التدخين.. والخيارات الأخرى
يُقدر، وفقاً لتقارير الهيئات الصحية الدولية، بأن استهلاك التبغ يتسبب في أكثر من 8 ملايين حالة وفاة سنوياً، فيما أعداد المدخنين تنخفض ببطء شديد، وفقاً للأرقام المسجلة التي تبين انخفاضاً من 1.36 مليار مدخن في عام 2000 إلى 1.25 مليار مدخن فقط في عام 2022، رغم الجهود المتواصلة لمكافحة التبغ طوال العقود الماضية. هذه النتائج التي يعتبرها العديد من الخبراء مخيبة للآمال تطرح التساؤلات حول إمكانية إحداث إختراق حقيقي في خفض مخاطر التدخين.
وفي هذا السياق، ينظر بعض الأطباء إلى أن إضفاء الطابع الطبي على علاجات التدخين يعتبر أحد الأسباب التي تجعل الكثير من الناس يستمرون في التدخين، فيما سيكون الإقلاع عن التدخين أسهل إذا تم اعتباره خياراً استهلاكياً بالأساس، وليس إجراء طبياً.
وفقاً لمركز الإدمان والصحة العقلية في تورنتو الذي يدير عيادة للإدمان على النيكوتين، فإن الاعتماد على النيكوتين (المعروف أيضاً بإدمان التبغ) يشمل عوامل جسدية ونفسية تجعل من الصعب التوقف عن استهلاك التبغ، حتى لو أراد الشخص المدخن الإقلاع، كما أن الأدوية والاستشارات السلوكية يشكلا نوعان رئيسيان من علاج الإقلاع عن التدخين، وكلما زاد الوقت الذي يقضيه الشخص في الاستشارات، زاد احتمال نجاحه في الإقلاع.
المنتجات البديلة.. خيار فعال
الواقع، أن إحدى مشكلات العلاج الطبي للإقلاع عن التدخين هي ما يتطلبه الأمر من المدخنين من حيث اعتبار أنفسهم مرضى يحتاجون لمشورة من متخصصين. كثير من المدخنين لا يعتبرون أنفسهم مرضى، ويشعرون بعدم الارتياح مع الأطباء، وهو شعور تزيد شركات الأدوية في تحفيزه، كونها تشجع الأطباء على وصف أدويتهم من خلال تمويل مؤتمرات الإقلاع عن التدخين.
وفقاً لتقارير كوكرين، إذا حاول 100 شخص الإقلاع عن التدخين دون استخدام أية أدوية أو منتجات نيكوتين، سينجح فقط 6 منهم. أما عند استخدام الأدوية، فيتراوح معدل النجاح بين 12-16% مع الفارينيكلين (Champix)، وبين 10-18% مع السيتيسين، وحوالي 9% مع البوبروبيون(Wellbutrin). وتأتي بعض هذه الأدوية بآثار جانبية غير مرغوبة. أما العلاجات البديلة للنيكوتين مثل اللصقات والعلكة، فتشير تقارير كوكرين إلى أن نسبة النجاح بالإقلاع باستخدامها تتراوح بين 8-9% فقط عند استخدام نوع واحد من العلاج، بسبب توفيرها لكميات قليلة من النيكوتين ببطء شديد.
هذا ويمكن أن تكون السجائر الإلكترونية، مثل غيرها من خيارات الحد من مخاطر التبغ، متاحة لجميع البالغين في متاجر البيع بالتجزئة، مما يسمح بالوصول إليها على نطاق واسع.
وتشير أبحاث أخرى إلى أن العلاج ببدائل النيكوتين يوفر فقط 30% إلى 75% من كمية النيكوتين التي يمكن الحصول عليها من التدخين التقليدي، ومع ذلك، يوصي بعض الخبراء بالاستمرار في تثبيط استخدام أنظمة توصيل النيكوتين الناشئة مثل السجائر الإلكترونية.
هذا أمر مثير للفضول، لا سيما عندما وجدت مؤسسة كوكرين البحثية في عام 2023 أدلة قوية تؤكد أن السجائر الإلكترونية التي تحتوي على النيكوتين، هي أكثر فعالية من بدائل النيكوتين التقليدية في مساعدة الناس على الإقلاع عن التدخين، مقابل ما وجدته دراسات أخرى بأن السجائر الإلكترونية أكثر فعالية بمرتين تقريباً مقارنة ببدائل النيكوتين الأخرى.
كما تشير تقارير كوكرين إلى أن نسبة النجاح في الإقلاع لدى التحول للسجائر الإلكترونية تتراوح بين 10-19%، وهي نسبة ليست أعلى بكثير من بعض الأدوية.
التنظيم الحالي لهذه المنتجات يعتمد على السياسة وليس العلم. في عالم عقلاني، يجب أن تتوفر السجائر الإلكترونية وأجهزة التبغ المسخن والمنتجات الفموية على نطاق واسع، إلى جانب إتاحة المعلومات الصحيحة التي تسمح للمستهلكين باتخاذ قراراتهم بناءً على مزايا كل منتج.