منتدى فلسطين، أنور حمام وكيل دائرة شؤون اللاجئين، والاعلامخي ناصر أبو بكررئيس نقابة الصحافيين الفلسطينيين وأستاذ القانون الدولي منير نسيبة، والاستاذ قاسم عواد وكيل دائرة حقوق الإنسان في منظمة التحرير.
وفي مداخلة قوية، أكد أحمد التميمي أن هذا اليوم هو فرصة لإيصال الحقيقة الفلسطينية للعالم، قائلاً: “نحن نرفع صوتنا من أجل شعبنا، وندعو العالم للوقوف معنا في وجه الظلم التاريخي والمستمر، لقد آن الأوان لوضع حد للجرائم الممنهجة التي يتعرض لها شعبنا، فاليوم تنتصر السردية الفلسطينية على الادعاءات الإسرائيلية المضللة.” كما قدم التميمي شكره للسعودية وفرنسا على دورهما في دعم مبادرة حل الدولتين، معرباً عن أمله في أن يسهم هذا الدعم في تحقيق سلام عادل وشامل.
حق العودة وحماية اللاجئين
وبدوره قدم أنور حمام، وكيل دائرة شؤون اللاجئين مداخلته مركزا على قضية اللاجئين، وأن حق العودة هو حق فردي وجماعي غير قابل للتصرف وهو حق من حقوق الانسان، ومكفول بموجب القانون الدولي وقرار الأمم المتحدة رقم ، وأشار إلى أن وكالة الأونروا، التي تأسست بموجب القرار 302، تمثل اعترافاً دولياً بوجود قضية اللاجئين ومسؤولية المجتمع الدولي عنها، وشدد على ضرورة حمايتها، كما أدان حمام تدمير مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، رافضاً الشروط الإسرائيلية التي تُعرقل عودة النازحين.
واشار الى ان استهداف الاونروا هو استهداف لوضعية اللاجئ الفلسطيني وتعريفه، فقد قامت اسرائيل بتطبيق خطة ثلاثية الابعاد ومتدحرجة عبر التشويه والتضليل واصدار القوانين والاجراءات المانعة لعمل الاونروا وصولا الى محاولات البحث عن بدائل لاستبدالها وهذا يتناقض مع التفويض الدولي الممنوح لها وفقا للقرار 302.
تاريخ من النضال.. من وعد بلفور إلى غزة
من جانبه، تحدث رئيس منتدى فلسطين السيد منيب المصري عن الجذور التاريخية للقضية، مسلطاً الضوء على وعد بلفور باعتباره “الحدث المؤسس للظلم”، وأوضح كيف تمكنت الحركة الصهيونية من خداع العالم للحصول على الوعد عام 1917، وهي رسالة أعطت فلسطين لمن لا يستحقها، وتجاهلت حقوق الوجود الفلسطيني بشكل كامل، وطالب المصري بإعادة فتح هذا الملف في البرلمان البريطاني، ليعترف العالم بحجم الظلم الذي لحق بالشعب الفلسطيني.
حرب على الحقيقة واستهداف ممنهج للصحافة
كما تحدث رئيس نقابة الصحفيين الفلسطينيين، ناصر أبو بكر، عن الاستهداف الإسرائيلي الممنهج لقطاع الصحافة في فلسطين، واصفاً ما يحدث بأنه “حرب على الحقيقة” وجزء لا يتجزأ من حرب الإبادة الجماعية، وأوضح أبو بكر أن الاحتلال الإسرائيلي لم يكتفِ بقتل أكثر من 150 صحفياً في قطاع غزة والضفة الغربية منذ بدء العدوان، بل عمل على منع دخول الصحفيين الأجانب لإخفاء جرائمه عن العالم، وشدد على أن هذه الجرائم تشكل “إبادة صحفية”، تهدف إلى إسكات الصوت الفلسطيني ومنع نقل الواقع الميداني، وهو ما يعد انتهاكاً صارخاً لحرية الصحافة وحق الشعوب في المعرفة.
انتهاكات تتجاوز القانون الدولي
من جانبه، تحدث أستاذ القانون الدولي الدكتور منير نسيبة عن الانتهاكات الإسرائيلية التي تتجاوز كل مبادئ القانون الدولي الإنساني، وأكد نسيبة أن ممارسات الاحتلال، من استيطان وتدمير للمنازل وطرد للتجمعات البدوية، تُعد جرائم حرب واضحة، مشيرا إلى أن الحواجز العسكرية والبوابات الحديدية التي تقطع أوصال القرى والمدن الفلسطينية، بالإضافة إلى عمليات القتل والتنكيل بالأسرى، تمثل خرقاً فاضحاً للقانون الدولي، وشدد نسيبة على أن فلسطين، بصفتها دولة مراقبة في الأمم المتحدة، لها الحق الكامل في الحصول على العضوية الكاملة، وأن هذا الحق يجب أن يُفعل فوراً لتمكينها من حماية شعبها ومساءلة الاحتلال أمام المحاكم الدولية.
نداء عاجل وموحد
ومن جهته اوضح قاسم عواد وكيل دائرة حقوق الالنسان والمجتمع المدني ، ان الوفد الفلسطيني قدم نداءً عاجلاً وموحداً للمجتمع الدولي يتضمن المطالب بوقف فوري وشامل للحرب والإبادة الجماعية في غزة، ووقف التطهير العرقي في الضفة الغربية، والاعتراف بدولة فلسطين كاملة السيادة ومنحها عضوية كاملة في الأمم المتحدة، وتوفير حماية دولية عاجلة للشعب الفلسطيني. ومنع إسرائيل من مواصلة اقتحام مدينة غزة، لما يترتب على ذلك من كارثة إنسانية مستمرة ومجازر مروعة، داعيا الى المبادرة الفورية بإعادة الإعمار لكل ما دمره الاحتلال